أعاد اكتشاف مقابر جماعية في الأراضي الصحراوية المحتلة مؤخرا إلى الواجهة مسألة الجرائم التي ترتكبها السلطات المغربية ضدّ الشعب الصحراوي ضاربة عرض الحائط الشرعية الدولية بخصوص احترام حقوق الإنسان. حسب تصريحات رئيس جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين عمر عبد السلام فإن اكتشاف مقابر جماعية في منطقة مقالة قرب السمارة وغير بعيد عن جدار العار بداية السنة الجارية، كشف التجاوزات و المخالفات المرتكبة من طرف المغرب. وذكرت تقارير إعلامية أنه بالفعل تم اكتشاف مقبرة تحتوي على رفات 60 شخصا على الأقل من بينهم أطفال، وسمح تحديد هوية 9 منهم بالتأكيد أن الأمر يتعلق بمدنيين صحراويين قتلوا من طرف القوات المغربية خلال غزو ثم احتلال الصحراء الغربية سنة .1976 ويبرز اكتشاف المقابر الجماعية مرة أخرى الممارسات غير الإنسانية التي ينتهجها المغرب ضد الصحراويين منذ غزوه للصحراء الغربية قبل نحو أربعين سنة خلت رغم نداءات العديد من البلدان والمنظمات الدولية لدراسة مسألة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومنها ملف مئات المفقودين الذين يبقى مصيرهم مجهولا حسب المسؤولين الصحراويين. ودعت الحكومة الصحراوية مرارا إلى كسر القيود الإعلامية المفروضة من المغرب في الأراضي الصحراوية المحتلة حيث ترتكب انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان وقمع أعمى ووحشي ضد السكان المحليين. وتخص الانتهاكات المغربية أيضا عدم احترام القوانين الدولية من خلال عرقلة عمل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، وأمام هذا الوضع الذي طال أمده أعربت جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين عن انشغالها العميق بشأن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها القوات المغربية منذ 31 أكتوبر 1975 تاريخ غزو الصحراء الغربية. إلى ذلك، نبّه الصحراويون إلى أن هذا الاحتلال خلف آلاف الضحايا جراء الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان التي تتواصل إلى يومنا هذا، حيث أكدت الجمعية أنه وخلال 38 سنة من الاحتلال تم تسجيل أكثر من 500,4 مفقود جبري من بينهم 550 مفقودا يبقى مصيرهم مجهول و000,30 حالة اعتقال تعسفي وأكثر من 000,30 حالة تعذيب 55 بالمائة من بينهم نساء و أطفال. كما أشارت جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين، إلى أن أكثر من 550,1 حكم جائر أصدرته محاكم مدنية وعسكرية مغربية، ناهيك عن وفاة أكثر من 300,1 مدني من بينهم أزيد من 200 شخص معظمهم من النساء والأطفال خلال القصف بالنابالم والفسفور الأبيض في فيفري 1976 وكذا 500,2 شخص ذهبوا ضحية الألغام المضادة للأشخاص التي زرعتها القوات المغربية. وغداة اكتشاف المقابر الجماعية في بداية سنة ,2013 قدمت جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين تقريرا حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية تضمن معطيات علمية قدمها أطباء شرعيون وخبراء في علم الوراثة تؤكد تورط قوات الاحتلال المغربية في دفن المفقودين الصحراويين في مقابر جماعية. وترى جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين أن هذه الأدلة تكفي لوحدها لرفع قضية دولية ضد ادعاءات المحتل المغربي حول ملف حقوق الإنسان، ودعت الأممالمتحدة إلى تحمل مسؤوليتها لتمكين عائلات الضحايا من ممارسة حقّهم الكامل في اكتشاف الحقيقة. في هذه الأثناء، يواصل المغرب تجاهله للمجتمع الدولي من خلال الاستمرار في أعمال القمع والاعتقالات التعسفية والتعذيب المرتكبة ضد الصحراويين، ما دفع الكونغرس الأمريكي مؤخرا للإعراب عن انشغاله الشديد إزاء انتهاكات الحكومة المغربية المتواصلة لحقوق الإنسان. وأدانت البرلمانية بيتي ماكولو، أعمال القمع والمخالفات التي ترتكبها السلطات المغربية مشيرة إلى مختلف التقارير التي أعدتها عدة منظمات دولية لحقوق الإنسان على غرار منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والمنظمة غير الحكومية الأمريكية روبرت أف كندي من أجل العدالة وحقوق الإنسان »أر.أف كندي سنتر« وكذا الصحافة الأمريكية. وأكدت ماكولو، أنّ استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من طرف القوات المغربية ضدّ الصحراويين يتوسع صداها بفضل منظمات حقوق الإنسان، كما أكّدت أنّ الصحراويين يتعرضون دوما للمطاردة والسجن بسبب مشاركتهم في مظاهرات تنادي بحقهم في تقرير المصير حيث تم تعذيب البعض منهم أو تعرضهم لسوء المعاملة خلال استنطاقهم من طرف الشرطة المغربية. كما لاحظت البرلمانية الأمريكية أمام الكونغرس أنه من البديهي أن الملك محمد السادس وجهازه الأمني ينتهكون حقوق الإنسان إلى حد يثير الاهتمام المتزايد للمجتمع الدولي، ويأتي تصريح بيتي ماكولو أياما بعد تلقي الكونغرس تقريرا جديدا من كتابة الدولة الأمريكية حول الصحراء الغربية أعربت فيه عن انشغالها إزاء أعمال العنف و القيود المفرطة التي ترتكبها السلطات المغربية ضد الصحراويين. وسجل تقرير كاتب الدولة الأمريكية جون كيري بدوره أن الانتهاكات المرتكبة ضدّ السكان الصحراويين ترهن ممارسة حقهم في التعبير سلميا عن آرائهم بشأن وضع الصحراء الغربية ومستقبلها، وتحول دون وصول منظمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي حكومات أجنبية إلى الأراضي الصحراوية المحتلة. ومن جهته صادق البرلمان الأوروبي على تعديل لتقرير تانوك حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والساحل يتضمّن إرسال لجنة مشتركة بين بعثة منظمة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية »مينورسو« واللّجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة السمارة حيث تم اكتشاف مقابر جماعية دفن فيها مدنيون صحراويون. بدوره، طلب البرلمان الأوروبي من السلطات المغربية السماح للمنظمات الدولية على غرار اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ولجنة حقوق الإنسان للبرلمان الأوروبي بالدخول إلى الأراضي الصحراوية، معربا عن دعمه لإنشاء بعثة مشتركة بين المينورسو واللجنة الدولية للصليب الأحمر قصد الشروع في انتشال الجثث المكتشفة في المقابر الجماعية وتسليما إلى العائلات. وللتذكير، فإن الوزير الصحراوي المنتدب بأوروبا محمد سيداتي أكّد سابقا أن طلب توسيع مهام بعثة الأممالمتحدة من أجل استفتاء بالصحراء الغربية إلى مراقبة حقوق الإنسان أصبح دوليا أكثر فأكثر ما دام الوضع خطيرا ومتأجّجا في الأراضي الصحراوية. واعتبر سيداتي أنه على المجموعة الدولية أن تتحرك أكثر من أجل وضع حدّ للانتهاك حقوق الإنسان من طرف المغرب ضد الشعب الصحراوي، مضيفا أن هذا الاستعمار يمثل إهانة للضمير العالمي. وذكر الوزير الصحراوي المنتدب بأوروبا في هذا السياق أنّ البرلمان الأوروبي قد أعرب عن تأسفه لعدم توسيع مهام المينورسو إلى مراقبة حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة موضحا أن تقرير شارل تانوك الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي مؤخرا واضح جدا بشأن انتهاك حقوق الإنسان.