غاص جمهور قاعة المسرح الوطني الجزائري محيي الدين باشطارزي أول أمس في تفاصيل الليلة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف حيث دخلت مسرحية " السيد بونتيلا وتابعه ماتي " لتعاونية مسرح الديك بسيدي بلعباس المنافسة الرسمية ، العمل المسرحي الذي اقتبسه وأخرجه بن سميشة قادة عن نص الكاتب المسرحي الألماني الكبير برتولد بريخت صاحب المسرح الموسوم بروحه السياسية ليجمع بين المتعة والفائدة ،ورغم محاولة المقتبس التمرد على النص بلغة شعبية مشحونة بحقيقة المعاناة الإنسانية اعتمادا على التجريب غير أنه بقي وفيا في قراءته الإخراجية الجديدة، تطرح مسرحية " السيد بونتيلا وتابعه ماتي " التي حركها ركحيا وعلى مدار ساعة ونصف من الزمن المسرحي المتجاذب بين روح العبث والصحوة الثنائي المتكامل الوالد والإبن بن سميشة حسين وبن سميشة قادة وبرمزية وفي قالب تجريبي إشكالية الإنسان الدي يلبس قناعين قي الوقت ذاته لأنه يعاني من فصام وصراع داخلي لهذا يلبس إنسانيته وهو في حالة سكر وغياب عن الوعي،بينما يعود إلى وحشيته وجبروته عندما يصحو ويعكس في توظيفه دلالات سياسية وإيديولوجية ،ونجحت المسرحية في الحفاظ على هدف بريخت الذي تطلب منه نزع الوظيفة الإيهامية عن الوسائل البصرية، والسمعية، مثل: الديكور، والأزياء، والموسيقى، والرقص ،والإضاءة ،وذلك من خلال عملية الفصل بينها واستبدال دورها التقليدي في المسرح . تدور أحداث المسرحية حول يوميات السيد بونتيلا وهو الاقطاعي الثري الذي يعيش في ضيعته في فنلندا، وتنتابه حين يثمل ويغرق في الخمر حالات من الضعف، ما يدفعه إلى التقرب من قضايا الفقراء والمساكين ويصبح رحيما أمام معاناتهم، لكن المفراقة أنه ما إن يسترجع وعيه ويستفيق من حالة السكر يرجع إلى طبيعته الأولى ويصبح أكثر أنانية وجشعا وظلما، بل إلى حيوان أدمي يفقد معنى الانسانية وتعيش إلى جانبه ابنته الوحيدة »إيفا« التي يريد أن يزوجها بالدبلوماسي الثري طمعا في المجد والشهرة وإن لم يقتنع هو وإبنته برجولته وفحولته، لكن حينما يعود إلى السكر ويفكر بقلب انسان لا بمنطق المستغل الأفاق يحاول أن يزوجها لتابعه وسائقه الوفي ماتي لأنه يلتمس فيه معاني الشهامة والقوة وفي لحظة يقرر أن يطرد الدبلوماسي وضيوفه، لتسقط بذلك في مسحة رمزية الحواجز بين الطبقات إلى جانب نجاح خيار الموسيقى المعتمدة لفرقة مقهى بيركرال الألمانية تميز العمل بصياغة سينوغرافية مثيرة تغلف رؤية جمالية للنص وعمق طرحه السياسي أين تم استخدام الأغراض الواقعية التي تبرز علاقة الإنسان براهنه وتبدو روح وملامح وطروحات بريخت المادية الجدلية في المسرحية التي تتحول إلى شهادة ودعوة إلى تغيير الواقع وقد كسر بريخت الجدار الرابع من أجل الاحتكاك بالجمهورمستعينا بمختلق عناصر الإثارة البصرية وتوليفها هي الأمثولة والغناء والرقص والتجأ كذلك إلى الحوارات والخطاب المباشر مع الجمهور وتوظيف كتابة متقطعةحيث تصبح شخصية الممثل شاهدة على الأحداث ويفعلها ويقوم بالتعليق عليها ويمارس النقد ويكتشف زيف الحقائق الإيديولوجية.