نظّمت جمعية هيئات المحامين بالمغرب وقفة احتجاجية أمام مقرّ وزارة العدل والحريات بالرباط، وذلك في ما عدته بداية (برنامج نضالي تصعيدي) ضد مشروع ميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي أعلنته الوزارة مؤخّرا. عزت الجمعية هذا الموقف في بيان إلى ما تعدّه إقصاء لها من جلسات الحوار الخاصة بهذا المشروع، الذي قالت إن خلاصاته الأولية شكلت (مفاجأة وصدمة) للمحامين، خصوصا في الشقّ المتعلّق بإصلاح مهنة المحاماة. ويتضمّن هذا الميثاق الذي سبق أن أعلن عنه وزير العدل والحريات مصطفى الرميد ستّة أهداف استراتيجية كبرى و36 هدفا فرعيا و200 آلية تنفيذ، وقال إنه يهدف إلى إرساء استقلال السلطة القضائية وترسيخ منظومة العدالة. وأكّد الميثاق -الذي شكل حسب الوزارة حصيلة حوار موسع شاركت فيه عدّة أطراف من تخصصات مختلفة في إطار (الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة)- أنه يهدف إلى معالجة الاختلالات في قطاع العدالة، خصوصا عبر تأهيل وتدريب القضاة والنواب العامين والمحامين، وتكريس الشفافية في التعيينات في المناصب والإجراءات التأديبية للعاملين في القطاع. وانتقد رئيس الجمعية حسن وهبي في لقاء صحفي أعقب الوقفة الاحتجاجية ضعف تمثيلية المحامين في اللجنة التي انكبّت على إعداد مشروع الإصلاح، مشيرا إلى أن الهيئة اكتشفت بعد مشاركتها في بداية الحوار (بحسن نية أن الأمر عبارة عن بهرجة، ومضيعة للجهد والوقت والمال). وذكر وهبي أن من أسباب انسحاب الهيئة من ذلك الحوار إصدار وزارة العدل والحريات مرسوما يقنن المساعدة القضائية داخل المحاكم من طرف واحد، واعتبر ذلك (مبادرة فردية وفرضا للأمر الواقع رغم أن الاتفاق كان مبنيا على تعميق النقاش في الموضوع). واتهم وهبي الوزارة بما سماه 0غياب إرادة سياسية حقيقية)، خصوصا تلك المتعلقة بتطبيق ما يتعلق بالقضاء في الدستور المغربي الجديد، مشيرا إلى أن المشروع الذي قدمته الوزارة اكتفى بالتطرق إلى الجزئيات. وكشف وهبي عن وجود تنسيق مع نادي قضاة المغرب، وهو هيئة تمثيلية للقضاة تعارض بدورها مشروع الوزارة، وكذا (انفتاح) على هيئة كتاب الضبط لتشكيل قوة ضغط على الحكومة من أجل الاستجابة لمطالبهم في إصلاح العدالة. وكان رئيس نادي قضاة المغرب ياسين مخلي الذي انسحب بدوره من الحوار حول المشروع اعتبر في تصريح سابق أن النقاش حول الميثاق سابق لأوانه لكونه ما زال يحتاج إلى تنزيل مقتضياته في النصوص التنظيمية، مضيفا أنه ما زال بحاجة إلى الانفتاح على جميع العاملين وإشراكهم في إصلاح منظومة العدالة عبر النقاش الذي سيتواصل في البرلمان. وفي أوّل ردّ فعل اعتبرت وزارة العدل والحريات، في بيان أن موقف الجمعية يظلّ (غامضا وغير مؤسس ويثير الاستغراب)، وقالت إن ذلك (يبرّر القول إنه يمثّل رفضا للإصلاح في حد ذاته أكثر منه رفضا لميثاق إصلاح منظومة العدالة). وأشارت الوزارة إلى أن الجمعية اكتفت ب (التعبير عن الرّفض المطلق لميثاق إصلاح منظومة العدالة دون بيان المقتضيات التي تعدها موجبة للرفض، ودون تقديم أي بديل للميثاق الذي كان نتاجا لحوار طويل وشامل وعميق ساهم فيه المحامون في جميع أطواره بشكل مكثف ومسؤول). وترى الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي إصلاح منظومة العدالة أحد أهم تحديات برنامجها بسبب الانتقادات الكثيرة التي توجّه لهذا القطاع.