عاد فرحات مهني زعيم الحركة الانفصالية في منطقة القبائل إلى الواجهة ليؤكد صحة كل ما راج حول عمالته، هو وجماعته في الحركة من اجل الاستقلال الذاتي في منطقة القبائل خاصة ما تسمى بحكومة المنفى بفرنسا، للنظام المغربي، فالرجل لم يعد يخفي العلاقة التي تربطه بمخابر الرباط وطبيعة المهمة التي يؤديها لصالحها، ناهيك عن تأكيد التأمر المغربي على الجزائر في أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية. مهني صرح خلال لقاء جمعه الخميس الفارط بباريس، بوفد حقوقي مغربي، أنه لا يعترف بالجمهورية الصحراوية، واعتبر أن القضية الصحراوية "مفتعلة" من قبل الجزائر، مرددا نفس العبارات التي يروج له المخزن منذ عقود، مضيفا أن "الجزائر تتحكم في البوليساريو وهي التي هيئت لهم العيش بتندوف ومولتهم وجاءت ببعض العناصر من الركيبات بموريتانيا لتستوطنهم بتندوف"، وذهب هذا العميل ابعد مما كان متصورا عندما راح يكرر نفس الأطروحات التوسعية التي يتبناها النظام المغربي ومن يدور في فلكه حيث وأوضح أيضا أنه سبق له أن قام بزيارة إلى منطقة تندوف والتقى بكثير من سكانها الذين، زعم أن "لهم ولاء كبير للمغرب ومن أعلن عن ذلك صراحة يسجن ويعذب"، وحتى يرضى عنه "أمير المؤمنين" ويغدق عليه العطايا ويضاعف له ما يتلقاه من أموال راح مهني يثني على ما اسماه ب "الدور الكبير الذي يقوم به الملك محمد السادس للنهوض بحقوق الأمازيغية بالمغرب من خلال توحيد مكوناتها ورد الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغيتين". المواقف الداعمة للمخزن التي تصدر عن زعيم »الماك« كثيرة وليست وليدة اليوم، ولم يكن طرح الرباط لما اسماه ب »قضية الشعب القبائلي« في الأممالمتحدة في سابقة خطيرة كشفت عن جهل وسذاجة سياسية ودبلوماسية، مبني على فراغ، فالنظام المغربي لجأ إلى هذه الخيار بعدما اعتقد بان العصابة التي تسير وراء مهني أصبحت في يده يفعل بها ما يشاء، فإذا كان المال هو عصب الحروب كما يقال فإنه من دون شك يفسر الكثير من الخيانات للأوطان، فقد سبق لإيدير جوودر، أحد الشخصيات النافذة في "الماك"، أن كشف أن السلطات المغربية تمنح لفرحات مهني مساعدة مالية شهرية قيمتها 250 ألف أورو شهريا، وهذا منذ جانفي 2010، مضيفا: "لقد أخبرني فرحات مهني نفسه بذلك، وهذا بحضور شاهد"، مع الإشارة هنا إلى أن هذا الشخص لا يتلقى الدعم من المغرب فحسب، فهو يتلقى الأموال ومنذ سنوات من فرنسا ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، وسبق له أن التقى عملاء من المخابرات الإسرائيلية ووعدهم بأنه في حال نجح في إقامة دولة في منطقة القبائل فإن أول قرار سيتخذه هو الاعتراف بإسرائيل. المغرب فرح جدا بفرحات مهني وجماعته لأنه يعتقد انه يستعمل هؤلاء كالدمى للضغط على الجزائر لحملها على التخلي عن دعمها للقضية الصحراوية العادلة، فضلا عن مسألة إعادة فتح الحدود البرية التي تحولت إلى هاجس حقيقي بالنسبة لدبلوماسية الرباط، وهذا غباء ما بعده غباء، أولا لأن فرحات مهني لا يمثل إلا نفسه وجماعته، وأفكاره لا تلقى أي صدى في منطقة القبائل، وهذه حقيقة تدركها المخابرات المغربية جيدا، وثانيا لأن ما يعانيه المغرب جراء الحركات الأمازيغية الانفصالية في الريف هي اخطر بكثير من حركة مهني في منطقة القبائل، خاصة في ظل المعانات الكبيرة لسكان الريف جراء سياسة الإقصاء السياسي والتنموي التي ينتهجها النظام المغربي في حقهم. فما ينشر حول التأمر المغربي على الجزائر لا يساوي أي شيء أمام الكوارث التي لم تنشر، مع هذا يجد النظام المغربي الجرأة لاتهام الجزائر بأنها أصبحت تشكل تهديدا لجيرانها أو أنها هي المسؤولة عن العلاقات المتوترة مع المملكة، واتهامها بتعطيل مسيرة البناء المغاربي، هل هناك وقاحة تماثل هذه الوقاحة، خاصة لما نسمع من حين لأخر تصريحات لمسؤولين سياسيين بارزين لا زالوا يروجون لأطروحات توسعية عافى عنها الزمن، لا تشرف حتى المغاربة أنفسهم، فما جاء على لسان زعيم حزب الاستقلال، حميد شباط الذي وصف الجزائر ب »الدولة المستعمرة«، وادعائه »مغربية« تندوف وبشار والقنادسة، هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء.