ازدادت نار الفتنة اشتعالا بولاية غرداية بسبب دخول جهات مشبوهة على الخطّ وسعيها لاستغلال الوضع سياسيا، الأمر الذي دفع العديد من الأحزاب والفعاليات النّاشطة في الساحة السياسية إلى الخروج عن صمتها والتعبير عن استيائها ممّا يحدث في المنطقة، معبّرة عن خوفها من تأزّم الوضع ودخول المنطقة في متاهات أكثر خطورة. هبّت التشكيلات السياسية ورؤساء الأحزاب هبّة واحدة من أجل إطفاء نار الفتنة في ولاية الجنوب الجزائري ولاية (غرداية) من خلال طلب التحلّي بالرّأي السديد وعدم ترك المجال أمام من يرغبون في جرّ الجزائر إلى (شتاء عربي). وفي هذا الإطار، دعا الدكتور أحمد فوراية رئيس حزب جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة كلّ المواطنين ولاية غرداية إلى التحلّي بالصبر والتريّث والعقلانية، وأن ينتبهوا إلى الوضع جيّدا، وأن لا يتركوا بعض الجهات الأجنبية تغرس الفتنة في بلدهم الجزائر، وأن يبقوا على عهد آبائهم الشهداء والمجاهدين، وأن يعطوا مثالا حيّا في حماية وطنهم لغيرهم، وأن يسبقوا في حماية الجزائر أوّلا قبل كلّ شيء، مدافعين بمواطنتهم عن وطنهم، فكلّ الشعوب لها مشاكل ولكن الحكمة تقول (لنستحضر العقل والتعقّل في الحفاظ عن الدولة والبحث عن الحلول السلمية لحلّ كلّ مشاكلهم). وحذّر المتحدّث من العواقب الوخيمة التي تنتج عن عدم الاهتمام بالمطالب والمشاكل الاجتماعية للمواطنين، من بينهم فئة الشباب الذين همّشوا في بلادنا، داعيا كلّ شباب الجزائري في نفس الوقت إلى أن يكونوا امتدادا لرسالة الشهداء وتكملة لوصية المجاهدين ووفاء لبيان الخطّ النوفمبري واقتداء بخطّ الفكر الباديسي، على حد تعبيره. كما قال فوراية في بيانه إن الجزائر بحاجة فعلا إلى هذا النموذج الذي بإمكانه خدمة البلاد والعباد، والذي سيكون النقلة النّوعية في التغيير الإيجابي الذي يأمله الشعب الجزائري صاحب أعظم الثورة التي أبهرت العالم بكله، حسبه. وأضاف فوراية من خلال بيانه: (كما تعلمون فإن كلّ ما يحدث في الوطن العربي اليوم هو مخطط لتفكيك وتمزيق الأمّة العربية لسلب خيراتها وسفك لدماء شعوبها وطن بعد وطن، فكلّ ما نعيشه هو مؤامرات أجنبية من صنّاع مخابرها، فلا حلّ في سوريا ولا في مصر ولا في تونس وغيرها من البلدان العربية إلاّ المصالحة الوطنية والتفاهم والتفويت الفرصة على الأعداء هذه المصالحة التي تحقن دماءهم ودماء مواطنيهم وحماية أوطانهم، وأدعو كلّ الشعوب العربية إلى مباشرة مسار سياسي لإيجاد حلّ للأزمات التي يعيشونها، وأن لا يخرّبوا بيوتهم بأيديهم). من جانب آخر، قام العديد من رؤساء الأحزاب بدعوة سكان ولاية غرداية إلى التحلّي بالحكمة والتريّث وعدم التهوّر في مثل هذه الأمور التي قد تؤدّي إلى الحضيض، وذلك عن طريق مواقعهم الرّسمية لشبكة التواصل الاجتماعي (الفايس بوك)، وتذكيرهم بالجهود التي بذلها أسلافنا من أجل الحفاظ على هذا الوطن الغالي. ويرى متتبّعون أن ما تشهده هذه الولاية الواقعة في قلب الجزائر في الآونة الأخيرة ليس مجرّد احتجاجات وأعمال شغب عادية، بل مخطط جهنّمي يرمي إلى حرق غرداية بالكامل أوّلا ومن خلال ذلك جرّ الجزائر إلى (شتاء عربي) عاصف بعد أن فشلت محاولات ومناورات سابقة لجرّها إلى متاهات ما سمّي بالربيع العربي. وإذا كان ينبغي الإقرار بوجود أخطاء وتجاوزات من هذا الطرف أو ذاك فإن الأكيد هو أن هذه الأخطاء والتجاوزات مهما بلغت حدّتها لا تبرّر حرق غرداية بالكامل ومن ورائها التغرير بالجزائريين وزعزعة استقرار بلادهم. أبناء غرداية يتّفقون على أن منطقتهم تعيش أسوأ وأحلك أيّامها: فتنة مقيتة، حرق وتخريب ونهب وسرقة وتدمير وترويع الآمنين، إضراب عامّ للتجّار ونفور تامّ للسيّاح عن المنطقة، انتشار الإشاعات المغرضة وأولو الأمر عجزوا حتى الآن عن وضع حدّ لفتنة يُخشى أن تأتي على الأخضر واليابس.. فالهدوء مطلوب والحكمة واليقظة أيضا.