ليلة سوداء عاشها سكان ولاية سكيكدة و خاصة بلدية السبت، بعد اعلان العثور على جثة بمنطقة التوميات بين الحروش و عين بوزيان، و ازدادت نبصات قلوب المواطنين و ارتفعت الدعوات على أمل أن يكون الخبر خاطئا، لكن بمجرد وصول اعوان الحماية المدنية مرفقين بالدرك حوالي الثامنة ليلا من يوم الاثنين حتى بدأت الشكوك تُؤكد، فالجثة تخص جمال شاوي، و أصبح الخبر رسميا بعد وصول وكيل الجمهورية و نقل الجثة الى مستشفى الحروش، اين تم تأكيد هويته بما لايدع مجالا للشك، فجمال الذي اختفى من بيته العائلي قرابة اسبوع اصبح اشلاء بمنطقة معزولة بعدما قُتل و نكل بجثته. هكذا قتل أصغر رئيس بلدية بسكيكدة جمال الدين شاوي، في العقد الثالث من العمر، محامي معتمد لدى مجلس قضاء سكيكدة، انتخب رئيسا لبلدية السبت لكن جُمدت مهامه جراء حدوث انسداد بالمجلس، كما أنه ناشط جمعوي، جمال خرج ليسهر لكنه لم يعد، و بعد حملات بحث فاشلة، وجد ميتا بمنطقة التوميات، مصادر عليمة لجريدة آخر ساعة قالت أن الضحية ضُرب على رأسه حتى الموت، لكن وجود كيس بلاستيكي ملفوف حول رأسه قد يؤكد تعرضه للخنق، و هذا ما سيؤكده أو ينفيه الطبيب الشرعي، كما أن الجثة حسب ذات المصادر قُطعت إلى أشلاء ما دفع بعناصر الحماية المدنية الى حملها في كيسين، وهو ما يوضح أن جمال عُذب و قُتل و نُكل بجثته، بحقد و غل كبيرين فمن قتل جمال يا ترى، و من يحقد عليه بهذا الشكل، خاصة أنه معروف بهدوءه و رزانته و تواضعه مع كل سكان بلديته؟ تجمع شعبي بمستشفى الحروش و حداد بسكيكدة فور حضور وكيل الجمهورية تم نقل جثة الضحية إلى مستشفى الحروش، ليحتشد عشرات المواطنين أمام المدخل معبرين عن حزنهم و تضامنهم مع عائلة جمال، كما طالبوا العدالة بالقصاص و القبض على المجرمين سريعا، أما ولاية سكيكدة التي لا حديث لها منذ اختفاءه الا قصته و عمليات البحث عنه، فاغلب سكانها لم يناموا و خيم الحزن عليهم، و توافد المئات على عائلة المغدور بالسبت للتعاطف معهم و مواساتهم في مصابهم الجلل. استمرار مسلسل الاغتيالات بسكيكدة ما قد يجهله الرأي العام أو تناسه، أن جمال ليس أول مسؤول يغتال بطريقة وحشية على شاكلة أفلام الأكشن، فقبله مدير مصنع الإسمنت"أحسن رزاقي"الذي بقيت قضيته مقيدة ضد"مجهول"، بعدما عجزت التحقيقات عن التوصل للفاعلين في الوقت الذي تقترب فيه الذكرى التاسعة لإغتياله و التنكيل بجثته ورميها بالقرب من شاطئ كاف فاطمة . ووصلت التحقيقات إلى طريق مسدود لغياب الأدلة والشهود، والخبرة الكبيرة و الاحترافية التي نفذت بها الجريمة بشكل جعل من التوصل للفاعل أو الفاعلين صعبا بل مستحيلا في ظل غياب المعطيات التي تدفع بعجلة التحقيق نحو القبض على مرتكبيها، و كان المغدور « رزاقي « قد ركب سيارة على متنها ثلاثة أشخاص لم يتعرف عليهم أي شخص و لم يتذكروا ملامحهم و لا ترقيم السيارة، قصدوا منزله بإقامة « كاروبي « بالواجهة البحرية بمدينة عنابة ، اتصلوا به ونزل من منزله و اتجه الأربعة إلى برحال أين تناولوا العشاء ، بعدها بساعات وجد كل من اتصل بالمغدور هاتفه النقال مقفلا ما يرجح أنهم بعد تناول العشاء قادوا السيارة إلى مكان معين و بعد أخذ ورد قتل الرجل بطريقة وحشية وحمل لكاف فاطمة و ألقي بالقرب من الشاطئ، ما يؤكد المعرفة الجيدة للقتيل بالقتلة. وكانت جميع الفرضيات السابقة تدور في فلك تعرض الضحية للاختطاف، لكن التدقيق في الأحداث من خلال تصريحات الشهود بينت معرفته بالأشخاص الذين ذهب معهم على أساس عودته لتناول العشاء رفقة عائلته ، لكن البرنامج تغير ليتناول العشاء رفقتهم بأحد مطاعم برحال لتتغير الوجهة بدلا عن مدينة عنابة إلى عزابة أين تختفي مجموعة من الأحداث وتظهر جثته ملقاة بعد أيام من الاختفاء، ما يرجح أنه قتل تلك الليلة و رميت جثته لأيام، ما جعلها تتشوه و تتعفن ما صعب التعرف عليها حتى بالنسبة لزوجته . فرقة الدرك الوطني لبن عزوز المسؤولة عن عملية التحقيق بذلت أقصى المجهودات للتوصل للفاعلين ، لكن دون جدوى، واستدعت مئات الأفراد و المشتبه فيهم ومعظمهم لهم علاقة بالضحية سواء عائلية أو علاقات اجتماعية أو علاقات عمل، فاستدعت مقاولين وتجار الإسمنت و كل من له علاقة بعالم البزنسة بالإسمنت أو تربطه علاقة بمصنع حجر السود، لكن التحقيقات ظلت عقيمة فلم تتأكد التهمة على أي واحد و لم يظهر ما يؤكد تورط أي طرف من المستدعين للتحقيق ،ما ينبئ أن المتورطين بالجريمة قد يكونون من المستدعين لكن غياب الأدلة جعل التعرف عليهم صعبا لعدم امتلاك المحققين أدلة بسبب تغيير مسرح الجريمة و التلاعب به لإبعاد الشبهات . ووجهت أصابع الاتهام نحو مافيا الإسمنت التي تحتكر عملية إخراجها من المصانع و التحكم في أسعارها و إشعالها قصد المضاربة بها، حيث قامت ببراعة بالتخلص من الرجل و تغيير مسرح الجريمة و التخلص من جميع الأدلة لإبعاد الشبهات، ما يجعل القبض على أفرادها « أمرا مستحيلا « في ظل الظروف الراهنة و انعدام الأدلة . يذكر أن الضحية « أحسن رزاقي « في نهاية العقد الخامس أب لثلاثة أطفال، معروف جدا في مجال الإسمنت لشغله عدة مناصب آخرها إطار بمصنع حجر السود بعين شرشار و مديرا بمصنع الإسمنت ومشتقاته لناحية الشرق بقسنطينة، و مديرا لمصنع الإسمنت بسور الغزلان بالبويرة . الرجل اختطف و خنق و نكل بجثته بعد تعريته تماما و رمي بالقرب من الشاطئ دون أن ينتبه أحد .. فمن قتل أحسن رزاقي، و جمال الدين شاوي؟