أعطى التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية وحماية حقوق صورة قاتمة عن حجم الفساد في الجزائر. ودعا التقرير إلى”محاربة فعالة ضد الفساد الذي يقوض النسيج الإجتماعي لبلدنا وأضر بخطوات التنمية الإقتصادية والإجتماعية” على أن تكون تلك العقوبات “مثالية ورادعة”. وقال التقرير”إن الفساد انتشر في جميع أنحاء البلاد وأثر على جميع الطبقات الإجتماعية” معتبرا أن “الوقت قد حان لمحاربة فعالة ودون كلل أو ملل لجميع الأعوان العموميين الذين يسعون فقط لإثراء أنفسهم وجمع المزيد من المال”. وأشار إلى أن “الإفلات من العقاب وانتشار الفساد على نطاق واسع في الجزائر يضر بأية خطوات لتعزيز التنمية الإقتصادية والإجتماعية ما لم تسع السلطات العمومية إلى عملية تنقية للأجواء لا تكون مرحلية فقط تستهدف أشخاص ثانويين بل يجب أن تستهدف السلطات العمومية نفسها”. وشدد التقرير على ضرورة فرض عقوبات “مثالية ورادعة” حتى لا يتسنى للشخص الفاسد “التمتع بعائدات الفساد بعد قضاء عقوبته” مشيرا إلى أن “الجريمة تزدهر إذا كانت العقوبة غير مناسبة حيث يحتذى بها في أوساط الموظفين العموميين” في إشارة إلى بعض الأحكام القضائية المخففة الصادرة ضد بعض المختلسين والتي تتراوح ما بين 4 و8 و12 عاما. ودعا الحكومة الجزائرية إلى “الترويج لممارسات فعالة لمنع الفساد وتعزيز مشاركة المجتمع المدني وتجسيد مبادئ دولة القانون”. وأوضى التقرير بإعادة تقييم قانون منع ومكافحة الفساد من خلال “تمكين العدالة من أن تمارس صلاحياتها القانونية كاملة في ظل الهدوء خاصة فيما يتعلق بالتحقيق ودون تدخل السلطات ولا النيابة العامة ولا الشرطة القضائية”.معتبرا أنه “يتعين أن يتم تحديد الوظائف العليا المخصصة لموظفي الدولة في مجالات الأمن والاقتصاد والإدارة بمدة زمنية معينة وذلك لتجنب امتلاك الوظائف من جانب الإطار الأمر الذي يؤدي إلى كل أنواع التجاوزات بما في ذلك الفساد ويعزز اعتقاد الفرد بأنه تجسيد للدولة”. من ناحية أخرى، أشار التقرير إلى أن الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية التي شهدتها الجزائر في جانفي 2011 أظهرت “مؤشرات عن مناخ التوتر في المجتمع ويغذي انعدام ثقة الجزائريين في بعض السلطات العمومية المحلية والوطنية”.واعتبر التقرير أن سلوك بعض مسؤولي الإدارة وعدم وفائهم بالوعود “يصعد من مشاعر عدم الثقة والإحباط لدى المواطنين الذين يشعرون بالإزدراء، هذا الشعور يجد تعبيره في الكلمة الدارجة الحقرة ويأتي تقرير اللجنة الجزائرية في وقت انتقد فيه مدير الشؤون الجزائية وإجراءات العفو بوزارة العدل مختار الأخضري تقرير منظمة شفافية دولية التي صنفت الجزائر في المركز 112 من حيث انتشار الفساد فيها، معتبرا أن حجم القضايا المتعلقة بالفساد ليس هو المعيار لمدى تفشي هذه الظاهرة.. وقد صنفت شفافية دولية الجزائر في المرتبة ال112 عالميا من أصل 183 دولة في سلم الفساد في تقريرها لعام 2011، بعدما كانت في المرتبة 105 العام 2010.وحصلت الجزائر على تصنيف منخفض جدا بحصولها على تصنيف 2.9 من أصل 10 في مؤشر الفساد.وتعتبر منظمة الشفافية الدولية حصول أي دولة على أقل من 3 نقاط، هو مرادف لانتشار الفساد بشكل واسع في دوائر وأجهزة ومؤسسات الدولة وانعدام إرادة سياسية لمحاربته.