خرجة ميدانية ل«آخر ساعة" مع عمال مؤسسة عنابة نظيفة سجلنا حجم المعاناة و المخاطر التي تحدق بعمال النظافة في ظل غياب الوعي لدى المواطنين ،بحيث رغم كل ما يحيط بهم من مصاعب إلا أنهم يعملون بجد كما أن البسمة لم تغادر محياهم رغم التعب والتصرفات اللامسؤولة من بعض المواطنين. صالح. ب بداية الخرجة كانت عند الساعة الثامنة مساء من موقف حافلات رفع القمامة ببلدية البوني حيث قمنا بجولة تفقدية مع نائب مدير مؤسسة عنابة نظيفة مراد برجم على الأحياء التي سيتم رفع القمامة منها ويتعلق الأمر بأحياء بوخضرة 3 ثم البوني وسط ثم بوزعرورة وبعدها العودة إلى موقف حافلات رفع القمامة بالبوني،أين انطلقت أربع شاحنات عند الثامنة والنصف في كل شاحنة تعداد يتكون من ثلاثة عمال موزعين على أحياء بوخضرة 2،البوني 1 والبوني 2 وبوزعرورة،وببوخضرة بدأنا نسجل حجم معاناة عمال النظافة حيث تجد حاويات القمامة في بعض الأحيان فارغة و الفضلات مرمية على الأرض أو حاويات ممتلئة لكن تم إسقاطها على الأرض والتي في الكثير من المرات تكون بسبب الأبقار التي زادت الطين بلة ،لكنهم رغم ذلك تجدهم لا يغادرون زاوية أو شارع إلا وتركوه نظيفا ،بعدها تنقلنا إلى البوني وسط حيث تكون المهمة أصعب من الحي السابق بسبب الإزدحام والقمامة المنتشرة في كل مكان بسبب أصحاب المحلات و سوق البوني الفوضوي الذي يعرف اكبر انتشار للفضلات ،أما ببوزعرورة فإن المشكل يتمثل في الطرقات الضيقة والمهترئة و غياب الإنارة العمومية إضافة إلى عدم استغلال المواطنين في الكثير من الأحيان حاويات القمامة ورمي الأوساخ في الأرض إضافة إلى حرق أغلب الحاويات ما زاد من تعب العمال ،الذين تجدهم رغم ذلك يعملون والابتسامة على وجوههم ،وبعد الجولة الأولى يتم أخد الفضلات لتفريغها في مفرغة البركة الزرقاء بحجر الديس حيث يتم وزن حجمها في الأول ثم يتم تفريغها ،في حين يتم تفريغ النفايات بمفرغة طاشة ببرحال ،وبعد ساعتين أو ثلاث ساعات من العمل وتفريغ الفضلات بالمفرغة ،يعود العمال للقيام بجولة ثانية بعد أن يكون الإزدحام قد خف قليلا و المحلات قد أغلقت ،لكن الأمر الذي تعجبنا منه هو عودة الفضلات إلى سابق عهدها في أغلب الأماكن خاصة بالبوني وسط وهو ما جعل الكثير من علامات الإستفهام تحوم حول سبب هذه الأفعال من بعض المواطنين ،لكن على الرغم من كل ذلك يتم رفع هذه الفضلات وإعادة الوجه الناصع لشوارع البوني ،وهذا وسط مراقبة دقيقة من طرف كل من حمدي و شمس الدين ورشيد، الذين تجدهم بعد كل عملية حمل للقمامة يقومون بجولة تفقدية من أجل ضمان عدم بقاء أي شيء قد يتسبب في استياء المواطن الذي يبقى ارضاءهم وضمان سلامتهم هدفهم الأول، وبعد ساعات من العمل الشاق وضمان نظافة جميع الأحياء يأتي وقت العودة إلى المنازل بعد منتصف الليل بساعة أو ساعتين. 60 طنا حجم القمامة التي يتم حملها يوميا من جهته نائب مدير عنابة نظيفة مراد برجم كشف لنا أنه يتم يوميا رفع مابين 50 و 60 طنا من النفايات يوميا بالبوني حيث يكون هناك فريق يعمل في الفترة الصباحية ويقوم بتنظيف هذه الأحياء على غرار بوخضرة وبوسدرة و البوني وسط وفي الليل يأتي دور فريق آخر يقوم برفع القمامة عن أحياء بوخضرة 3 و البوني وسط و بوزعرورة أي تقريبا يتم حمل ما يقارب 1800 طن من القمامة شهريا ،كما أكد لنا أن العمل في فصل الصيف يكون متعبا أكثر من فصل الشتاء وأن الفضلات تزداد بمعدل كبير نظرا لإستغلال المواطنين الأطعمة التي تخلف فضلات كثيرة على غرار البطيخ الأحمر و والأطعمة المعلبة و العجائن ،وأضاف أنه تم تخصيص مبلغ يقدر ب مليارا و800 مليون على حاويات القمامة بمختلف الأحجام والبالغ عددها 1100 حاوية ،لكن الإشكال حسبه يبقى في الخسائر التي يتكبدونها في كل مرة بسبب حرق هذه الحاويات والتي كان من المفروض أن تبقى مدة ثلاث سنوات في الخدمة لكن في الغالب يتم إتلافها قبل مرور سنتين على وضعها وهو ما جعلهم يعانون من هذه الناحية حيث أن ثمن الحاوية الواحدة يبلغ 5 ملايين ومن أجل تعويضها يتطلب الوقت أربعة أشهر كاملة خاصة على اعتبار أنها ألمانية الصنع ،وفي ظل هذا المشكل اضطروا لوضع حاويات حديدية من أجل تجنب حرقها في كل مرة وهذا رغم المشاكل التي تسببها للعمال و ثمنها المرتفع حيث يبلغ سعر الواحدة 8 ملايين.وبخصوص العتاد المخصص لعملية حمل القمامة أخبرنا بأنه هناك ثماني شاحنات كباسة وشاحنة كناسة ،والشيء الذي يعيقهم هو عدم توفرهم على موقف خاص بهم حيث تم منحهم جزء من الموقف التابع لبلدية البوني. صعوبات جمة يتكبدها العمال يوميا يضاف إليها غياب الوعي لدى المواطن من جانب آخر يتكبد عمال النظافة يوميا مخاطر و صعوبات جمة من بينها الإصابات التي يتعرضون لها في الكثير من المرات والتي كان آخرها إصابة عامل بإبرة حقنة كانت موضوعة في كيس القمامة التابع لمستشفى البوني والتي استدعت اجراءه عدة فحوصات خوفا من إصابته بمرض خطير حسبما أكده لنا ،إضافة إلى الأبقار المنتشرة بأحياء بوخضرة 3 و بوزعرورة والتي تتسبب في إسقاط حاويات القمامة و توزيع الفضلات هنا وهناك ما يجعلهم يجدون أنفسهم يقومون بأعمال أخرى ،بالمقابل تتضاعف المهام على عمال النظافة الذين يتكاثف نشاطهم هاته الأيام في مهنة يكتنفها الكثير من الصعوبات و يعرّض العاملين للعديد من التصرفات اللامسؤولة من طرف مواطنين لا يقدّرون مهنة أناس يسهرون على راحتهم و نظافة الشوارع و المحيط ،هذا وتبقى نفايات الأسواق والمحلات التجارية الكبيرة تشكل حصة الأسد من القمامة التي تشوه شوارع الأحياء و تأخذ الجهد الكبير من عمال النظافة خصوصا ما تعلق بالأسواق الفوضوية و التي يزيد نشاطها في فصل الصيف إذ الكثير من التجار و بعد انتهائهم من عمليات البيع لا يكلفون أنفسهم عناء رفع و لو القليل منها ليتركوها ديكورا يزين الشوارع في انتظار مجيء عمال التنظيف ،هذا إضافة إلى غياب الوعي لدى أغلب المواطنين الذين تجدهم يتركون حاويات القمامة فارغة ويرمون أكياس فضلاتهم على الأرصفة والشوارع ،أو يتركون شاحنات رفع القمامة تمر ثم يرمون الفضلات رغم أنها كانت أمامهم وهو ما لاحظناه بأم أعيننا أثناء الجولة التي قمنا بها معهم ،فيما يقدم البعض الآخر على حرق الفضلات رغم أن عمال النظافة لم يمروا بعد لرفعها وهو ما يجعل الخطر يحدق بهم، خاصة في وجود قارورات العطر أو مضادات الحشرات القابلة للانفجار في أية لحظة، لذلك يكون الحذر مضاعفا في ظل هكذا تصرفات لا مسؤولة من بعض المواطنين الذين ينقصهم الوعي. ستة أشهر كانت كفيلة من أجل إعادة الوجه المشرق للبوني رغم أنه لم يمض على توقيع مؤسسة عنابة نظيفة اتفاقية مع بلدية البوني لرفع الفضلات عنها سوى ستة أشهر إلا أنهم وخلال هذه الفترة الوجيزة تمكنوا من إعادة الوجه المشرق لبلدية البوني والقضاء شبه الكلي على الفضلات بالمناطق التي تدخل حيز الخدمة، فيما دخلت منطقة سيدي سالم حيز الخدمة خلال اليومين الماضيين بعد أن تم تكليف المؤسسة بمهمة رفع الفضلات عنها وهو ما قد يساعد على جعل هذه المنطقة قبلة سياحية بإمتياز نظرا للمناظر الخلابة التي تحتوي عليها المنطقة،وبخصوص باقي البلديات فإن المؤسسة تعمل خطوة بخطوة وفي حال توفر الإمكانيات والدعم اللازم فإنها ستتكفل بجميع المناطق خاصة أن هدفهم هو عنابة نظيفة،وبخصوص بلدية سيدي عمار فإنها هي الأخرى ستكون معنية بالعملية في المستقبل القريب. العمال يطالبون المواطنين بمساعدتهم ولو بكلمة طيبة من جهتهم طالب عمال عنابة نظيفة المواطنين إلى ضرورة التحلي بالوعي ومساعدتهم ولو بكلمة طيبة وضرورة الالتزام بمواعيد إخراج الفضلات وعدم رميها على الأرض خاصة أن هناك حاويات مخصصة لذلك ،كما عبروا عن سعيهم لخدمة المدينة وإزالة الفضلات منها بكل إمكانياتهم وذلك حسبهم لن يتحقق إلا بتكاثف جميع الجهود لأن اليد الواحدة لاتصفق كما أن جعل عنابة نظيفة سيعود على المواطنين بالفائدة في الدرجة الأولى حيث ستقل الروائح الكريهة والأمراض التي تنجر عنها ،كما ستختفي الأبقار والكلاب المتشردة ويقل الناموس وهو ما سيساعد على الحفاظ على سلامة أبنائهم، من جهته حمدي المكلف بمراقبة السير الحسن لعملية رفع الفضلات رفقة رشيد وشمس الدين أنه يسهر شخصيا على السير الحسن للعملية وأن إعادة الوجه الناصع للأحياء يعتبر الهدف الأول والأساسي لهم وأن أي خطإ سيكلف العامل العقوبة، وأضاف أنه في حال وجود أي عطل في إحدى الشاحنات فإنه يتكفل بتعويض العامل الذي تعطلت شاحنته من خلال جلب شاحنة أخرى يقودها هو شخصيا لتفادي أي تأخر في الشغل ،كما وضح لنا نقطة مهمة وهو أن مؤسسة عنابة ليست لديها جميع الصلاحيات لحمل جميع الفضلات بأحياء البوني حيث أن مهمتهم تقتصر على الفضلات أما بخصوص الأخشاب أو الأجهزة أو بقايا مواد البناء فإن البلدية هي التي تتكفل بحملها وفي الأخير طالب المواطنين بمساعدتهم خاصة أن عنابة نظيفة مسؤولية الجميع.