أصدرت الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية بيانا وقعه رئيسها الشيخ محمد المأمون القاسمي، ذكر بوقوفها منذ عقود في وجه المحاولات الرامية إلى تفكيك روابط الأسرة وتفويض أركانها، مجددا الدعوة إلى التمسك بمؤسسة الأسرة، والعض عليها بالنواجذ، باعتبارها أساس المجتمع، وهي المستهدفة من المخططات الساعية لطمس خصائصه المتميزة، التي هي عنوان شخصيته، وسر تمسكه وقوته· وقد جاء في مقدمة البيان أن »التناصح بين المسلمين فريضة في الدين· ومن النصيحة ما يوجه إلى أولياء الأمور، وهي تعني فيما تعني، حب الصلاح والسداد لهم، وتذكيرهم بالخير وإعانتهم عليه، وإرشادهم إلى طريق الهدى والحق ليلتزموه، والمباعدة بينهم وبين الضلال والباطل كي يجتنبوه«. كما عبرت الرابطة في بيانها عن رفض التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات، بدعوى حماية المرأة من العنف، واعتبرتها باطلة، وطالبت الجهات المعنية بإلغائها، لأنها إجراءات، كما ذكر البيان، من شأنها أن تلحق أضرارا بليغة بمؤسسة الأسرة، وتفقده الاستقرار والانسجام والثقة بين أفرادها وتشجع المرأة على التنكر لقيمها، والتجرد من أخلاقها، والتحلل من الالتزام بأحكام الشريعة، ومن قيمها وآدابها· وقد جاءت الإحصاءات لتؤكد أن حالات الطلاق قد تضاعفت بعد فتح باب الخلع على مصراعيه وصدور القانون المتعلق بصندوق النفقة للمطلقات· وحذر البيان من »محاولات الزج بالمرأة المسلمة في مهاوي حضارة الغرب، التي تحللت من كل القيود والضوابط الأخلاقية، وراحت تقنن للشذوذ، وتشرع للانحراف، وتشجع على الرذيلة، وتقدم للناس الشهوات البهيمية، بدعوى الحرية الشخصية« كما حذر البيان من »مغبة الانسياق وراء الحريات المغشوة، والدعوات المشبوهة، التي تقلب سلم القيم، ويراد منها تحطيم منظومة القيم الأخلاقية، وإحلال القيم الهابطة محلها، لتمييع شباب الأمة، وإسقاط المرأة في أوحال الرذيلة والفساد«. وذكر البيان بمكانة المرأة في الإسلام، الذي منحها حقوقها، وصان لها كرامتها، واعتبرها شريكة للرجل، شقيقة له في الحياة، وساوى بينهما، في شتى المجالات، وجعل هذه المساواة على ميزان الشرع »فقد جعل الله لكل من الرجل والمرأة خصائص ومزايا ومقومات، ليست للآخر وأهل كلا منهما لما يقوم به من مهام في هذه الحياة· وجعل العلاقة بين الزوجين علاقة تكامل وتعاون، تقوم على المودة والرحمة، لا على النزاع والتصادم«. ودعت الرابطة، في هذا السياق، إلى »التحرر من ذهنية الصراع والمطالبة بالحقوق بين الرجل والمرأة، لأنها ذهنية أفرزتها أوضاع الحضارة العربية، فهي غريبة عنا وعن حضارتنا، وعن قيمنا وأخلاقنا«. وفي هذا الصدد، قال الشيخ القاسمي: »إننا ما فتئنا ندعو إلى مراجعة المنظومة التربوية، لتكون منسجمة مع قيمنا ومبادئنا، مستجيبة لتطلعاتنا وأهدافنا«. »وإن دعوتنا تتجدد إلى تأهيل شباب الأمة لرسالته في الحياة وذلك بالعناية بتكوين الفرد المسلم، وتربيته تربية متكاملة، وتسليحه بدروع التقوى، وتنشئته على الفضيلة والاستقامة، وعلى حب الخير وخير العمل، وعلى فهم الدين، وحسن تطبيق أحكامه، والالتزام بآدابه، لكي يكون هذا الفرد ذكر وأنثى، مؤهلا لتشكيل طرف في بناء أسرة متزنة، يسودها الحب والإحسان والتعاون على البر والتقوى«. وبشأن التشريع، ذكرت الرابطة بأن الجانب البنيوي للأسرة محكوم بالشريعة الإسلامية، ومن ثم تجب مراعاة هذا الاعتبار في كل ما تسن الدولة من قوانين، وعلى المشرع أن يراعى فيها الانسجام الكامل مع التشريعات الفقهية، على أن يوكل الأمر، في هذا المجال، إلى أهل الاختصاص الموثوق في دينهم، المتشبعين بالقيم الأخلاقية والروح الوطنية· وختم البيان بالقول »إن الدولة حين تشرع، إنما تشرع لشعب رضي بالإسلام دينا، منذ أربعة عشر قرنا، ويتمسك بالإسلام، منذ أن هداه الله إليه، لا يبغي عنه حولا، ولا يرضى بغيره بديلا فالذي خلق الإنسان أعلم بما يصلح الإنسان« واستشهد البيان بقوله تعالى »ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير« الملك 14. وختم البيان بالقول أن »من كان مؤمنا بالله ورسوله لا يسعه إلا الرضا بما اختاره الله ورسوله والله تعلى يقول: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا« الأحزاب 36.