وجاء العيد يا غزة الصمود، إنه عيدك الذي تصنعه زغاريد الشهادة، ومن مثلك، يا غزة، وأنت تتوشحين في العيد بالدم الطهور الذي، يروي أرض فلسطين بالعزة والإباء. من مثلكم، يا أبناء غزة الشموخ، وأنتم تصنعون الاستثناء في العيد، فذلك قدركم، عدوكم يقاتلكم فتقاتلونه، ولكنكم أبدا لا تنقرضون. من مثلك، يا غزة البطولة، وأنت تودعين، في العيد، أبطالك وأبناءك من النساء والأطفال، لكنك أبدا لا تنكسرين، لا تطأطئين الرأس ولا تفرطين في حقك. معذرة يا غزة، يا قدس ويا فلسطين، فقد جاء العيد، وها هم الصابرون الصامدون في أرضك يتعمدون بالدم، في قلوبهم أرضهم وحريتهم، في أيديهم حقهم في الحياة ودماؤهم هي سلاحهم في مواجهة ليل الهزيمة. وحدكم، أيها الصناديد، لكنكم الأمة جمعاء، عدوكم يملأ عليكم الأرض والسماء نارا، بطائراته، بصواريخه قاتلة الأطفال والنساء وهادمة المستشفيات والجامعات والمساجد. لوحدكم، أيها الصابرون، كما صبر من قبلكم آل صبرا وشاتيلا، جنين ورام الله، صبرا أيها الأحبة، فهذه ليست أول المجازر حتى تكون آخرها، لقد شاءت أقداركم أن ترحلوا من مجزرة إلى مجزرة.. تلك هي أعيادكم، فمن مثلكم يا من تسكنون بين النار والنار. وحدك أيها البطل، لكنك الكل، أما المتحكمون في شعوبهم فإنهم يرتعدون من صورتك، حيث تفاجئهم في كل حين بأنك تتوالد من إرادة شعبك وأنك حي لا تموت، إنك اليوم، في العيد، تحاصرهم بعطر دمك الطاهر الذي يفضح جبنهم وخيانتهم. ماذا بعد يا غزة الصمود، ماذا يريدون منك، وها أنت تفوزين بشرف الشهادة، وكأنك تواجهين قدر فلسطين المجاهدة بمواكب الشهداء التي تتلاحق، في كل عيد. غزة اليوم، هي صبرا، هي جنين، هي صورة الجلادين وضحاياهم، هي صورة المجرمين القتلة، وهي صورة أولئك الأبطال الذين أصبح الرعب والخوف خارج كيانهم وأصبحت الشهادة والاستشهاد في سبيل حريتهم نهج فرحتهم وعزتهم. وحدكم، أيها الشهداء الميامين، لكنكم الوطن الكبير، من المحيط إلى الخليج، يا من في تاريخكم المجيد أروع الدروس، كم من اجتياح، كم من مجزرة وكم من اغتيال، وكم من تدمير، لكن غزة تصنع أعيادها من رحم الآلام والأحزان. سلام عليك، أيها الفلسطيني الشريف، سلام عليك وأنت تقاتل لأرضك وفي أرضك وتعود إليها ، في كل عيد، شهيدا راضيا مرضيا. صبرا آل فلسطين، فإن الذين ذبحوكم، من دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا إلى جنين وغزة، أرادوا دائما أن يذبحوا في الفلسطيني انتماءه لأرضه، تمسكه بحقه وإصراره على أن يتصدى لكل الذين يريدون تصفية قضيته. وسامحينا يا غزة، لقد جاء العيد، لن يفرح أطفالك، ومهما تدفق منك الدم، فلن يتحرك الرؤساء والزعماء والملوك، أما لماذا، فلأنك ترفضين أن تبيعي تاريخك وشرفك، ولأن عيدك ليس ككل عيد، إنه عيد الشهيد الذي يعشق الحياة بالإستشهاد حبا لفلسطين.