اعتبرت المجلة الأمريكية «فورين بوليسي»، مصر الخاسر الأكبر في أحداث الخرطوم عقب مباراة الجزائر-مصر المؤهلة لنهائيات كأس العالم، ، بدليل أن الرد المصري المبالغ فيه في وصف الوقاحة والعدوان الجزائري قد عكس شعورا بأن مصر تعاني أعراض أزمة أكبر تتمثل في انعدام الثقة والشعور بأن سلطتها وهيبتها في المنطقة ليست كما كانت عليه من قبل، ففي الوقت الذي حرضت فيه ضد القومية أغلقت جميع أشكال المشاركة السياسية الحقيقية في خطوة تكتيكية قصيرة النظر لن تعالج السخط الكامل بداخل المصريين. قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن مباراة مصر والجزائر عكست التنافس المرير بين البلدين في مجال كرة القدم، والذي صار مصدراً آخر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط بل تفوق على النزاع العربي الإسرائيلي والسلاح النووي الإيراني. أشارت مجلة أمريكية في تقرير لها، إلى أن المباراة وصفت بالفرصة التاريخية والمعركة الحاسمة وبالعدالة الإلهية وبأنها مسألة كرامة، كما لو كانت معركة عسكرية أو مفاوضات دبلوماسية خطيرة، لتضيف أن الخطاب الإعلامي كان محموما منذ البداية مما حول التنافس في كرة القدم إلى انقسام دبلوماسي عميق بين الحليفين السابقين وكشف عن انعدام الثقة وسيطرة الغوغائية على وسائل الإعلام الجديدة. كما أوضحت المجلة أن إعادة المباراة الحامية بين البلدين كانت أمرا متوقعا، وارتفعت مبيعات الأعلام كما دخلت وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في سباق تعبئة الجماهير من أجل المباراة، فخرجت عناوين الصحف القومية بعناوين محفزة للجماهير، كما سيطرت اللهجة الحماسية علي المنتديات علي شبكة الإنترنت وأشرطة الفيديو علي موقع «يوتيوب». وفي نفس السياق، أضافت «فورين بوليسي» أن الحرب الإعلامية بدأت بين البلدين في الليلة التي وصل فيها الفريق الجزائري إلي القاهرة عندما اتهم لاعبو الجزائر المشجعين المصريين برشق الحافلة التي كانت تقلهم بالحجارة في حين اتهمهم الإعلام المصري بأنهم قاموا بتحطيم نوافذ سيارتهم كجزء من عملية احتيال لتغيير مكان المباراة، كما أشارت إلى أنه في ظل هذا الجو من الاتهامات المتبادلة وتزايد العداء بين الجانبين، أرسل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ممثلا شخصيا عنه إلي مباراة الخرطوم بينما حرص نجلا الرئيس المصري علاء وجمال مبارك علي حضور المباراة مما زاد من اشتعال الموقف وزاد من أهمية المباراة، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد فعقب المباراة التي فازت فيها الجزائر تعرض المشجعون المصريون لاعتداءات من قبل مشجعي الجزائر أججت نيرانها وسائل الإعلام المصرية، عندما اتهمت الحكومة الجزائرية بإفراغ السجون ونقل الآلاف من المجرمين إلي السودان لمهاجمة المشجعين المصريين، فيما ظهر علاء مبارك نجل الرئيس المصري في البرامج التليفزيونية ليشكو من سلوك الجزائريين في الخرطوم.