لجأت الحكومة إلى اعتماد سياسة التهدئة الاجتماعية وذلك عشية الانتخابات المحلية المرتقب إجراؤها يوم الخميس المقبل وهو ما اتضح جليا من خلال لقاء الثلاثية الذي ترأسه الوزير الأول، عبد المالك سلال، والذي انتهى إلى الالتزام باتخاذ إجراءات لصالح منظمات »الباترونا«، موازاة مع ذلك، لجأت بدورها بعض الوزارات إلى فتح أبواب الحوار مع نقابات القطاع واتخاذ إجراءات استعجاليه لصالح العمال، منها، وزارة الصحة والسكان وإصلاح المُستشفيات، وزارة التربية الوطنية وكذا وزارة النقل. لم يكن عديد المتتبعين للشأن النقابي والاقتصادي يتوقعون لجوء الوزير الأول، عبد المالك سلال، إلى عقد لقاء الثلاثية في هذا الوقت بالذات بالنظر إلى قُرب موعد الانتخابات المحلية، علما أن الحكومات السابقة كثيرا ما كانت تُبرر تأجيلها لمثل هذه اللقاءات ب»إلتزامات الطاقم الحكومي في مثل هذه الظروف«، وهو ما يُبين نية الوزير الأول، في كسب رضا الأطراف الاقتصادية والاجتماعية سيما وأن الجزائر مقبلة على تطبيق مُخطط حكومي جديد يتضمن عديد المشاريع الهامة كما يشمل إعادة تقويم القطاع الصناعي برمته، ولا يُستبعد، حسب ما أكده لنا أحد الأعضاء القياديين بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن يتم عقد لقاء ثلاثي آخر يُخصص للمللفات الاجتماعية والاقتصادية التي توجد قيد الدراسة منذ عدة أشهر، وذلك قبل نهاية شهر ديسمبر المقبل وهو لقاء كان مبرمجا من قبل ويدخل ضمن اللقاءات العادية التي تعقدها الحكومة مع شركائها. ولا تقتصر التهدئة الاجتماعية التي اعتمدتها الحكومة خلال هذه الفترة على لقاء الثلاثية فحسب، بل تجسدت في لجوء وزارات أخرى إلى نفس النهج وهو حال وزارة الصحة والسكان برئاسة، عبد العزيز زياري، التي فتحت الأسبوع الماضي باب الحوار مع الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع الصحة وانتهت إلى إجراءات هامة تمثلت في إدماج 24 ألف و500 عامل متعاقد على مستوى القطاع وتثمين وتعميم منحة خطر العدوى على جميع موظفي القطاع الأطباء والشبه طبيين والإداريين والقابلات والعمال المهنيين، إضافة إلى تثمين منحة المناوبة لكل السلك الطبي والشبه الطبي والإداريين وفتح مناصب مالية للممرضين المؤهلين للترقية إلى ممرض بشهادة دولة كما وافقت الوزارة على إصدار القرار الوزاري المشترك المتعلق بالمناصب العليا للأسلاك الطبية والشبه طبية والقابلات وأعوان التخدير والإنعاش، وهي مطالب ناضلت من أجلها الاتحادية لعدة سنوات. نفس الشيء، لجأت إليه وزارة التربية الوطنية برئاسة، عبد اللطيف بابا أحمد، وذلك بتنظيمها نهاية الأسبوع الماضي لقاء مع النقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين في اجتماع يُعتبر الأول من نوعه مع هذه النقابة التي تُناضل في القطاع منذ سنة 2007 وشنت عشرات الاحتجاجات منها أربعة احتجاجات وطنية قامت بها خلال الموسم الدراسي الجاري، وبدورها لجأت وزارة النقل برئاسة، عمار تو، وبعد إصرار عمال مؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري بالعاصمة على التمسك باحتجاجهم إلى حين تلبية مطالبهم إلى توجيه تعليمة إلى المدير العام لهذه المؤسسة شددت من خلالها على ضرورة التوجه نحو إيجاد صيغة عاجلة لتلبية مطالب العامل دون الإضرار بالجانب المالي للمؤسسة، وهو فعلا ما تجسد ميدانيا من خلال الإجراءات الأخيرة المُعلن عنها في هذا المجال. وحسب مصادر مسؤولة، فإن الإجراءات التي اعتمدتها هذه الوزارات بتعليمات تلقتها من قبل الوزير الأول، عبد المالك سلال، سيما بعد التصعيد التي اعتمدته النقابات النشطة في هذه القطاعات خلال الفترة الأخيرة وبالضبط منذ انطلاق الحملة الانتخابية التي اختُتمت أمس، وذلك عكس الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان لجأ أمينه العام، عبد المجيد سيدي السعيد، عشية الحملة الانتخابية إلى توجيه تعليمات إلى الفدراليات الوطنية والاتحادات الولائية وجميع الفروع النقابية عبر المؤسسات دعاهم فيها إلى اعتماد التهدئة في مثل هذه الظروف، أي موازاة مع أي استحقاق وطني.