نفى المغرب نفيا قاطعا تورطه في الأحداث الأخيرة التي هزت منطقة غرداية وأسفرت عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى. وجاء النفي المغربي على لسان وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم حكومة بن كيران، وجاء رد مصطفى الخلفي في أعقاب الاجتماع الأسبوعي للحكومة المغربية في معرض إجابته على سؤال بهذا الشأن، مشيرا إلى أن "المغرب يمتلك تاريخا مجيدا لم يتخل خلاله عن أهم المبادئ التي قامت عليها الدولة تجاه جيرانها، ومن ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى". غير أن الاتهامات التي ساقها الوزير الأول عبد المالك سلال بشأن التورط المغربي لم تأت من العدم، فقد بات واضحا أن المغرب يدعم كل النشطاء الذين يطالبون بالانفصال بدء من مجموعة فرحات مهني، مرورا بنشطاء الحركة المزابية في مقدمتهم كمال فخار الذي تواصل بشكل واضح مع المغاربة، فضلا عن الزيارات المكوكية التي قادته للمغرب ومشاركته الدائمة في الملتقيات التي تدعم الحركة الانفصالية لمجموعة فرحات مهني وتقديم كافة التسهيلات من أجل التحرك في أوروبا والمغرب، وربط الاتصالات بنفس العناصر مع الأممالمتحدة. المغرب يرمي بكل ثقله منذ مدة من أجل تحريك الكثير من الملفات في محاولة للضغط على بلادنا والحد من المواقف الجزائرية المساندة للصحراء الغربية، وبدا ذلك التنسيق المغربي الأمني واضحا مع تعيين عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمراقبة التراب الوطني "الديستي" أو الاستخبارات المغربية مديرا للإدارة العام للأمن الوطني خلفا لبوشعيب الرميل. وإذا عدنا لخلفية تعيين الحموشي الذي أهانته السلطات الفرنسية في مطار "أورلي" منذ سنتين، قبل أن تعتذر فرنسا الرسمية وتكرمه، فقد أوردت وسائل الإعلام المغربية وقتها أن الملك محمد السادس كلفه بالتنسيق بين المؤسستين فيما يتعلق بالتطورات الحاصلة في المنطقة، لكن بعض تلك الوسائل فتحت قوسا للتوضيح أن التطورات تعني مكافحة الإرهاب!! وهي الظاهرة غير الجديدة على المنطقة، لكن يبدو أن التدخلات غير المعلنة للمغرب التي تتم تحت غطاء آخر تنم عن رغبة وإصرار واضحين في التعاطي مع الشأن الجزائري، فقد ظهر التنسيق واضحا بتحريك النشطاء المنتمين للحركة الأمازيغية الذين يطالبون بانفصال غرداية عن الجزائر تحت مظلة حماية الأقليات ولا يطالبون بانفصال الريف عن المخزن، مثلما لا يدافعون عن القبائل الأمازيغية الصحراوية في الأراضي الصحراوية المحتلة، وهذا دليل آخر على النية المبيّته لنظام المخزن في تحريك هؤلاء النشطاء الذين يزينون واجهة المعارضة المغربية ويصنعون أحداثا مزيفة للإيحاء بوجود حركة مغربية نشيطة ضد المخزن، بينما الحقيقة عكس ذلك تماما، فهذه الحركات تسعى لاستقطاب نشطاء دول شمال إفريقيا في ليبيا والجزائر لتأليبهم والمطالبة بالانفصال عن الدولتين، وما يؤكد تورط المغرب في الأحداث هو المقاطع التي تم بثها على مواقع التواصل وتكشف عن زيارات ودية قام بها كمال فخار للمغرب برعاية مغربية طبعا، فضلا عن المطالب الانفصالية التي تضرب صميم الوحدة في بلادنا، ومن شأنها تحريك الاقتتال بين الجزائريين.