يشهد سعر السردين ارتفاعا متواصلا في الأسواق المنتظمة وحتى بالعربات المتنقّلة بالعاصمة وما جاورها، ببلوغه بين 450دح و600دج للكيلوغرام الواحد، أرجعه حسين بلوط، رئيس اللّجنة الوطنية للصيد البحري إلى »احتكار دخلاء لا علاقة لهم بالصّيد لكميات السّردين التي يتمّ اصطيادها، بغرض فرض أضعاف سعرها بالمسمكات والأسواق الوطنية«، ليبقى »الزوالي« وحده من يتجرّع تبعات حرمانه من طبق لطالما زيّن موائده. جولة قادتنا إلى مختلف الأسواق الجزائرية المنتظمة والفوضوية، لمسنا خلالها التهابا جنونيا في أسعار الأسماك بجميع أنواعها، بما في ذلك بلوغ السّردين المعروف بقلّة سعره مقارنة بالجمبري والسمك الأبيض وغيره، بين 450 دج و600 دج، فيما بلغ سعره بأغلب العربات المتنقّلة بين 400دج و500دج، أكّدت المواطنة »رتيبة،ب« أنّ »ذات السّعر لم يعد في متناول المواطن البسيط، فيما بات السؤال عن سعر السمك ضربا من الخيال« مضيفة »ولّينا نشتاقو طبق سردين«. بعض بائعي السّردين أرجعوا ارتفاع سعره إلى »سياسة المنافسة التي تقف وراء مضاربة جهات معروفة في سعره الحقيقي«، فيما تحدّث آخرون عن دور وسطاء نشطون استغلّوا نقص كمية السّردين المصطادة بسبب مشاكل يشكوها الصيادون وأخرى متعلّقة بالتلوّث، ليرفعوا من سعر المادّة إلى السّقف. في ذات السّياق كشف حسين بلوط، رئيس اللّجنة الوطنية للصيد البحري، أنّ تلوّث السواحل والظروف المناخية لعبا دورا في نقص مادّة السّردين، كاشفا عن جملة من المعوقات يتخبّط تحت ثقلها الصيادون انعكست سلبا على مردودهم من السّمك، وحرمت المواطن من »الاستمتاع بخيرات بلاده«. حسين بلوط تحدّث عن أنّ »شبكة الصيّادين تحمل كمية ضئيلة من السّمك، مشيرا إلى 75 بالمائة ممّا تحمله يعدّ من ملوّثاث البحر، مضيفا أنّه وبالرّغم من نقص الكمية إلاّ أنّ ثمّة »مافيا تركن شاحناتها بالموانئ ليلا لتقوم، بعيدا عن الرّقيب، باقتناء كميات السمك المصطادة، على أن تفرض ضعف أسعارها فيما بعد بمختلف الأسواق«. يذكر أنّ وزير الصيد البحري والموارد الصيدية سيد أحمد فروخي، اعتبر خلال زيارة العمل التي أجراها، مؤخرا، لتفقّد وضعية الصيد البحري والمشاريع التنموية للقطاع بالعاصمة، ارتفاع سعر السّردين »مشكلة هيكلية عميقة«، مشيرا إلى أن »نظام التوزيع ودور الوسطاء يمثل جزء من المشكلة. وبخصوص توزيع الموارد الصيدية على غرار السردين الذي يتراوح سعره حاليا بين 500 و 600 دج/للكيلوغرام الواحد في أسواق العاصمة ومدن أخرى من الوطن أشار الوزير إلى أن المسارات الصغير »صيادون-مستهلكون« اختفت لفائدة المسارات الطويلة التي تشهد تدخل الوسطاء، وأوضح أن أنظمة التوزيع الغذائي بالمراكز الحضرية التي تعرف تطورا مستمرا عبارة عن مسارات طويلة. المسارات القصيرة عبارة عن حل لم يعد متداولا في أيامنا هاته. ورغم الجهود التي تبذلها وزارتي الصّيد البحري والتّجارة للتحكّم في استقرار الأسعار وضبطها، إلاّ أن ضمان استقرار سعر السردين بات »من سابع المستحيلات« يقول صيّاد، أرجع ذلك إلى »مافيا« تدفع نقدا وباتت تتحكّم في الأسعار، ناهيك عمّا أسماه » فوضى التوزيع والتسويق« في إشارة إلى أنّ الأولوية باتت تمنح لمن يدفع أكثر، كما تطرّق محدّثنا إلى مشكل عدم احترام بعض الصيادين فترات الصيد المحددة قانونا وقيام بعض البحارة بالصيد غير القانوني، إلى جانب استغلال بعض بائعي التجزئة هذه الندرة التي تشهدها المادّة للرفع من سعرها. والسؤال الذي يفرض نفسه وبقوّة: لماذا يعايش المواطن البسيط في كلّ مرّة مشكلا في اقتناء السردين الذي يعدّ الأكلة المفضّلة ل»الزوالية«، وهؤلاء يعلمون يقينا أنّ قطاع الصيد البحري يحصي آلاف البحارة والمبحرين الناشطين بمختلف موانئه، ويعلمون أيضا أنّ القطاع سجّل قفزة نوعية فضلا عن أنّ الأسطول البحري يتعزّز دوريا بسفن لصيد السردين وأخرى مهنية صغيرة موزعة عبر الموانئ؟ الجواب ربّما سيتحصّل عليه »الزوالية« خلال الأيام القادمة.