من المنتظر أن تفتح محكمة جنايات العاصمة بداية شهر فيفري القادم واحدا من أخطر الملفات الأمنية، ويتعلّق الأمر بشبكة دولية تحترف تزوير الوثائق الإدراية والرّسمية لصالح الجماعات الإرهابية الناشطة في الجزائر لتسهيل تحرّكاتهم، حيث ضبطت مصالح الأمن في منزل المتّهم الرئيسي (ب.م) بطاقتي تعريف تخصّان إرهابيين مبحوث عنهما، الأولى للمسمّى (ز. رابح) والثانية للمسمّى (ب. بغداد) والبطاقة الرمادية الخاصّة بالإرهابي (ع. محمد)، أختام رسمية تابعة لوزارة الدفاع الوطني ووزارة العدل، إلى جانب أختام خاصّة بالمديرية العام للأمن الوطني. وُجّهت للمتّهمين الذين ينحدرون من عدّة ولايات من الوطن وحتى من فرنسا تهم ثقيلة تتعلّق بجناية الانخراط في جماعة إرهابية، التزوير واستعمال المزوهر، تكوين جماعة أشرار، تقليد أختام الدولة، حمل سلاح، التزوير في هياكل السيّارات والانضمام إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تحت قيادة عبد المالك درودكال، حيث من المتوقّع أن تكشف جلسة محاكمتهم كيفية انتمائهم إلى شبكات التزوير الدولية المحترفة وسرقة السيّارات الفخمة، إلى جانب استعمال العناصر الإرهابية أختام الدولة خلال تنقّلاتهم الميدانية وتقليد أختام هامّة لمؤسسات حسّاسة في الدولة، أبرزها وزارة الدفاع الوطني، المديرية العامّة للأمن الوطني ووزارة العدل وعدّة هيئات رسمية أخرى. وحسب ما ورد في قرار إحالة المتّهمين على العدالة فقد تمكّنت مصالح الأمن من حجز بطاقتي تعريف وبطاقة رمادية خاصّة بثلاثة إرهابيين ينتمون إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ويتعلّق الأمر بكلّ من (ز. رابح)، (ع. محمد) و(ب. بغداد)، إضافة إلى محجوزات أخرى نسبت إلى الجماعات الإرهابية، من بينها وثائق مزوّرة تسمح بتنقّل الإرهابيين الأجانب على غرار الليبيين والتونسيين والمغاربة، حسب ما جاء في التحقيق. تمكّنت مصالح الأمن أثناء عمليات تفتيش منزل المتّهم الرئيسي (ب.م) من حجز عدّة أختام مزوّرة، من بينها ختم دائري خاص بالأمن الوطني الحضري بالمرادية، والذي صرّح بخصوصه أثناء التحقيق بأنه قام باستنساخه واحتفظ به على مستوى جهاز الكمبيوتر لاستعماله في أيّ تصريح ضياع، كما تمّ العثور أيضا على ختم دائري لوزارة الدفاع الوطني خاص بالجيش الوطني الشعبي مديرية المستخدمين، والذي تمّ استخدامه في حال توفّر طلب على أيّ نسخة خالية بالمؤسسة. كما تمّ في السياق نفسه حجز ختم خاص بوزارة العدل تابع لمجلس قضاء المدية، حيث استعمل في عدّة عمليات تزوير، حسب تصريحات المتّهم، إضافة إلى استخدامه الختم الخاص بدائرة بئر مراد رايس، والذي يحمل عبارة (عن الوزير وبتفويض من رئيس دائرة بئر مراد رايس)، زيادة على عثور أعوان الأمن على شهادتي ميلاد مختومتين بختم وزارة الخارجية وسبع بطاقات رمادية خاصّة بعدّة سيّارات تمّ تزوير أرقام هياكلها، فيما تمّ حجز في منزل ذراعه الأيمن المدعو (السبتي) أختام مختلفة لعدّة هيئات رسمية. وتوصّلت التحرّيات إلى أن العصابة كانت تنشط عبر عدّة ولايات بالوطن بداية من العاصمة ووصولا إلى الغرب الجزائري وإلى تيسمسيلت وبومرداس وباتنة، وكانت مهمّتها الرئيسية القيام بسرقة السيّارات بمختلف أنواعها وتزوير لوحاتها وتغيير ترقيمها التسلسلي بسيّارة أخرى مشابهة تكون غير صالحة للاستعمال، حيث يتمّ بيعها في أسواق التجزئة أو قطع الغيار. كما كان عناصر العصابة يقومون بكراء السيّارات من الوكلاء الخاصّين ثمّ يستنسخون مفاتيحها، ليقوموا فيما بعد بسرقتها عن طريق ترصّد السيّارة أثناء دخولها أو خروجها من الوكالة وتهديد سائقها بأسلحة نارية. وقد أثبت التحقيق أن من بين الوكالات المستهدفة شركة (نيسان) بسيّاراتها ذات الدفع الرباعي، إضافة إلى تزوير عدّة سيّارات أبرزها سيّارة من نوع (305) أحضرها المتّهم (ك.ت) من فرنسا عبر الميناء. وتجدر الإشارة إلى أن القضية عادت بعد الطعن بالنقض لدى المحكمة العليا.