شهد الاحتفال بعيد الحب انتشارا كبيرا في الآونة الأخيرة في الجزائر، حيث تكتسي الشوارع والأزقة حلّة حمراء، كما اتخذ العديد من الأزواج والمحبين من يوم14 فيفري من كل سنة أو ما يسمى ب(سان فالنتان)، عيدا لهم يتبادلون فيه الهدايا وعبارات العشق والغرام وإظهار الأحاسيس الفياضة وحبهم الرومانسي، لكن كيف يحتفلون بالحدث ويجهلون قصته، ولماذا يتبعون أعراف وتقاليد دخيلة عن مجتمعنا الجزائري وعن ديننا الحنيف؟ حسيبة موزاوي يحيي بعض الجزائريين في مناطق مختلفة هذا العيد الذي يصادف يوم غد الجمعة بجهل تام، حيث لا يعلمون حقيقته التي ترتبط بذكرى القس فالنتاين الذي كان يزوج الجنود خفية عن الإمبراطور كلاوديس الثاني، هذا الأخير الذي توصل إلى أن الانهزامات التي مني بها جيشه سببها أن الجنود كانوا يظلون مرتبطين بحبيباتهم وزوجاتهم، وأن بالهم كان معهم طوال وقت الحروب، لذلك فرض عدم تزويج الجنود، لكن لم تمر مدة طويلة حتى افتضح أمر القس فالنتاين الذي كان يزوجهم خفية، وحكم عليه بالإعدام في 14 فيفري من عام 207 م لتكون هذه بداية الاحتفال بعيد الحب إحياء لذكرى القديس الذي دافع عن حق الشباب في الحب والزواج. هنا حاولنا التذكير بهذه القصة الواقعية التي ابتدع من ورائها الاحتفال بعيد الحب، ليس لبطولة القس أو لأمر آخر، إنما من أجل توضيح الدوافع التي ساهمت في ابتداع هذا الاحتفال، لاسيما وأن كثيرين يجهلونها. واقع مؤلم لمفهوم الحب! ومن هذا المنطلق خرجنا إلى شوارع العاصمة لرصد آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض لفكرة الاحتفال بعيد الحب، حيث أبدى العديد من الأفراد ممن قامت أخبار اليوم باستطلاع آرائهم رفضهم للاحتفال بهذا اليوم، ومنهم من يعتبر هذا اليوم عاديا ولا يجدون فيه أي حرج ويعتبرونه مناسبة جميلة يحتفل بها كل شخص للتعبير عن المحبة والحنان والود للشخص الذي يحبه، ومنهم من اعتبروا هذه المناسبة عادية وليس هناك داعٍ للاحتفال بها، مشيرين إلى أن الإنسان يحب شريكه أو شريكته طول السنة ولا يجب تحديد الحب في يوم أو نصف يوم فقط وقد أكد هؤلاء أن مثل هذه المناسبة يمكن اعتبارها سخيفة كونها غريبة ودخيلة عن تقاليدنا وعاداتنا الجزائرية. ومنهم من اعتبروا أن هذه المناسبة دخيلة على مجتمعنا وتقاليدنا، وأنها بعيدة عن ديننا الإسلامي الذي يحرم تقليد الكفار في احتفالاتهم، وأكدوا بأن هذه المناسبة لا علاقة لها بالمسلمين ولا علاقة لها بالحب وهي مرتبطة فقط بالكفار الذين عملوا على نقل هذه المناسبة إلى الشباب المسلمين من أجل تمويههم عن دينهم وعاداتهم. البداية كانت مع (كريم) الذي أكد لنا قائلا (هذا الاحتفال بدعة لا أساس لها وتقليد للغرب وهو محرم لقوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين)، وشاطره في الرأي (محمد) الذي اعتبره إفسادا للأخلاق والقيم وشغل العقول بأمور تافهة عوض شغلها بعبادة الله وطاعته.، في حين أكدت (سهام) لنا قائلة (الحب موجود طوال أيام السنة والاحتفال به في هذا اليوم بالذات هو تقليد للغرب)، أما (لامياء) تعتبر فالنتيان كباقي المناسبات إذ تفرض على خطيبها أن يجلب لها هدية ذات قيمة، وذلك حتى تتأكد حسبها من حبه العميق لها. التجار أكثر الرابحين! وفي هذا الصدد قمنا بزيارة ميدانية إلى بعض المحلات التجارية أين لاحظنا أن هدايا العشاق في عيد الحب تختلف حسب الإمكانيات المادية التي يتمتع بها كل واحد منهم، هي العبارة التي بادرنا بها (سمير) بائع هدايا في باب الزوار، حيث أخبرنا أن الزبائن يقبلون على مختلف أنواع القلوب وكل ما هو أحمر، وقد زين واجهة محله بهدايا في متناول الطلبة الجامعيين والثانويين فهم الفئة الأكثر إقبالا عليها، فهناك دببة صغيرة تحمل قلوبا حمراء أسعارها تتراوح مابين 250 و450 دج حسب الحجم، شموع ملونة داخل كؤوس زينت بشرائط لامعة ب250 و300 دج، مستطردا أن مصابيح غرف النوم الحمراء هي الأخرى مطلوبة بكثرة في يوم عيد الحب وأسعارها تصل حتى 3500 دج. أما (خالد) والذي يعمل في محل للهدايا بأول ماي منذ أكثر من 5 سنوات، صرح أن العشاق في عصرنا الراهن ابتكروا هدايا حديثة، فمنهم من يفضل إهداء حبيبته كأسا يحمل صورتها مع إضافة بعض القلوب وهي هدية بسيطة لا تكلفه سوى 600 دج وهناك من يفضل وضع صورتهما معا داخل قلب على وسادة حمراء أو قميص بأسعار تتراوح مابين 1200 و1500 دج. كما تحظى الشكولاطة أو كما يطلق عليها (فاكهة العشاق) في هذا العيد بمكانة خاصة في قلوب المحبين، وهو ما جعل محلات الحلويات في حالة استنفار قصوى هي الأخرى، وهو ما أطلعتنا عليه عاملة بباب الزوار (سنحضر كيكات خاصة على شكل قلوب ثمنها يتراوح مابين 750 إلى 1200 دج بأطعمة مختلفة كالفراولة، الشكولاطة وهو مرشح للتضاعف حسب حجم الكعكة)، مستدركة أن الأغلبية يفضلونها وردية، أما الشكولاطة فهناك علب خاصة بأذواق مختلفة منها الفاخرة (فيريرو روشيه) الصغيرة ب650 دج والماركات الأخرى يصل ثمنها حتى 3500 دج. ومن جهتهم، انتهز باعة الورود المناسبة لعرض مختلف التشكيلات والباقات الجميلة، ورغم ارتفاع سعر الورود في فصل الشتاء إلى 150 دج للوردة الواحدة، وهو مرشح للتضاعف أكثر يوم عيد الحب حسب ما ذكره لنا بائع ورود في برج الكيفان، إلا أن الإقبال عليها يكون كبيرا فهي رمز الحب وعربون المحبة الدائم عبر مختلف الأزمنة ولذا حضروا باقات خاصة تتراوح أسعارها مابين 1200 و1500 دج، مضيفا أن هناك من العشاق من يفضلون تبادل الورود البلاستيكية لأن أسعارها منخفضة 60 دج وتدوم لفترة أطول. لكن المؤلم أن الأمور لا تتوقف عند الورود والشوكولاطة والدببة، بل تتعداها في كثير من الأحيان إلى ممارسات شاذة عن ديننا ومجتمعنا تؤدي إلى عواقب وخيمة. فلم تعد الحدائق العمومية كافية للعشاق من أجل أن يقضوا فيها ساعات الحب الماجن، بل تعدت إلى الفنادق والمطاعم، حيث بات الاحتفال بعيد الحب داخل غرف الفنادق الفاخرة يسبق بعشاء دسم تستثمر فيه كل عبارات الإطراء من رجال أحكموا خططهم للظفر بفرائس لا تبالي أي منقلب ستنقلب بعد انتهاء مواعيد الغرام..! هذا في الوقت الذي غزت فيه بعض التعليقات في بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أياما قبل عيد الحب، تقول في مجملها (أنا مسلم إذن أنا لا أحتفل بعيد الحب)، وذلك تأكيد صريح وواضح من القائمين عليه، بأن هذا العيد لا يرتبط بديننا الحنيف ولا يمت له بصلة. وأشار الشيخ (عبد القادر حموية) إمام بمسجد بلوزداد أن الاحتفال بعيد الحب هو أمر منافي للدين والشريعة والعقيدة الإسلامية، معتبرا أنه خطر عقائدي على الإسلام والمسلمين وله أبعاد عقائدية وثنية متأصلة في البلدان المسيحية فالأعياد في الإسلام هي عيد الأضحى، الفطر والجمعة من كل أسبوع، موضحا أنه عبارة عن تقليد غربي أعمى، ولأن يوم الاحتفال بعيد الحب ترتكب الكثير من المنكرات ويشيع الفساد أجمع الأئمة على حرمانيته وعدم جوازه فهو يتنافى مع أخلاق المسلمين. كما نوه الإمام (عبد القادر حموية) لأهمية المحبة وارتباطها ارتباطا وثيقا بالديانة الإسلامية ولله عز وجل بالدرجة الأولى ورسوله وأهل بيته والصحابة ثم الأهل والأقارب.