بعد النجاح الكبير الذي عرفته روايته الأخيرة "صافرات بغداد" يعود الكاتب المغترب "ياسمينة خضرة" من جديد ليقدم للقاريء الجزائري عملا إبداعيا جديدا يتمثل في روايته "ألمته النكبات " أو" l'olympe des infortunes" الصادرة مؤخرا عن دار النشر الفرنسية "julliard" محمد موسهور وهو الاسم الحقيقي للروائي ياسمينة خضرة إختار لنفسه هذه المرة توجها أدبيا مغايرا عما عودنا عليه في إنتاجاته السابقة التي تنصب إجمالا في خانة انتقاد السلطة و النظام الحاكم كما هو الحال في رواية "أحلام الذئاب " التي تعد بمثابة الانطلاقة الرسمية للكاتب في العقل الأدبي هذا و تدور أحداث رواية "آلهة النكبات " في مكان منسي تجاوزه الزمن هو عبارة عن مفرغة عمومية اتخذتها مجموعة من المتشردين وطنا لها أبرزهم "ache" الموسيقي الفاشل الذي لاهم له سوى العزف على آلة البونجو رفيقه الوحيد في الحياة و "junior " الفتى المغفل الساذج الذي لا يعرف شيئا عن العالم ما عدا "المزبلة "التي يعيش فيها متخذا من الوافد الجديد "horr" مثله الأعلى هذا الأخير الذي كان يتمتع بحياة اجتماعية و عائلية عادية إلا أن إدمانه على الخمر أدى به للعيش على الهامش بعد أن خسر كل ما كان يملكه يوما لينتهي به المطاف متشردا يقتات على التسول إضافة إلى "mama" أو المرأة الشبح كونها نادرا ما تتكلم حتى شخصيتها يطبق عليها الصمت ويكتنفها الغموض و من خلال قراءة أولية للشخصيات فإنه يبدو جليا التوجه الذي يذهب إليه "ياسمينة خضرة " في هاته الرواية و الذي لا يخرج عن خانة نقد المجتمع بصورة شعرية رمزية كونه المسؤول الأول والأخير عن هاته الشريحة بوصفه "بؤرة إنتاش " لكل الآفات والمشاكل التي تنتهي في معظم الحالات بعزل الأفراد و رفضهم كعناصر اجتماعية فاعلة و دفعهم للعيش على الهامش كونهم "غير مرغوب فيهم " كما يشدد الكاتب على نقد النزعة الأحادية و الفردية التي باتت سمة المجتمعات في الوقت الراهن بل إنها طبعت حتى العلاقات الأسرية و العائلية. أما فيما يخص شخصية الكاتب ، فإن ياسمينة خضرة لم يخرج عما جرت عليه العادة في أعماله السابقة التي إتخدت النزعة الواقعية منهاجا تسير عليه وبخاصة رواية "ألهة النكبات" إضافة إلى هذا فإن التأثر العميق بكتابات "ألبير كامو" يبدو جليا هو الآخر في أسلوب نسج تفاعل الشخصيات مع بعضها البعض و الحبكة الدرامية التي تحرك الأحداث و كأن ياسيمنت خضرة يعلنها صراحة بإتخاده لكامو مرجعا أدبيا له ومثالا يحتدي به وعلى العموم فإن ياسمينة خضرة برهن. من خلال " آلهة النكبات" على انه من كتاب الصف الأول وان تعاقده مع دار نشر بحجم "JULLIARD" ليس وليد الصدفة إذ أن نسب المبيعات تعد خير دليل على ذلك وفي انتظار الرواية القادمة للكاتب لا يسع القارئ إلا إبداء إعجابه بياسمينت حضرة ككاتب جزائري كتب اسمه بأحرف من ذهب في موسوعة الأدب العالمي.