مرّ أو كاد، العنفوان الجميل الذي عبّر به الجزائريون عن حبّهم لبلدهم كما لو اكتشفهم العالم لأول مرة.. عاد الجزائريون عودا جميلا إلى ذاتهم..إلى تراب هذه الأرض التي خرجوا منها وإليها يعودون مهما طال بُعادهم أو نسيانهم أو جحودهم.. عادوا إلى بلدهم من داخله وداخلهم..فلم تكن الكرة المسطّحة لتفعل ذلك وحدها وإلاّ تسطّح المعنى وتميّعت الدلالة.. للوطنية سحرها المتوهج ولإحياء جذوتها طريق واحدة هي حتما ما يسمى المثل أو القدوة.. مثل التفوق والنجاح في الكرة كما في باقي الرياضات..في العلم والفكر والإبداع كما في غيره من مجالات الإنجاز والتميز.. سيبقى الجزائريون معلقين إلى حين بقلوبهم إلى حين..إلى المونديال وكأس إفريقيا..ولكن سيمرّ ذلك حتما مهما كانت عظمة الإنجاز وقيمة التفوق.. بعدها سيعودون إلى يومياتهم..إلى واقعهم بإيجابياته وسلبياته..وإذ هم كذلك تنفتح الأبصار على حقائق أخرى..على كثير من العوائص والمشكلات..وعلى التحدي والرهانات.. هل يكفي وهج التعلق بالفريق الوطني وانتصاراته ليشكل أوكسجين استقرار وسلم اجتماعي؟ هل سيخفي هذا الاحتفاء حقيقة ما نعاني من مشكلات وظروف صعبة في ميادين اجتماعية واقتصادية كثيرة؟ أبدا..والحل العقلي الوحيد هو استغلال هذه الجذوة المشتعلة في صدور الشباب خاصة وارتفاع معنويات الأمة برمتها من أجل فتح صفحة جديدة من التغيير الحقيقي لصالح الإطارات الجديدة في كل المجالات والتي آن لها أن تنال فرصتها وقد بلغت الكبر بعد أكثر من أربعين عاما من الاستقلال.. هي فرصة تاريخية ينبغي أن لا تهدر من أجل إعادة ترتيب البيت والأولويات لصالح التنمية البشرية الحقيقية وبناء مجتمع المعرفة، ولأجل مجتمع العدالة والمواطنة.. كثيرة هي المحطات الهامة التي أهدرناها في التاريخ وكان يمكن أن تكون طفرة حقيقية لتجاوز الصعاب بهبّة وطنية تقوم على نموذج تنموي يخدم الشباب ويفي بحاجاتهم الاجتماعية من سكن وشغل ومساواة.. سينتهي كل شيء ولو كان حلما جميلا لا نريد أن نفيق منه ليفسح الطريق للواقع والحقيقة.. الثابت الوحيد في الكون والحياة هو..التغيّر، فلا تحرموا الأمة من تغيير طال انتظاره..!