سلوى لميس مسعي تعيش زوجات مسؤولين سامين في الدولة تحت جناح الهيبة والرفعة والجاه، وبين الحراس والخدم وفي منازل فخمة وفيلات وقصور غير متشابهة تحميهن الأسلحة الحديثة والبودي قارد في جنان السلطة والمال الذي لا ينتهي، وفي مجتمع مختلف وحياة مترفة بالملذات وطيب العيش واللباس والطبقة المهمة يطلن من ثقب صغير على البنية التحتية التي يعلونها ورغم ذلك ثمة داخل صناديقهن الخاصة جدا تسكن حشرات ضارة، وسواس قهري، وشك ملازم للخيانة، ورغبة جامحة لمعرفة أسرار وخبايا أزواجهن.... هوس الخيانة يؤرق نومهن مثل كل النساء تتجملن لاستقبال السادة الأزواج أرباب النعمة والسلطة ورأس المال فتبدو الواحدة منهن في أحسن الأحوال لكن هيهات أن تفصح امرأة بما يختلج في قلبها من شك ووسواس لزوجها المسؤول المحترم لذلك يقولون قلب المرأة دليلها فلا أحد يمكن إقناعها بغير النار التي تحرق قلبها وتؤرق نومها، وتهدد راحة جسدها، إنها لعنة النعمة التي تنتقم لا محالة من آكليها دون صدقة إنه حتما يخونها، لعله على علاقة بامرأة ما أنثى كالجنيات تتقلب سبع مرات في لحظة واحدة غانية تجيد سلبه بالكلام المعسول والجمال الباهر الأخاذ لعله مستعد في كل ثانية وفي كل لحظة إلى النظر لما تأتيه من موائد اللحم الطري، وكيف يقول لا لنعمة النساء... كم يغرق عليها من مال بنات الحرام لم يتركن لنا حلالنا. وضع جواسيس ونصب كمائن ونسج حيل وما عسى امرأة قلبها دليلها أن تفعل سوى أن تذعن لهذا اليقين الشيخ المرابط الساكن في محارة القلب أبدا... أبدا لا يمكن إلا تصديقه، وسي فلان في بؤرة الشك بدون منقذ...، الأرجح أن يتضامن الجنود المحيطة بهذا المسؤول مع ملكة القصر وسيدتهم ولية النعمة قليل من المال والرحمة كافيان لسلب عقولهم ووضعهم كمرصاد للمراقبة وتقصي أخبار مسؤوليهم، والبداية بأحد الملازمين وأكثرهم خدمة والثقة تشترى بالمال أو بالترقية أو بتحسيسه بالأهمية القصوى فتكفي عبارة لا أعول على أحد غيرك" لتجعل الملازم يتحول بسرعة البرق من ظل إلى ديك رومي ذي عينين واسعتين وكاميرا مجندة بلا انقطاع تلتقط الصور والأصوات وتنسج الأخبار.... الأكثر إثارة وحساسية، سوف تكون الأمور على أحسن ما يرام إذا تعاونت معه السكرتيرة والحال أكثر وضوحا إذا كان الحارس ثالوتا جاسوسين مهمين يحيطان بأي مسؤول سام في هذا البلد. في الظاهر لعبة غميضة وفي الباطن صراع القط والفأر. لن تبدو خطة المراقبة واضحة لأن البرج الذي بنيت عليه جد عال لكن يمكن تحسس لعبة الغميضة التي يعرفها الجميع على أنها أسلوب طفولي طريف لانتزاع وقت مهمل من يوميات زوجة مسؤول مدللة تنتهي عند مقبض السرير أين تظهر جثتها العارية بلا وساوس أو شكوك فيما يتستر على اللعبة حيوانان من أكثر الحيوانات شراسة ووحشية إنهما اللاعبان الرياضيان الأبديان القط والفأر اللذان لا ينقرضان كي يشهد على صراعهما طوم وجيري وسيرك عمار. دموع التماسيح واختناق الديناصورات لا توقف عاصفة الشك ستشم رائحته، ستبحث في جيوبه، ستنظر في عينيه، ستلاحق رعشة شفتيه وحين ينام ويهدأ ستبحث في ملامحه عن عشيقة أو صديقة لا تكف من الاغتسال في أحضانه وهنا تبدأ الكارثة القصوى والعاصفة التي لا يوقفها حتى انحناءه تحت قدميها ليثبت لها أنه شيخ ملتزم ومسؤول مهموم لا يكف عن سماع الشكاوى أو من تنظيم القوانين أو من توطيد علاقات الدولة مع الخارج.... وغيرها، سوف لن توقف عاصفة الشك دموع التماسيح أو اختناق الديناصورات. هي لن تشفق في قامة الأمراض التي يعاني منها: على رأسها الشعب. الذهب والماس يصبحان صديقين للبخور والجاوي. مقابل الجواسيس والمساعدين لن يشفي غليلهن سوى قارئ الغيب، المرابط ذو السبحة المباركة الذي يسمى مدنيا المرقي أو العرافة الساحرة مغيرة الحوالة المنجمة وهي ابنة عم المرقي وتسمى في الدفتر العائلي "فاعلة الخير" وسيتعاونان بإذن الله تعالى على هذه الرسالة الخيرية والمتمثلة أولا في إعادة شباب الزوجة الذي ضاع منذ أن اعتلى زوجها هذا المنصب الهام لأنها تشاركه باستمرار في حل هموم الشعب فهي إذن مناضلة وجندية خفاء، وثانيا إبعاد بنات الحرام عن زوجها هذا المسؤول الشريف الذي تحاط به الجنيات والأفاعي حيث ما حل، فيما تظهر الزوجة أنها ليست ضحية بل منقذة لهذا النبي الذي نصب خصيصا من طرف هيئة أعلى ليكون خير خلف لخير سلف، وحتى تنتج العملية على الأصابع التي يعتليها الماس والسواعد التي تفترش الذهب أن تمازح الجاوي المغربي وتضرم فيه النار عند الفجر وعند الغروب وتقرأ عليه تعاويذ الهداية وطلاسم الصالحين ثم تغسل عتبة القصر بماء البحر وتذر على حواشيه السنوج ولا تسنى أن تغتسل جيدا بجلب الحظ المحظور من بلاد الشام ثلاث مرات في الأسبوع كي لا يشتهي غيرها من النساء.... أزواج يبطلون الفاسوخ بالجن المارد ثمة من الفئران من يكتشفون حيل القطط ولا يعبأون أن تحول قصص خياناتهم إلى هوليوود أو تصور على شاكلة طوم آند جيري فيواصلون مسلسلاتهم رغم العواصف والبراكين وعدد الضحايا والمنكوبين من الأطفال والشيوخ والعجائز ورغم حطام الزلازل وطاعون المياه الملوثة وأدعية الفقراء واليتامى والبطالين يظلون يهربون خياناتهم إلى العلن كيف لا وللضرورة أحكامها كيف لا وأرق المسؤولية يحتاج إلى الترفيه والأنسة الدائمة، الأنسة الشفافة المصنوعة أساسا من مبدأ الاستدامة الذي يسمى في قانون مسؤوليتهم حق المسؤول في التشبع بأكسجين الحياة لأن النفس إذا كلت عمت واليد إذا قصرت لا تطول والمال إذا انتهى لا يعود، ومن يسقط في البئر لا ينقذه أشقاؤه. يتسترن على الفضائح ويبلعن السكين بدمها ما حدث لسيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام أثناء طفولته عندما رمي في البئر لا يمكنه أن يتكرر لأن زمن الأنبياء قد ولى والباقي هو زمن مصاصي الدماء، تقول زوجات المسؤولين السامين في الدولة انه لا اخلاص في علاقة أزواجهن معهن كونهن يعشن تحت أجنحتهم المكسوة بالمال والجاه والسلطة لا يمنعهن من كشف ذلك على الأقل عند المستوى الشخصي لكن تظل العلاقة الزوجية متسترة تحت غطاء الفضيحة أين لا يمكن أن تطفو، فتطفو عند حواشيها الألسنة اللاذعة أو تخرج السكاكين الحادة من المذابح فتكثر الأبقار سليلة الفئران وتتساقط التماسيح أصيلة الديناصورات فيزداد عدد السكاكين الحادة ولأن على الحياة الزوجية أن تملأ بكؤوس المحبة وقوارير الوفاء على الزوجات الساميات في القارة الإفريقية بالذات أن يبتلعن السكاكين بدمها ما دامت العرافة لم تستطع والمرابط كذلك. سلوى لميس مسعي