اعتبر رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين والبناء والعمران أحمد بن قعود أمس، أن تسلّم الجزائر طلبية المليون طن من الإسمنت المستوردة الأيام القليلة القادمة، لن يساهم بصفة نهائية في تنظيم السوق، بل على العكس سيعمّق مشكل الندرة المفتعلة لهذه المادة بعد نفاذ هذه الشحنة، التي باتت ترهن تقدّم الورشات الموجودة على المستوى الوطني، ليدعو الوصاية إلى ضرورة إيجاد آليات رقابة تكون كفيلة بحصر نشاط المضاربين. عبّر أحمد بن قعود في تصريح ل »صوت الأحرار« أمس، عن أسفه في استمرار الحكومة نحو انتهاج سياسة الاستيراد كمبدأ لحل كل المشاكل التي تكبح تقدم المشاريع، مشيرا إلى أنه على السلطات أن تفكّر في إيجاد حلول دائمة إزاء مشكل الندرة المفتعلة للاسمنت، أما أن تقوم في كل مرة بالاعتماد على الاستيراد بمجرد بروز نقص، فهذا جزء من الحل ولا يمكن أن تعالجه نهائيا مع غياب أي إستراتيجية واضحة في ذلك. واستناد لمحدثنا، فإن المنتوج الوطني من الاسمنت المقدر ب 18 مليون طن سنويا، يكفينا لانجاز المشاريع المسطرة، ولكن طغيان الفوضى في التسيير والتوزيع لهذه المادة، بالإضافة إلى فرض المضاربين لمنطق أسعارهم، جعل السوق لا يحتكم لأي قانون، ولهذا دعا المتحدث إلى ضرورة تعزيز دور فرق المراقبة لتنظيم السوق، من خلال تفعيل عمل لجان التفتيش بالتعاون مع فرق الدرك الوطني، للتحقيق في الكميات الزائدة والفائضة التي يتحصل عليها المقاولون من جهة، وكذا الموزعون المعتمدون من جهة أخرى، لاسيما أنهم فتحوا المجال للبزنسة والمضاربة بأسعارها خاصة مع ندرتها مؤخرا. أما فيما يخص مرسوم وزارة التجارة الذي يحدد هامش الربح وسعر بيع الاسمنت، فاعتبره المتحدث مجرد قانون بقي حبرا على ورق ولا وجود له في الميدان، بدليل الأسعار لا زالت على حالها وتشهد ارتفاعا متواصلا، مما يتطلب من الوصاية حسبه ضرورة إيجاد وسائل رقابة حقيقية تعزز بها المرسوم، وكذا تكون كفيلة بكبح تمادي الأسعار ووقف جنونها خاصة في الأسواق المحلية. رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين، قال أن استمرار أسعار الاسمنت في الارتفاع لا يحفز مستقبلا على مباشرة أية مشاريع، مضيفا أن المقاول يتحمل خسائر لا تقدر، بسبب عدم توفر هذه المادة بالكميات المطلوبة، وبالتالي رهن أرباحه التي باتت تتضائل يوما بعد يوم، أما بخصوص دعوة وزير التجارة للمقاولين من أجل المساهمة في الرقابة من خلال التبليغ عن المضاربين وكذا التجاوزات، فأكد المتحدث أن هذا ليس من صلاحياتهم، بل هذا يعبّر عن تهرّب من المسؤولية في فرض حل حقيقي يمكن من تنظيم السوق بصفة نهائية. وفي ذات الخصوص، أكد أحمد بن قعود أن مباشرة شركات أجنبية لانجاز عدة مصانع اسمنت بالجزائر في مقدمتها كل من »لافارج« بأم البواقي و»أسيك الجزائر« بالجلفة، هو بادرة خير نحو تحقيق الاكتفاء بهذه المادة، بما يسمح مستقبلا بالتصدير، كما يمكن المقاولين من إنجاز المشاريع لاسيما منها ما تم تسطيره من برنامج رئيس الجمهورية للخماسي القادم بكل راحة. للإشارة، كان وزير السكن والعمران نور الدين موسى قد أعلن مؤخرا أنه سيتم استلام في 20 أكتوبر الحصة الأولى من الإسمنت المستوردة من بين المليون طن المبرمج، حيث أرجع الوزير سبب ارتفاع أسعارها إلى الاستهلاك الكبير لهذه المادة الأولية خصوصا في الفترة الممتدة ما بين أفريل وسبتمبر نتيجة تضاعف أشغال التحسين الحضري من جهة، وانطلاق المشاريع السكنية بجميع ولايات الوطن من جهة ثانية.