إجتماع أوبك/روسيا: التأكيد على أهمية استقرار أسواق النفط والطاقة    المؤسسات الناشئة: ضرورة تنويع آليات التمويل    تصفيات كأس إفريقيا-2025 لأقل من 20 سنة/تونس-الجزائر: ''الخضر'' مطالبون بالفوز لمواصلة حلم التأهل    لجنة تابعة للأمم المتحدة تعتمد 3 قرارات لصالح فلسطين    تنظيم الطبعة ال20 للصالون الدولي للأشغال العمومية من 24 إلى 27 نوفمبر    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    بنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة بتأسيس البنوك الرقمية    الرئاسة الفلسطينية تؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بالعمل الفوري على وقف العدوان الصهيوني المتواصل عل الفلسطينيين    مولي: الاجتماع المخصص للصادرات برئاسة رئيس الجمهورية كان مهما ومثمرا    ميلة.. تصدير ثاني شحنة من أسماك المياه العذبة نحو دولة السينغال    أوبرا الجزائر تحتضن العرض الشرفي الأول للعمل الفني التاريخي ملحمة الرمال " تاهقارت"    الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في أوروبا يثمن قرار الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين صهيونيين    منظمة العفو الدولية: المدعو نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة الجنائية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    دعم حقوق الأطفال لضمان مستقبل أفضل    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بن بريكة في حديث ل"صوت الأحرار" :الجزائر بحاجة إلى تقوية المرجعية الدينية وحادثة "شارلي إيبدو" مصطنعة

رافع محمد بن بريكة، عضو الأكاديمية العالمية للتصوف في حديث ل »صوت الأحرار«، من أجل تقوية المرجعية الدينية في الجزائر ردا على دعاة الفتنة الذين يسعون إلى ضرب أمن واستقرار الجزائر، هذه المرجعية تكون بداية باستحداث منصب مفتي الجمهورية ومحاربة كل الفتاوى الضالة والدخيلة على المجتمع الجزائري، في حوار صريح وشيق، تطرق بن بريكة إلى عديد القضايا على غرار نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، الفتنة في غرداية، انتشار الشيعة بالجزائر، المد الوهابي، العلماني وغيرها من المفاهيم والملفات الحساسة التي لا تزال تطرح جدلا واسعا في الأوساط الشعبية وعلى مستوى النخب.
في البداية، كيف تقرؤون الاعتداء الأخير على مجلة »شارلي إيبدو« والأحداث التي أعقبتها؟


إن كل القرائن تدل على أن عملية »شارلي ايبدو« مصطنعة، ابتداء من موقع الحادثة خاصة وأن الجريدة متواجدة في مكان آمن، كما أن الطريقة التي تمت بها تصفية المعتديين تثير عديد التساؤلات، حيث كان بالإمكان أن يتم محاورتهما، نقطة أخرى وهي مقتل كولي بالي الصور أظهرته مقيد اليدين من الأمام قبل أن الإجهاز عليه بدل اقتياده حيا.
العملية في اعتقادي تأتي في السياق التالي، هناك تحركات فرنسية في النيجر، إضافة إلى الملف الليبي ويبدو أن فرنسا تحضر لعمل عسكري في المنطقة، إلى جانب اعتراف بعض البرلمانات الأوربية ومؤخرا البرلمان الفرنسي بقيام الدولة الفلسطينية، حيث نجد أن اليمين الفرنسي لا تخدمه تلك الأغلبية اليسارية التي تعترف بفلسطين، ثم جرأة السلطة الفلسطينية على طلب الانضمام إلى محكمة العدل الدولية.
اليمين في أوربا يتخوف من انتشار الإسلام، أكثر من ستة ملايين مسلم في فرنسا، ومؤخرا صدر كتاب تحت عنوان »الاستسلام«، يوحي بأن فرنسا ستكون مسلمة في 2022 وهذا ما زاد من تخوف الفرنسيين، فهناك تحذير وضوء أحمر أشعل فجأة أمام النخب والسلطة الفرنسية بأن الدولة سيبتلعها الإسلام .هذا التهييج كان دافعا وراء هذا العمل المصطنع ...نتذكر لطمة المروحة التي احتلت بها الجزائر، ادعاءات السلاح النووي في العراق وغيرها من الأمور التي يعتمد عليها الغرب لتنفيذ سياسته.
شهدت عديد العواصم الإسلامية بما فيها الجزائر، مسيرات لنصرة الرسول الكريم ردا على المجلة الفرنسية، هل تعتقدون أن هذا هو الرد الأمثل على استفزازات »شارلي إيبدو«؟
هي مسيرات تلقائية، أنا شخصيا لا أنتقدها، ففي سنة 2006 عندما أسيئ للرسول كان رد فعلي بسيط، قمت بإصدار »الكتاب الكبير في الثناء على النبي الكريم صلى الله عليه والسلام« من مجلدين ليتعظوا بسيرته ويزدادوا تشبعا بقيمه. وأقول في هذا المقام »إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت، سكتت عن السفيه فظن أني عييت عن الجواب وما عييت إذا كلمته فرجت عنه وإن أنت تركته كمدا يموت« وعليه لا يجب أن تكون لدينا ردود أفعال غير محسوبة ويجرنا الغير إلى ردود الفعل البابلوفية في السلوك، ويبقى أن حب الرسول هو الذي جعل هذه التلقائية في السير، لكن دائما أكرر دون سب الآخرين أو المساس بمعتقداتهم.
إذن في رأيكم كيف يجب أن يكون الر على هؤلاء المتطاولين؟
الرد على هؤلاء المتطاولين يكون على ثلاثة مستويات، هناك المستوى الشعبي وقد دعوت إلى تسمية كل المواليد الجدد باسم محمد عليه الصلاة والسلام وكانت هناك استجابة واسعة لهذه الدعوة، بعدها هناك الرد السياسي فعلى الحكام العرب أن ينبهوا الغرب إلى أن الشعوب الإسلامية لا تقبل المساس بمقدساتها وهذا أمر سيحرج الحكام المسلمين أنفسهم، ناهيك عن ردود الأفعال غير المرتقبة مثل ما حدث في النيجر من حرق للكنائس. وعلى مستوى ثالث يجب على النخب أن تلعب دورها، وللأسف، لها رد فعل ومع الأسف النخبة الجزائرية تقف وراء إيديولوجيات مختلفة، حيث لا نجد وحدة فالنخبة الحقيقية هي التي تدافع عن مصالح بلادها مهما كانت الاختلافات، نحن حاليا لا نفعل شيئا سوى ضرب مقدساتنا بحكم مواقع إيديولوجية معينة وتجرأ البعض على القول، »أنا شارلي«، هي إساءة مضاعفة أكثر من إساءة الغرب للإسلام.
دعوتم في تصريح سابق ل»صوت الأحرار« الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة إلى إصدار قانون يمنع الإساءة للأديان، هل هناك خطوات رسمية قمتم بها في هذا الاتجاه؟
أنا بصدد تحرير رسالتين، الأولى للرئيس الأمريكي بارك حسين أوباما، الذي يجمع اسمه بين الديانات الثلاث، والذي أرى أنه ابتعد كثيرا عن التوترات التي كانت قبله في عهد جورج بوش الذي أعلن عن حروب صليبية ضد المسلمين، كما أن أوباما لم يظهر عدوانية تجاه العالم الإسلامي، وتميز بخطاب معتدل وهذا ما ولد له معارضة شرسة داخل النظام الأمريكي، فهو من الساسة القلائل في العالم الذين يحترمون الأديان، صوته مسموع في الغرب وفي أوربا ولا يمكن المقارنة بين قوة أوربا وقوة أمريكا، لذلك سأطلب منه استخدام النفوذ الأمريكي للضغط على أوروبا.
أما الرسالة الثانية فستكون إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لاستصدار قانون يمنع الإساءة للديانات السماوية الثلاث كما حدث للمشككين في محرقة الهولوكوست، فلو انتقت فرد لتمت متابعته قضائيا، قالوا 6 ملايين ضحية إذن 6 ملايين، التشكيك سيقودك للمحاكم كما حدث للعالم الديني روجي غارودي. كما لا يفوتني أن أحيي الموقف الايجابي للمستشارة الألمانية أنجيليا ميركل التي رفضت دعوة حركة »بيغيدا« وطلبت بترحيل المسلمين من ألمانيا وقالت أنا مع شعبي.
تشوه العمليات التي يقوم بها متطرفون في الدول العربية والغربية تحت حجة نصرة الإسلام صورة الإسلام وتربطه بالإرهاب، في رأيكم ما هو دور المؤسسات الدينية في تحصين ديننا الحنيف من هذه التهمة الباطلة؟
التطرف موقع مذموم سواء في المعاملات أو الأخلاق أو السياسة باعتبار أن الإنسان خلق في موقع الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، وإذا تكلمنا عن المؤسسة الدينية ودورها في مواجهة التطرف علينا أولا تعريفها، بأنها مؤسسة رسمية تمثلها وزارة الشؤون الدينية، المساجد المجالس العلمية والمجلس الإسلامي الأعلى وما إلى ذلك من مؤسسات موجودة وفق الدستور، تقابلها المؤسسات التقليدية وهي الزوايا، المدارس القرآنية والمدارس الحرة التي تعلم النشأ مبادئ الدين والقرآن الكريم بمختلف علومه، هذه المؤسسات مجتمعة تمثل ثقلا كبيرا إذ أنها تتخلل حياة المواطن في ثلاثة أدوار، أولا الدور العبادي وثانيا الدور العلمي والتعليمي بالنسبة لأولهما أعتقد بأن النخبة الجزائرية لم تؤدي الرسالة كافية فيما يتعلق بالتربية الدينية وتعليم النشأ، حيث نجد حجم المادة الدينية لا يتجاوز ساعتين في الأسبوع في مرحلة التعليم الثانوي وهو حجم قليل جدا لا يؤهل أبناءنا لمعرفة تفاصيل دينهم، الدور الثالث وهو في تقديري مهم جدا ويتمثل في تعاطي النخب مع المسألة الدينية من خلال نقد السلوك الديني، لكن ومع الأسف الشديد تحولت هذه النخب إلى معول هدم في الكثير من الأحيان فهي تستثير الرأي العام وتثير النعرات وبعض السلوكات العنيفة بتصرفاتها وبتحاملها على الدين -بعض النخب أقول-، فيما جعل البعض الآخر من الدين وسيلة لكسب الثروات والبعض نصب نفسه داعية وفتح لنفسه باب الثراء، والبعض نصب نفسه رئيسا لحركة ما والبعض الآخر داعية وسفيرا معنويا للدولة الجزائرية من خلال تنقلاته وحديثه وكلامه باسم الفئات الدينية الواسعة وهي أخطاء في الحقيقة وقعنا فيها ونتحمل تبعاتها اليوم.
برأيكم ما هي الأسباب التي أدت إلى تغلغل التطرف في المجتمع الجزائري؟
مشكلة التطرف موجودة ونعاني منها يوميا من خلال السلوك الذي نراه اليوم في المدارس والجماعات، كما يظهر التطرف في الخطاب الذي نسمعه فليست هناك سيطرة كاملة للدولة على المؤسسة الدينية، كل من هب ودب يأتي ويصعد إلى المنبر ويتكلم باسم ما يعتقده دينا ويحاول الدفاع عنه ولكنه في تلك الخطب والدعوات يحمل الناس على السلوك العنيف في مواجهة بعضهم بعضا، في مواجهة الحملات التي تقع على الدين الإسلامي من الداخل والخارج، كما أن فضاء التواصل الاجتماعي عبر شبكة الانترنيت، قد قطع الطريق على الدول والحكومات والسلط في توجيه شعوبها، فصار التوجيه يأتي من الخارج، يوجهه ثم بعد ذلك يجنده أحيانا للقتال في بؤر التوتر الموجودة في العالم، هذا الفضاء يجب أن يكون تحت رقابة الدولة يجب أن يقوم الوالدان والأسرة بمراقبة الأبناء بكيفية لبقة وذكية، يجب أن يكون المربون والدعاة دائما على استعداد لتوجيه النشأ، لتجنب مخاطر هذه المواقع.
على ضوء ما تطرقتم إليه، كيف تشخصون الممارسة الدينية في الجزائر؟
الممارسة الدينية لها وجهان، الوجه الأول هو العادي حين نقول إن الناس يؤدون شعائرهم في المساجد يؤدون شعيرة الحج والصيام بانضباط وبتعود بحيث لا يوجد فيها خلل ظاهر، الوجه الثاني هناك بعض التيارات التي دخلت على هذا السلوك الديني وشككت في كيفية الصلاة في الهيئات التعبدية في بعض مناسك الحج وصارت تأتي بفتاوى شوشت فيها على الناس، في وقت بقيت الدولة عاجزة عن مقاومة هذه السلوكات، السلوك الديني يبقى سلوكا حيا داخل الفرد الجزائري لكنه صار محل تشكيك من قبل فئات جاءت بفتاوى من المشرق -والناس عادة مفتونون بما يأتي من الخارج- ثم للأمانة ليست هناك هيئات قوية في بلادنا يمكن أن تكون محل ثقة مطلقة من قبل المواطن الجزائري حتى يعود إليها في كل شيء.
إذن هل يمكننا القول إن الجزائري أصبح تائها وسط هذه الفتاوى واختلاف التيارات الدينية؟
أنا أحمل كل الأجيال التي تداولت على الاستقلال سلطة ودعاة ومفكرين، مسؤولية الضياع الذي تعاني منه بعض الأجيال اللاحقة فالمسألة الدينية لم تكن أساسية حين دخلنا مرحلة الاستقلال، وعملية الانتقال إبان التصحيح الثوري لم تشتغل عليها، وحين وقع منعطف خطير مع الثورة الإيرانية وقع منعطف أخطر فقد تنبهت شعوب العالم الإسلامي إلى أن هناك دينا يمكن أن يتحول إلى قوة في وجه المستبد أو الديكتاتور، وحين حصل هذا أقبل الناس على التعاطي مع الدين، وهنا انتبه الشباب إلى ما يعتقد أنه فريضة مغيبة وهي فريضة الجهاد، وجندت دول المشرق العربي شبابنا في المغرب العربي وفي المشرق من أجل هذه القضية، ثم بعد ذلك –العائدون- حين عادوا بهذه الصورة وبفكرة أنه لا يمكنهم أن يتركوا الأوضاع في بلدانهم على ما هي عليه وأنه يجب عليهم أن يغيروها إلى ما يعتقدون أنه وضع إسلامي، بدأت المصادمات الأولى بين الأنظمة وبداية تشكل الجماعات المسلحة، ثم مع التعددية الحزبية في العالم العربي وخصوصا في الجزائر أيضا لم يكن الحديث عن التعددية وإنما الحديث عن مشروعين مشروع إسلامي ومشروع استئصالي انفصالي لائكي شيوعي ويراه البعض علماني، شُحن الناس بشحنة كبيرة لمعاداة الآخر وغاب التسامح والحوار والفهم الصحيح للدين فوقع المحضور ووقع التصادم بين فلكين كبيرين، وكانت المأساة الجزائرية التي راح ضحيتها ربع مليون شخص.
كيف يجب أن تكون المرجعية الدينية في الجزائر، وماذا عن منصب مفتي الجمهورية؟
يجب أن تحمى من طرف وزارة الشؤون الدينية أولا، ثم عن طريق البرامج التعليمية، وعلى مستوى آخر عبر الحركة الثقافية، وفيما يخص منصب مفتي الجمهورية، لم يسبقني أحد في هذا الاقتراح، حتى ظن البعض أني أرشح نفسي لهذا المنصب الذي لا يوجد دستوريا.
يجب أن يكون هناك مفتي للجمهورية محاطا بمكتب من إحدى عشر شخصا، لديهم من الكفاءة العلمية ما يسمح لهم بمساعدة المفتي على إصدار الفتوى في الأمور الحساسة وتكون لديهم المصداقية والقبول لدى أبناء الوطن، كما يجب أن تحظى شخصية المفتي بنفس القبول، وذا حصل ذلك، فلاشك أن الناس ستستمع إليه وتبتعد تدريجيا عن دعاة الفتنة وخطباء المنابر الذين ليس لديهم مستوى.
كيف يمكننا قياس بارومتر التطرف في الجزائر؟
هناك عدة وسائل لذلك، أولا المؤسسة الدينية ممثلة في الوزارة عبر مديري الشؤون الدينية في الولايات عبر من يمثل السلك الديني نستطيع تحديد إن كان الخطاب الديني وسطي أم أنه ينحو نحو التطرف، ثانيا المؤسسة الأمنية ومع الأسف الشديد البعض ينظر إلى الأمن دائما وكأننا استوردناه من الخارج، وفي الحقيقة هي مؤسسة مشكلة من أبناء وكفاءات الجزائر، ولا يجب أن تغيب عن التصور والحدث الديني، بالعكس أعتقد أنه يجب أن تكون لها مراكز بحث استراتيجي ولقد سبق لي أن دعوت منذ حوالي 15 سنة إلى تشكيل وتأسيس مراكز بحث استراتيجي تهتم بالمسألة الدينية حتى لا تغرق البلاد فيما وقع سابقا وحتى لا ينجر أبناؤنا إلى الكثير من المزالق الخطيرة التي يمكن أن تجدد مأساتنا أضعاف ما نتصور، فهل من المعقول أن زعيم حزب أو رئيس منظمة أو جمعية لا يستطيع أن يعقد اجتماعا إلا بعد الحصول على رخصة وتصريح أمني، وبالمقابل الإمام الذي نوظفه ليلتقي الناس في خمس صلوات وفي الجمعة ويوجههم ويخطب متى شاء لا يمر عبر تحقيق أمني على الأقل لمعرفة سلوكه والبيئة التي نشأ فيها ومدى درايته بمسألة العنف.
بعد المؤسسة الدينية والأمنية، هناك المؤسسة الإعلامية التي إذا لاحظتم في كل مرة تخرج لنا صورة من صور التدين لسنا نعلم من أين أتت بها، من خلال إبراز شخص لا شهادة ولا ثقافة له يصبح بين عشية وضحاها من خلال محادثات تلفزية مرجعا ويستشار في كل شيء ويحب أن يقود المسيرات ويصبح هو المعيار لتدين الدولة، ويحكم على هذا بالكفر وعلى هذا بالقتل وعلى ذاك بالخروج من الدين أو الارتداد وهذا خطر شديد، ولذلك على المؤسسة الإعلامية أن تكون لها مقاييسها ومعاييرها في التعامل مع المسألة الدينية بشكل من الوفاء لهذا الوطن لأن الإعلام مكسب والإعلام التعددي مكسب أكبر، ولكن إذا دخل هذا الإعلام في المصالح الضيقة وفي خدمة فئات وتيارات ولوبيات فقد يجرنا في بعض الأحيان إلى تقديم أشخاص أو مؤسسات أو جماعات متطرفة على أساس أنها هي التدين الصحيح.
ملاحظة مهمة يجب الإشارة إليها، وهي مسألة التعاون الإقليمي مع دول الجوار وتلك التي نقتسم معها الحدود، لأن المسألة الدينية لها تلاقحاتها ولها كما يقال عدواها تنتقل من هنا إلى هناك في تفاعل وتنعدم الحدود وتتفاعل الجماعات وتصبح قوية وتصبح ردود الأفعال غير مضبوطة فالتعاون الأمني والاستراتيجي والديني والسياسي ودور وزارة الخارجية في نقل بعض الملفات الحساسة من بؤر التوتر إلى الدولة الجزائرية والعكس أمر ضروري في السيطرة على التطرف الديني والخروج عن التدين الوسطي إلى فضاءات العنف والتكفير والقتل.
هل بإمكانكم أن تضبط لنا المفاهيم المرتبطة بالمرجعية الدينية بالجزائر؟
اللخبطة صنعها بعض السفهاء حين تصدروا المنابر فأصبحوا يتحدثون عن التصوف باعتباره ظاهرة وليس صورة للسنة النوبية الشريفة ويعتقدون أنهم هم من يمثلون السنة، وهنا يجب أن أوضح أمرا مهما فحين نتحدث عن التصوف والطرق والزوايا فنحن نتكلم عن ركن ركين في المرجعية الدينية الجزائرية، لالة فاطمة نسومر كانت رحمانية من الزاوية الرحمانية ببلاد القبائل، السي المقراني، وكذا الأمير عبد القادر الذي بنى الدولة الجزائرية الحديثة كان صوفيا صاحب الزاوية القادرية بمعسكر، أول الشهداء الذين سقطوا وهم 3 آلاف شهيد على جدران مدينة اسطاوالي حين دخل المستعمر على سيدي فرج كلهم كانوا من الطريقة الرحمانية، فالحديث عن التصوف هو الحديث عن ركن أصيل في المرجعية الجزائرية، هذه المرجعية المغاربية في الحقيقة المشكلة من العقيدة التوحيدية ومن المذهب المالكي الذي يجمعنا إلا الأقلية من المذهب الحنفي أو الإباضي -وهذا ثراء للتدين في بلادنا- ثم من الزوايا والطرق فهي كانت رباطا للجهاد في سبيل الله قاومت الإسبان في بداية القرن ال17، وقاومت الاستعمار الفرنسي وكل الحركات الهدامة بل إننا نجد أن الزوايا لا يوجد منتسب واحد لها أجرم في حق الوطن في العشرية الحمراء.
وماذا عن مصطلح السلفية؟
لا يوجد مصطلح اسمه سلفية، فالسلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي فهي فترة السلف الصالح وكل المسلمين سواء في الجزائر أو في أفغانستان أو في المريخ يقولون بأننا على طريقة السلف ونتشبه بهم، فلماذا تأتي جماعة لتحتكر السلف لنفسها وكل من خالفها في الملبس أو طريقة التعبد يعتبر خارجا عن هذا المذهب، في الحقيقة الذي أصّل لهذه المسألة هو الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي »شهيد المنبر« الذي كتب كتابا مهما وهو »السلفية مرحلة زمانية مباركة لا مذهب إسلامي« وأتبعه بكتاب آخر »اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية« لأن هؤلاء السلفية يقولون نحن لا مذهبيون نأخذ من السنة النبوية الشريفة وكأن علماء الإسلام عبر كل هذه القرون المتطاولة قد خرجوا عن الدين ولم يفهموا السلف، السلفية ثوب زور تلبسه بعض الجماعات لتلبس على الناس فتلبسهم لباسا معينا كقميص وطاقية على الرأس ولحية مسدلة بشكل معين، فيتحول هذا السلوك إلى سلوك طائفي وتحولت هذه الجماعة إلى طائفة متميزة بلباسها داخل المجتمع الواحد، تركت اللباس الجزائري وأتت بآخر وأتساءل لماذا يؤتى بهذا اللباس تحديدا الذي هو لباس دولة معينة وهي دولة شقيقة في النهاية، ولكن لماذا يصدرون إلينا هذه البداوة ويتحول أبناؤنا إلى مواطنين خليجيين يعيشون في الجزائر، والسلفية أعدادها تتضاعف يوما بعد يوم، والسبب أنها تركز على الأميين مقارنة بالتشيع الذي يعتبر سلوكا نخبويا، يركز على النخب ويلقنها هذه القناعات عبر آليات معقدة فيكسبها إلى صفه، أما السلفية الوهابية فتأخذ الأميين، ونقول الوهابية لأن مرجعيتها المتأخرة هي ابن عبد الوهاب والمرجعية القديمة هي ابن تيمية فهي جمع بين الفكرين، وهذه المرجعية خطيرة على وحدة الشعوب وعلى الفهم الديني البسيط الفطري والاعتدال في الدين.
هل يمكننا على ضوء ذلك القول إن تيار ابن تيمية كان متطرفا؟
طبعا، لا تنسى أن دخول ابن تيمية السجن ووفاته هناك كان بإجماع علماء الخلافة الإسلامية، بعد أن تطرف في كثير من المواقف، في زيارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والحديث عن دار الحرب ودار السلم وفي مسألة الشركيات، وفتاواه كانت خطيرة على الأمة الإسلامية وكانت بينه وبين ابن عطا الله السكندري مناظرة في حضور الخليفة وأجمع علماء الإسلام في ذلك الوقت على وجوب سجنه لأن آراءه كان فيها الكثير من التطرف وبدأت تؤثر على وحدة الشعب المسلم آنذاك، والعداء الحاصل بين كثير من أهل السنة وأهل الشيعة إنما مرجعه إلى فكر ابن تيمية ومرجعيته، طبعا أن نظرتي مختلفة عن هؤلاء أقول بأن ابن تيمية إمام من أئمة المسلمين ولكنه تطرف في الكثير من المسائل والذين حاكموه في ذلك العصر أدرى بمقالاته.
ما الذي يجب على الدولة القيام به لوضع حد لهذه الفوضى في ظل الفتاوى الخطيرة التي تصدر عن البعض، على غرار دعوة إهدار دم الكاتب كمال داوود؟
بالنسبة لكمال داوود كنت قد صرحت للإعلام بأنني لم أطلع على ما قاله، ولكن بعد إطلاعي، أجد أنه قد أساء إساءات بالغة للدين وقابلتها إساءة أخرى من الذي كفره وأهدر دمه، فليس من حق هذا أن يعتدي على الشعور الجمعي للشعب الجزائري مهما كان موقفه من الإبداع وحرية التعبير، وبالمقابل ليس من حق الذي كفّره أن يتكلم في دمه ولا أن يكفره ولو كان أهلا لذلك، فلا يحق لأي كان أن يتكلم في الدماء والتكفير، هذه المسألة فضاؤها المعقول هو القضاء، يتأسس النائب العام تلقائيا فيدعو كمال داوود ويسأله عن هذه الإساءات التي تتعارض مع المادة الثانية للدستور التي تنص على أن »الإسلام دين الدولة«، كما يدعو الآخر فيسأله بأي حق ومن أي موقع يكفره.
لو نعود لحديثك عن التشيع، هناك من يتكلم عن وجود مد شيعي في الجزائر ما تعقيبكم على ذلك؟
التشيع بدأ في سنة 1979، وأنا عايشت الحركة الشيعية في الحي الجامعي طالبا، وبعد ذلك في بعض الأحياء الشعبية في العاصمة وكانت لي جلسات مطولة مع بعض المنتسبين إلى هذا التيار في بداية الثمانينات إلى سنة 2000، وبالنسبة لعددهم كنت قد صرحت منذ سنوات قلت أنهم ما بين 600 وألف ولكن على حسب آخر المعطيات فإنهم يصلون إلى 6 آلاف شيعي، إذا احتسبت عدد الولايات في الجزائر مقارنة بالثقل العددي لهذا التيار، وإذا قلنا بأنه تطور هندسيا من 600 منذ 10 سنوات، ثانيا هناك احتفالات كانت تقام في الخفاء بمقتل سيدنا الحسين، الآن أصبحت معلنة ويحضرها عدد معتبر، ولا ننسى أن التشيع في الجزائر جاء نتيجة ثلاثة أمور أولا الثورة الإيرانية وكان العدد قليلا، أتذكر رشيد بن عيسى الذي كان تلميذ مالك بن نبي وهو من أكبر دعاة ما يسمى تيار الجزأرة، سافر إلى إيران وتشيع وكان يأتي إلى الأحياء الجامعية ويخطب في الطلبة ويدعو إلى التشيع والكثير اتبعوه كما ذهب بعض الناس وبايعوا الخميني من الجزائر، ثم بعد ذلك نشأت حركة مسلحة في عهد الرئيس الشاذلي في مدينة الثنية في بومرداس، وأنهى الجيش الوطني الشعبي وجود هذا التنظيم المسلح، ثم بعد ذلك لما صارت الحركة الوهابية تتمدد جاء رد فعل عكسي فظهرت حركة شيعية بالمقابل.
الآن توحدت شيعة المغرب العربي وصاروا يتبادلون الزيارات واللقاءات ولا ننسى أن كثيرا ممن كانوا يسافرون إلى لبنان إنما كانوا في الحقيقة يسافرون إلى إيران وكانت لا توضع الأختام على جوازات سفرهم حتى لا يُحرجوا هنا في الجزائر، يذهبون إلى سوريا وتأخذهم الطائرات إلى قم، وزارني في يوم من الأيام شيعيان من شيعة الجزائر يعرفان قم جيدا، كأنهما يلومانني عن بعض الانتقادات التي وجهتها عبر الإعلام، لأنني تكلمت مطولا عن موضوع التشيع دون تحامل على الشيعة، ولنتفق بأنني لست على رأي الذين يكفرونهم أو يتحاملون عليهم، إنما أقول بأنهم مخطئون يجب أن يحترموا الصحابة وأمهات المؤمنين هذا هو الاختلاف بيننا أما بعض الاجتهادات الفقهية فهم أحرار فيها، الخط الأحمر هم أمهات المسلمين والصحابة والخلاف وقع وإن لم يثره الذين زاروني في بيتي، خطورة المذهب خطورة أي شيء دخيل أنه يفت في المرجعية الدينية، نحن متحدون على المرجعية الدينية فإذا جاء تيار جديد سيعرضها للتآكل، فبلا شك يسئ إلى وحدتنا الدينية وكذلك بروز هذا التيار مع التيار الوهابي سيفتح باب التصادم وهذا ما هو واقع الآن.
وما هو تصوركم للمشكل القائم بين الإباضية والمالكية بغرداية ؟
الإباضية مذهب جزائري، يعود تاريخ منذ أن جاء مع الدولة الرستمية من مدينة تيهرت إلى وادي ميزاب والإباضية والمالكية كانوا دائما وأبدا إخوانا والحمد لله كان لدي دور في الصلح الذي وقع في بريان منذ سنوات وبالنسبة للمأساة الأخيرة، هي مأساة لها علاقة بالداخل والخارج، لا وجود لخلاف بين المذهبين، فأقرب مذهب للمالكية هو المذهب الإباضي والاجتهادات تكاد تكون متطابقة لا وجود لخلاف اجتهادي بين المذهبين وكل من أثاروا هذه الفتن لهم غايات بعيدة تمس وحدة الجزائر، الخريطة الجديدة التي ترسم للعالم الإسلامي والعالم العربي والتي بدأت من السودان وانتقلت إلى اليمن، سوريا معرضة للتقسيم لثلاث دول، العراق مقسم إلى ثلاث دول والقائمة طويلة.
والجزائر تهدد الكثيرين بالنظر على حجم شبابها وشساعة مساحتها، أضف إلى ذلك الثروات والمياه لأن الحرب القادمة هي حروب مياه، الجزائر تهدد الكثير من دعاة الاستعمار الجديد الذين لا يريدون للشعوب أن تنهض، وما يحدث بغرداية يراد من خلاله استحداث جرح عميق في الجزائر، هو مشروع لتقسيم الجزائر ولن يكون ذلك إن شاء الله.
أما فيما يخص العوامل الداخلية، فهم أذناب وعملاء الخارج الذين ينفخون ولا يريدون لهذه المشكلة أن تحل، كيف نعجز بكل مؤسسات الدولة على حل المشكلة في أحياء صغيرة، كل هذا غير المنطقي، في اعتقادي هناك صمت رهيب، وأنا شخصيا لو كنت وزيرا أولا لتركت قصر الحكومة وفتحت مداومة في مدينة غرداية وعاهدت الله أن لا أخرج منها حتى يعود الانسجام التام للمنطقة، فلتتنقل الحكومة بأكملها وتقوم باجتماعاتها الدورية هناك ولتخاطب العقلاء وكل الأطياف وليس حقيقيا أن الصراع مذهبي، أو هو صراع بين ميزاب وعرب، هذا ليس صحيحا.
وأحب من خلال هذا الحوار أن أوجه تحية إلى مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، إذا رأينا طول الحدود الجزائرية، فتحها على ستة دول، إضافة إلى الواجهة البحرية، لا أعتقد أنه بإمكان أي جيش في إفريقيا أن يقوم بحماية مستمرة من تهريب وغيرها من الجرائم، هو عمل جبار، ونسأل الله أن يستمر لأن المتجول في الجزائر يعلم مدى شساعة البلد، الجزائر قارة داخل قارة، فيها كل المناخات وتتربع على أكبر جزيرة مائية في العالم وهي صحراء الجزائر، تتحدث عن استخدام القوة والاستعجال، الاستعجال نعم فالمسألة لا تتطلب الصبر أكثر، بالنسبة للقوة هي غير مجدية في كل الأحيان، يجب أن نكرس لغة الحوار وإبداء اهتمام رسمي أكثر مما حاولت بعض الأطراف أن تظهره في الجهاز التنفيذي.
تحدثتم عن خطر يهدد وحدة البلاد ومحاولات لإدخال الجزائر في الفوضى عبر الجنوب، كيف تقرؤون الأوضاع التي تعيشها مدينة عين صالح في الفترة الأخيرة؟
هناك خلل في الحوار بين الجهات المسؤولة وأبنائنا في أقصى الجنوب، في الحقيقة لم تعجبني تصريحات وزير الطاقة ولا مدير »سوناطراك« الذي بدا وكأنه يخاطب شعبا في جزيرة نائية، لماذا يخاطبون بهذه الطريقة عبر حوار متلفز، مع الأسف هناك خلل في الحوار وإذا استمر هذا الخلل ستتوسع الهوة بين الحاكم والمحكوم والثقة لا تزداد إلا تزعزعا، يجب أن نخاطب الناس باحترام وننزل إليهم ونستمع إليهم ونوسع فضاء الحوار أمام المختصين أي أن يخاطب الناس بعقل، وأهل عين صالح هم صورة رائعة جدا عن سماحة هذا الشعب من خلال أخلاقهم، فبعدم حوارنا مع أبناء الجنوب فتحتا البابا أمام دعاة الفتنة، ثم لماذا العجلة في الحديث عن الغاز الصخري، الجزائر لديها مخزون مائي هائل جدا يمكنها من القيام بثورة زراعية كبيرة.
ما هو موقع الجزائر من الربيع العربي؟
في الجزائر لا تعجبني المعارضة لأنها لا تتكلم إلا على كرسي الرئاسة، والواجب عليها أن تتكلم في أشياء أخرى، لماذا لا تذهب إلى بؤر التوتر وتوعي المواطنين بأهمية الوحدة الوطنية، كلهم يتكلمون على الشغور والمادة 88 والبلد يتعرض لهزات اقتصادية بفعل أسعار البترول والهزات الاجتماعية بسبب تضاعف البطالة، كل هذا والمعارضة بعيدة كل البعد، كرسي الرئاسة ليس من سيغير الأمور، الواجب أن نتكاتف من أجل وحدة وطننا وحمايته والمسائل الداخلية تحل عبر الحوار والآليات المعروفة من انتخابات وغيرها.
هل تم استدعاؤكم للمشاركة في مشاورات تعديل الدستور، وما هي المقترحات التي تقدمونها؟
للأسف لم يطلب مني إبداء رأيي بصفة رسمية، لكن لو دعيت تصوري للدستور أن يكون دستورا يفصل بين السلطات الثلاث، وإذا استقلت هذه السلطات حصل توازن كبير في الممارسة السياسة وفي حقوق الإنسان، ويجب أن يكون الدستور حاميا للمسائل الأساسية في حياتنا، كالدين اللغة الوحدة الوطنية ورموز هذا الوطن،
تصوري لهذا الدستور أن لا يخدم تيارا سياسيا أو مرحلة سياسية، يكون توافقيا بين العقلاء من أبناء هذا البلد، ولا يشارك فيه رجال السياسية فقط بل إشراك رجال القانون المختصون في الشأن العلمي يجب أن يستشاروا، خاصة من لديهم علم بتاريخ الأنظمة والفلسفة السياسية والممارسة السياسية عند الشعوب ابتداء من قانون حمورابي، أفلاطون الفارابي الخلافة العثمانية الأندلس، من يجمعون بين السياسة القانون والتاريخ واستشارة العقلاء هي ضمان لسلامة المسيرة.
كيف تردون على الذين يريدون أن تتبنى الجزائر العلمانية كمنهج في تسيير شؤون الدولة ؟
العلمانية ليست كفرا، أنا رجل فكر وكتابة ولدي مؤلفات عديدة وقرأت اللائكية بعمق، يمكنني أن أحدثكم عنها بما شئتم، نشأت حركة علماء التنوير بفرنسا نتيجة استبداد الكنسية، ديوديرو، منتوسيكو، لامارتين، فولتير، هؤلاء كانوا تنويريين، ضد تسلط الكنيسة التي كانت تمثل تجسيد الله على الأرض، هذا التجسيد لله في الأرض قمع الآراء، فعندما قال غاليلي المفكر الايطالي، إن الأرض تدور أعدم، الكنيسة كانت تتدخل في كل شأن، وعليه دعا الفلاسفة إلى الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، هذا الفصل سمي باللائكية حصل مع ثورة روبيسا بيار سنة 1789 في فرسا وجاءت الثورة الفرنسية، التي قامت على مبادئ الإخاء، المساواة والعدالة وجسدها الشعب الفرنسي في الفصل بين الوظيفة الدينية والسياسية، هذا الفصل ضمن لفرنسا وجود عدة جمهوريات، وصار الناس أحرارا يكتبون وصارت المعارضة مرآة عاكسة لأخطاء السلطة لا معارضة للتصادم معها والوظيفة الدينية بقيت في الكنائس ونشأت الدولة الدينية في الفاتيكان.
أما بالنسبة للجزائر، أنا لست من دعاة اللائكية، الرئيس يجب أن يكون مسلما، يقسم على المصحف الشريف وهو دليل على ارتباط المسؤولية السياسية بأعظم رمز للدين وهو القرآن الكريم، الإسلام دين الدولة في الدستور، لكن أن نحول الدين إلى أداة نتلاعب بها ونحارب بها بعضنا البعض ونجعل منها قميص عثمان في كل مرة فلا، لأن ما حدث في التسعينات يكفينا ونحن معرضون لمخاطر كثيرة، يجب أن ندرك الجدال الذي لا معنى له، هناك دستور وكفانا الحديث عن الصراع المفتعل من طرف بعض اللائكيين من النخبة الجامعية،هم مسلمون ولكنهم مصرون على إبعاد الإسلام على الواجهة السياسية وهذا رأيهم وهم أحرار فيه ما لم يعتدوا على الإسلام بالشتم أو بما يضر بالضمير الجماعي.
هل أنتم مع وجود أحزاب إسلامية؟
أنا مواطن ملتزم بقوانين الجمهورية، ورأيي الخاص هو يجب التمييز بين الوظيفة الدينية والوظيفة السياسية، لا أقول الفصل بل التمييز بمعنى لا يخوض رجل الدين في المسائل السياسية لأنها دقيقة جدا، لو كان لي من الأمر شيئا ما تركت في الجزائر إلا 3 أو 4 أحزاب بناء على نتائج الانتخابات، والأمر معمول به في بعض الدول الديمقراطية مثل بريطانيا فزعماء الأحزاب الذين لا يحصلون على نسبة معينة في الانتخابات يمنعون من الحديث لوسائل الإعلام، كما يمكن حل كل الأحزاب وفتح المجال لتأسيس أحزاب على قاعدة جديدة.
الأحزاب المسماة دينية لا تقول بأنها دينية، وحذفت التسمية الإسلامية، والتجربة تقول أن تأسيس حزب على أساس ديني يؤدي إلى نوع من التلاعب بالمسألة الدينية في السوق السياسية والسياق الدولي الآن ضد وجود أحزاب تتكلم باسم الدين وتتصدر لتتكلم باسمه، أنا أميز بين الوظيفة السياسية والوظيفة الدينية، ومادامت هذه الأحزاب موجودة في إطار قوانين فلا يمكن منعها من الممارسة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.