ليس غريبا ولا بدعة سياسية أن يعرض الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، على الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد مبادرة سياسية، تهدف إلى التشاور والتناصح بين الأفلان والأفافاس، من أجل رفع تحديات التنمية الوطنية في جوانبها المختلفة، وحماية البلاد من المخاطر التي تتربص بها. ومن الطبيعي أن تحمل هذه المبادرة دعوة إلى المجاهد الكبير آيت أحمد للمشاركة في الديناميكية السياسية التي تعرفها البلاد من أجل حشد وتجنيد صفوف كل الذين يحبون وطنهم، وهذا لاعتبارات أساسية: أولا، إن مبادرة الأمين العام عمار سعداني بالكتابة إلى المجاهد والسياسي حسين آيت أحمد، ترتكز على قناعة راسخة بما يتوفر عليه هذا الرجل من حكمة وحنكة وتجربة ورمزية، بصفته وجها تاريخيا من وجوه الثورة الجزائرية المجيدة وشخصية معروفة من قبل الجميع في الساحة السياسية الوطنية والدولية، وأيضا نظرا للمكانة المرموقة التي تحظى بها هذه الشخصية الوطنية المحترمة لدى رئيس الجمهورية ورئيس حزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بوتفليقة. ثانيا، زيادة على الدور التاريخي الذي لعبه آيت أحمد إبان الثورة التحريرية، فإن التاريخ يحفظ أيضا لهذا الزعيم مواقفه التي هي محل تقدير كبير لدى الجزائريين والجزائريات، وأيضا لدى السلطات العمومية في سبيل الوحدة الوطنية والسلم والمصالحة وتماسك المجتمع وعدم التدخل الخارجي في الشؤون الجزائرية. ثالثا، إن الساحة السياسية بحاجة ماسة إلى فتح قنوات الحوار والتشاور، خاصة بين الأحزاب الفاعلة والشخصيات الوطنية، وفي هذا المنظور تأتي دعوة الأمين العام للأفلان عمار سعداني إلى المجاهد آيت أحمد، إلى عقد لقاء في أقرب الآجال للاستفادة من نصائح وحكمة وتجربة هذا الزعيم التاريخي والشخصية السياسية المرموقة، انطلاقا مما يجسده في الضمير الجماعي الوطني كرمز، ونظرا لما يمنحه هذا الاسم المرتبط بتاريخنا الوطني من طابع ديمقراطي لحوار الأفكار، الذي يجب أن يسود حياتنا السياسية، خاصة وأن البلاد مقبلة على استحقاقات سياسية هامة. رابعا، من الطبيعي جدا، أن يخاطب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الزعيم حسين آيت أحمد بالقول: »أخي الكبير المجاهد، اسمحوا لي أن أوجه إليكم هذه الرسالة لأصيغ لكم تمنياتي الخالصة بطول العمر، إنها تمنياتي وتمنيات كل مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني، الذي كنتم، ولا أحد ينسى، أحد زعمائه اللامعين منذ نشأته، وكذا تشكراتنا على هذا النضال الذي لا يكل والذي أثبتموه لسنوات عديدة«. إن هذا التعامل الراقي مع من يستحقه من المناضلين والسياسيين، مهما كانت مواقفهم وحساباتهم السياسية، هو أساس الممارسة السياسية النظيفة، ولذلك كانت رسالة عمار سعداني إلى آيت أحمد مفعمة بهذه المعاني الدالة على الاحترام والتقدير لهذه الشخصية الوطنية، ذات المسار المشرف جهادا ونضالا وممارسة للسياسة وحرصا على المصلحة الوطنية.إذن، تندرج هذه المبادرة السياسية الهامة في سياق خارطة الطريق التي التزم بها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني والتي تهدف إلى توسيع دائرة الحوار والتنسيق والتشاور بين الفعاليات السياسية، قصد تفعيل الديناميكية السياسية التي تشهدها البلاد وحشد وتجنيد صفوف كل الذين يحبون وطنهم ويعملون من أجل حمايته وصون وحدته وتكريس أمنه واستقراره.