نقلت جريدة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين أن وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين تخططان لمرحلة ما بعد سقوط النظام في سوريا، وقالت الصحيفة إن التخطيط الأميركي يتم تنسيقه بالاشتراك مع الحلفاء الإقليميين مثل تركيا والأردن وإسرائيل، وإنه يأتي بالتزامن مع تقديم المساعدات السرية والعلنية الأميركية والأجنبية إلى الجيش السوري الحر التابع للمعارضة، وأضافت أن دولا مثل تركيا والسعودية وقطر تقوم بتزويد الجيش السوري الحر بالأسلحة، وذلك بمساعدة عدد من ضباط وكالة المخابرات المركزية الأميركية. هذه المعلومات لا تضيف جديدا من حيث تأكيد حقيقة الصراع القائم في سوريا، فهي مطابقة لما ذهب إليه كوفي أنان في مقال نشره قبل أيام في فاينانشل تايمز، لكن المهم هنا هو أن أمريكا تأخذ في الاعتبار أخطاءها السابقة، فقد أشار تقرير نيويورك تايمز إلى أنه وبعد أن وضعت الوزارتان في الاعتبار الأخطاء الأميركية التي حدثت في أعقاب غزو العراق عام 2003، فإنهما أوجدتا عددا من خلايا العمل من أجل وضع الخطط الكفيلة بمواجهة الفوضى وأعمال العنف المتوقع انتشارها على الحدود السورية، وبالتالي كي لا يكون من شأنها زعزعة الاستقرار على تلك الحدود، كما تم وضع خطط للسيطرة على الأسلحة الكيميائية السورية. نحن أمام جديد للهيمنة الأمريكية، فإدارة أوباما عملت خلال السنوات الماضية على تغيير أسلوب التدخل الأمريكي، فلم يعد محتملا إرسال آلاف الجنود لغزو بلدان مرشحة لأن تتحول إلى مستنقعات، وبدل ذلك، وضعت الخطط لسحب آلاف الجنود من العراق وأفغانستان، لكن دون أن يعني ذلك التخلي عن تفكيك الدول التي قد تشكل عقبة في وجه تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وسيكون التفكيك داخليا، من خلال الحرب الأهلية التي يجري تسييرها في سوريا. النتيجة ستكون تدمير البلد اقتصاديا وعسكريا، وتحويله إلى محمية، ومن الآن بدأ الأمريكيون يتحدثون عن المساعدة على توفير الخدمات الصحية والتحكم في حركة تدفق اللاجئين السوريين، وتأمين الحدود، وهذه هي صورة العراق المحتل، لكن مع فارق مهم، وهو أنه لن يكون هناك على الأرض جنود أمريكيون قد يشكلون هدفا لأي مقاومة محتملة.