ابتسامة 8مارس في الجزائر لم ترسم على وجوه كل النسوة فالاحتفالات خارج المساحات المخصصة تجد مدت فيها التعابير، وجف فيها الحلق وزاد فيها جليد اليأس الذي خيم بدوره على فئة كبير ة من النساء في عنابة ليكون برد الشتاء القارس مضاعف لأنه اتخذ من قلوبهن موسما لزحف الدموع والحزن ففي الوقت الذي تتزين فيه طبقة منهن وتحتفل بقدومه ثمة أخريات يعانين الأمرين ويلهثن خلف لقمة العيش حافيات منهن من تبعن الحشائش الصالحة للاستعمال والتغذية كالكرفساء والدبشة والبقدونس والسبانخ (السلق) أو لاقتناء حيوان الفكرون أو الأرنب لبيعها في السوق أوبيع أوراق الديول أو الحمص المبلل أو الأكياس البلاستيكية كمحاولة للاكتفاء أو سد رمق الجوع. نساء يستسهلن ثمن تذكرة الحفل وأخريات يبعن الحشائش والحيوانات لاقتناء قوت يومهن في الوقت الذي لا يصعب على البعض اقتناء تذكرة يزيد ثمنها عن 1000دج فإن طبقة أخرى من النساء في عنابة يقتنين قوت يومهن بصعوبة كبيرة لم تمتنع كثير منهن من التصريح المباشر لنا رغم برودة الطقس ومظاهر الاحتفال التي تملأ المدينة حيث قالت السيدة (ز.ط) وهي أم لأربعة أطفال أن مفارقة زوجها الذي كان يشتغل بناء بدون تأمين والذي لم يستفد طوال مدة عمله عند الخواص سوى السقوط ثم الموت المباشر من أعلى بناية انتهت ببقاءنا دون منحة شهرية تغطي احتياجاتنا جعلت مني في الواجهة كأم مضاعفة المسؤولية بحيث أنجز أشغال البيت وأربي أبنائي وفي نفس الوقت أفكر في كيفية سد رمق جوعهم لم أجد سبيلا سوى التوجه لجبال سرايدي صباح كل يوم باكر والولوج في غاباتها وسهولها بحيث أزود نفسي بمنجل لقطع الحشائش الصالحة للأكل أو الاستعمال مثل الدبشة والكرافس والبقدونس لأقوم بغسلها في البيت ثم أتولى بيعها في أسواق المدينة ومن خلال مصروف البيع أتمكن ولو بمستوى ضعيف من إطعام أطفالي الأربع هذا وذكرت لنا (س.و) التي تقوم ببيع بعض الحيوانات الأليفة مثل الفكرون والأرنب وكذلك البيض والحمص المبلل وأوراق الديول لسد احتياجاتها فلا سبيل لها سوى هذه الحلول التي تجد فيها هذه السيدة باب للاسترزاق في ظل غياب أي باب آخر بإمكانه إعالتها أمام ظروف غلاء المعيشة وقسوة الظروف وجحد الفقر وتفشي المرض. أما (غ.ط) فقالت وهي تجلس أمام محل لبيع الملابس تقوم بإرضاع طفلها الذي لم يتجاوز حتى السنة الواحدة أنها ترتزق من هذه الطريقة فقط لتوفير حليب رضيعها الذي فارق هو الآخر والده بأحد سجون عنابة على خلفية عراك حامي الوطيس دار بينه وبين رجل آخر متخذة هذه الطريقة وسيلة أرقى لطلب العيش الكريم بدل ممارسة الرذيلة أو الفحشاء. مقابل ذلك ثمة من يملكن المال الكثير لحضور سهرات الاحتفال في الفنادق الفخمة وقاعات الأعراس واقتناء التذكرة التي يتحصلن عليها عن طريق الطلب المسبق والتي تبلغ قيمتها 1000دج فما فوق. نسوة مقهورات يجمعهن الثامن مارس في أمكنة مختلفة لا تخلو المناسبة من التصريح والحكي كما لا تخلو من الحلم والتمني ثمة طبقة أخرى تبدو مقهورة ومستضعفة نفسيا بسبب جملة من المشاكل التي تحوط يومياتهن فأمام المسرح الجهوي بعنابة يجتمع عدد من النسوة والعجائز لتبادل الحديث وتجاذب أطرافه في مختلف الأجواء التي تسود حياتهن والتي حسبهن قاهرة لأنها تمنع توفر الراحة والأمان لاسيما وأنهن يعانين من أمراض عديدة كارتفاع الضغط والسكري إضافة لبعض المشاكل الأسرية وصرحت السيدة (ز.م) 55 سنة بأنها تعاني من ضعف مسكنها الواقع بالمدينة القديمة والآيل للسقوط إضافة لرائحة الرطوبة مما سبب لها كل ذلك في مرض الحساسية حسب الشهادة المرضية التي ترافقها ما جعلها تتخذ البهو الخارجي لساحة المسرح الجهوي بعنابة مكانا هادئا وآمنا للاسترخاء أما السيدة (ف.ط) 60 سنة فهي تبحث عن الأنسة نظرا لوحدتها في منزل واسع وكبير تعيش فيه منذ مدة وحيدة بعد زواج كل أبنائها.لذلك تتخذ هذا المجمع لتبادل الهموم التي تسود أجواء يوميات نسوة تبقى معاناتهن معلقة بين أغصان شجرة عيد الميلاد المحجوبة عن الشمس. سلوى لميس مسعي