أجمعت نقابات التربية على رفض تطبيق عقود النجاعة في القطاع بصورته الحالية، باعتبارها كما قالت مُحرّضا على تفشي ظواهر التدليس والغش من خلال تضخيم الأساتذة لنقاط التلاميذ والتساهل معهم أثناء الامتحانات، وهو ما يرهن مستواهم ومستقبلهم، واقترحت بأن تكون هذه الأخيرة مرتبطة بأهداف بعيدة المدى وليس بنتائج نهاية العام الدراسي. موازاة مع بداية الموسم الدراسي الجديد، دخلت نقابات التربية في سباق من الزمن من أجل دفع الوزارة الوصية إلى تبني مقترحاتها فيما يخص عقود النّجاعة التي تقرر العمل بها ابتداء من هذا العام، حيث أكد نوار العربي المنسق الوطني للمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، في تصريح ل»صوت الأحرار« أن مشروع المؤسسة القديم الذي تجدّد في مشروع عقود النجاعة، لا يتماشى مع قطاع التربية، باعتبار الأساتذة يتعاملون مع تلاميذ وليس مع سلع تباع وتشترى وفق منطق السوق، فالمربي -يضيف العربي- مطالب بالعناية وبذل المجهود في تعليم التلاميذ، أما النتائج فهي خارجة عن مسؤوليته. وذهب محدثنا إلى أبعد من ذلك حين اعتبر أن محاولات الوزارة رقمنة النتائج كل عام دراسي غير خاضعة للمعايير العالمية التي ترتكز على عدة نقاط من بينها مراعاة المستوى والتدرج المعرفي، مؤكدا أن الدليل على فشل الإصلاحات مبدئيا هو بكالوريا هذا العام الذي وصفه بالكارثة ودون المستوى بسبب التضحية بعديد الدروس في المقرر الدراسي، مضيفا »عقود النجاعة لا تصلح لقطاع التربية، وسيتحمل مسؤوليتها مدراء المؤسسات التربوية«، وتابع المتحدث »سيفتح ذلك الباب على مصرعيه لتفشي ظواهر التدليس والغش وتضخيم نتائج التلاميذ حماية لبعضهم البعض«. إلى ذلك، اقترح نوار العربي إعادة النظر وإيجاد مكانيزمات جديدة لتطبيق السياسية الإصلاحية المنتهجة، من خلال إخضاع عقود النجاعة لأهداف متوسطة وبعيدة المدى، عوض النتائج التي ستكرس الرداءة والبيروقراطية بكل أشكالها. أما رئيس النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني مزيان مريان، فلم يختلف عن سابقه، معتبرا أن الأساتذة والإداريين هم من سيدفعون ثمن تنفيذ هذه العقود بصيغتها الحالية التي وصفها بالعشوائية والمستوردة بصفة حرفية من دول أجنبية خاصة كندا، متهما الوزارة بمحاولة تطبيقها بصيغتها الأصلية في المنظومة التربوية الوطنية دون مراعاة التركيبة الاجتماعية الدراسية الجزائرية، قبل أن يدعو الوصاية إلى تطبيق عقود النجاعة ولكن من خلال إلزام الإدارة بتوقيعها مع الأساتذة وكذا بين الإدارة ومديريات التربية الولائية، وبين مديريات التربية والوزارة، بالإضافة إلى القيام باختبارات نموذجية في بداية كل عام دراسي لمعرفة مستوى كل تلاميذ. نقابة الإتحاد الوطني لعمال تربية والتكوين دافعت بشدة عن مطالب العمال الذين اعتبرتهم معرضين لشتى أنواع العقوبات بعد مباشرة تطبيق عقود النجاعة، وهو ما يستدعي إعادة النظر في تركيبة هذه العقود بصفة مستعجلة تجنبا لأي »تعفن للوضع«. يذكر أن وزير التربية كان قد أكد أن قطاعه سيباشر ابتداء من هذا الموسم، سياسة تقويمية جديدة في متابعة كل المؤسسات التربوية، ترتكز على عقود نجاعة سيتم إبرامها بين الوزارة ومديريات التربية من جهة، وبين هذه المديريات والمؤسسات التربوية من جهة أخرى، حيث أكد حينها أن هذه الخطوة تهدف إلى رفع »العائق الأكبر« الذي يواجهه القطاع في مسار الإصلاح، والمتمثل في التسيير بشقيه البيداغوجي والإداري والذي يستدعي حله وضع صيغة منظمة ضمن مشروع المؤسسة الذي يجب أن ينطلق من عناصر.