لم يكن قرار القضاء على الأسواق الفوضوية فألا حسنا على التجار النظاميين فقط بعد أن تقرر به رجوع زبائنهم المعهودين إليهم ومن ثمة زيادة مداخيلهم، بل انعكس بالإيجاب أيضا على بعض الأزواج وحكم على زوجاتهم بالمكوث بالبيت، وهو ما استحسنوه بعد أن ضاقوا ذرعا بالتنقلات اليومية لزوجاتهم باتجاه تلك الأسواق الفوضوية بالنظر إلى الفرص الثمينة المحققة على مستواها وجلبهن لعدة أغراض بأثمان معقولة وهناك من النسوة من أصابهن الإدمان على تلك الطاولات المنتشرة عبر العاصمة على غرار سوق باش جراح وسوق ساحة الشهداء. وبعد أن اتخذ قرار القضاء عليهما اغتاظت العديد من النسوة كونهن اعتدن على التنقل إليهما بصفة يومية لاقتناء حاجياتهن والتنزه وتفقد كل السلع المعروضة بتلك الطاولات بأثمان بخسة لاسيما في المواسم والأعياد بحيث تتنوع في تلك الفترات السلع المعروضة بتلك الطاولات. وسقط خبر القضاء عليهما كالصاعقة على مسامعهن بعد العشرة التي ربطتهن بتلك الأسواق لسنين. ويختلف الأمر بالنسبة لأزواجهن الذين ابتهجوا وفرحوا كثيرا لسماع الخبر كون أن ذلك سيريحهم من تنقلات زوجاتهم اليومية باتجاه تلك الأسواق بحاجة وبغير حاجة، فهناك نسوة كثيرات اعتدن على القيام بجولات عبر تلك الطاولات ولا تتحقق نشوتهن إلا بالإقدام على ذلك من باب العادة، ولا يحسسن بنشوة التسوق إلا على مستوى تلك الأسواق على غرار سوق باش جراح وساحة الشهداء، ذاك الأخير الذي يجلب الزبائن من كل حدب وصوب، فكانت مصيبة النسوة في إلغاء تلك الأسواق بمثابة الفرج لأزواجهن الذين اشتكوا كثيرا من هوس زوجاتهم بتلك الأسواق الفوضوية وتنقلهن الدائم إليها مما شكل لهم عائقا من جراء التكاليف التي يثقلن بها كواهلهم. فالذهاب إلى السوق يعني تزويدهن ببعض المصاريف لاقتناء شتى الأشياء والمستلزمات لذلك سعدوا لقرار الإلغاء الذي أراحهم من كل الأعباء وحكم على زوجاتهم بالمكوث في البيت بالنظر إلى ضجرهن من خلو تلك الأماكن التي لم تعد بعض النسوة تحتمل التنقل إليها بعد أن أضاع عليهن القضاء على تلك الطاولات فرصا ثمينة في التجوال واقتناء شتى المستلزمات بأسعار تنافسية. تقول السيدة صورية في العقد الرابع أنها كثيرا ما تنقلت في ساحة الشهداء بحكم أنها تقطن بمنطقة باب الوادي إلا أن تنقلها إلى ذلك السوق بدأ يتناقص شيئا فشيئا لاسيما بعد القضاء على تلك الطاولات التي كانت تحاذيه وصولا إلى جامع اليهود وزنيقة العرايس، وهي ترى أنها لو تنقلت فإن ذلك سيزيد من حنينها لتلك الطاولات خاصة بعد أن يقابلها خلو المكان ووحشته والفراغ الذي تركته تلك الطاولات وقالت أنها قللت من خرجاتها، الأمر الذي استحسنه زوجُها ورضي كثيرا للقضاء على تلك الطاولات التي استنزفت جيبه لمدة طويلة وسجل غياب زوجته عن المنزل. أما السيد مروان فقال أن زوجته اغتاظت كثيرا للقضاء على تلك الأسواق التي كانت بلسمها الشافي في الكثير من الأحيان وبها تملأ فراغها بعد تنظيم خرجات إليها تكاد تكون يومية، لتأتيه محملة بشتى الأغراض وكلها سرورا في جليها بأبخس الأثمان، لكن اليوم تغير الحال وجاء اليوم الذي تغادر فيه تلك الطاولات أمكنتها بعد العشرة المطولة التي جمعت زبائنها بها، وهو ليس بالأمر السهل بدليل تناقص توافد الزبونات على تلك الأسواق بعض القضاء على الطاولات، وقال انه هو شخصيا استراح لذلك القرار الذي من شأنه المحافظة على ميزانيته وكذا الاحتفاظ بزوجته في البيت.