أكد عضو اللجنة المركزية المكلف بالعلاقات الخارجية بحركة فتح الفلسطينية عباس زكي في حوار خص به »صوت الأحرار« على هامش الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال، الذي نظمه حزب جبهة التحرير الوطني يومي 5 و 6 ديسمبر الجاري، بنادي الصنوبر بالعاصمة، أن الجزائر بتنظيمها للملتقى قادرة على إحراج العالم ومساءلة القوى العظمى وصنّاع القرار عن خرق الكيان الصهيوني للقانون الدولي والجرائم المقترفة ضد الشعب الفلسطيني، قائلا: »آن الأوان لتعود فلسطين إلى الحضن العربي الدافئ عبر الجزائر. كيف تقيّمون أشغال الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال الذي احتضنته الجزائر؟ نقيّمه تقييما ايجابيا، لأنه تطرق إلى قضية عادلة، العالم ينتظر رفع الصوت لفضح جرائم الحرب الإسرائيلية، وهذا الصوت يرتفع من بلد ليس عاديا، فهو من الجزائر التي ليست كساحات أخرى. قل كلمتك وأمشي يعني لا يمكن إلا أن يكون فيه متابعة تنفيذ للقرارات التي ستكون أو التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر وتعزيز ما يسمى بإعلان الجزائر. عندنا تجربة مع الجزائريين إنهم جديين في الأمور. لما منظمة التحرير كادت أن تتهالك، تحمّلت الجزائر الأعباء والقيادة الجزائرية، خاصة الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله، هو الذي قال للعرب أنتم مع فلسطين أو ضد فلسطين؟ وهم لا يجرؤون أن يقولوا إنهم ضد فلسطين قالوا »نحن مع فلسطين» لأن شعاره كان »نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة«، وكان يقول »إما الاسمنت الذي يوحد الموقف إما الديناميت الذي يفجره«. ويجب التذكير هنا أن عبد العزيز بوتفليقة هو من قال »إن استقلال الجزائر ناقص ما لم تتحرر فلسطين ولا يكتمل استقلالنا إلا بتحرير فلسطين« قالها في القدس سنة 1964، ولما كان في الأممالمتحدة هو الذي جاء بياسر عرفات وبطائرة جزائرية وانطلق من الجزائر إلى الأممالمتحدة، للمرة الأولى أين يتحدث فلسطيني باسم فلسطين وتصبح فلسطين أكثر من مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولما بدأت تضيق الحلقة علينا إذ انه بين مد وجزر ونحن صرنا 63 سنة تحت الاحتلال، عندنا إرادة كما أن الجزائري بعد 132 انتصر فنحن إن شاء الله سننتصر، لأنه بصراحة إسرائيل تسير عكس حركة التاريخ، وهي في طريقها إلى الزوال. أما فيما يتعلق بموضوع الأسرى، فالجزائر قادرة أن تحرج العالم. كيف لا وإسرائيل فوق القانون، هي تسن قوانينا اسمها قوانين التعذيب، مثل قانون شاليط، تسن تشريعات المقاتل غير الشرعي، تقوم بجرائم ضد الأطفال والنساء، هناك التفتيش العاري.. أشياء يندى لها جبين البشرية. أعتقد أن هذا الملتقى أرادت الجزائر من خلاله توجيه سؤال للعالم، تقول فيه »أين أنتم من جرائم الحرب في إسرائيل ضد السجين الأعزل؟«، والعالم يتحدث عن اليوم العالمي لحقوق الإنسان، هل الفلسطيني إنسان أم لا؟ وستجد أصداء أيضا لما يحدث هذا اللقاء في الجزائر بهذا الحجم، فهي تريد أن تقول للعالم وللأمم المتحدة ولصنّاع القرار أين أنتم من القضية والشعب الفلسطيني، وأنتم الذين سميتم اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يعني كذابين أو صادقين، إذا كان فيه حقوق للإنسان أو لا، وهل هناك احترام لقرارات الشرعية الدولية أو لا؟. إذا كان كلهم عند إسرائيل تتوقف لغة الكلام في المداخلات، مثلا بلفور 2 نوفمبر 1917 أعطى منح فلسطين وطنا قوميا لليهود، وجورج غالاوي يدعو إلى تحرير فلسطين وإنصاف الشعب الفلسطيني، كذلك السيدة من بلجيكا البلد التي كانت تزوّد إسرائيل بالسلاح تتحدث بطريقة أخرى، فالإسرائيلي هو الإرهابي هو المتنكر للحريات للديمقراطية، يجب أن تكون هناك اتفاقية جنيف ثالثة ورابعة. إذن بدا عندي إحساس، في الوقت المناسب تثار قضية عادلة هي قضية الأسرى في الجزائر المتعودة أنها لا تلعب، تجربتكم رهيبة وثقتكم في أنفسكم عالية. في اعتقادي هذا الملتقى نقلة نوعية حتى في العلاقة الفلسطينيةالجزائرية، يكفي أن كل المتدخلين تكلموا بنفس روح الفريق، هذا الكلام لا يتم لو كان في بلد آخر، أي واحد عنده حساسية كان سيثير مشكلة، لكن في الجزائر وحتى قبل أن تتكلم عن الجزائر يجب أن تتذكر كم من الشهداء، كم التجربة، لهذا أقول آن الأوان لتعود فلسطين إلى الحضن العربي الدافئ عبر الجزائر، تعود القضية الفلسطينية للنضال العربي، من المناضل أبا عن جد. في اعتقادي أن نبني علاقات جزائرية فلسطينية، وقد جاء هذا الملتقى في ظرف حساس ودقيق أيضا، وفي مرحلة فيها انسداد لعملية السلام، وبالتالي يدعم محمود عباس، ويرى أنه لا زال فيه عرب ولا زال فيه سند لازال فيه قيم، لازال فيه حمية عربية. بصراحة لما نرجع إلى اجتماع سرت بليبيا قرروا جمع 500 مليون دولار للقدس، وهي لا شيء قياسا بمالكي الأموال ولم يدفع منها شيئا، يعني هذا غير مقبول وبالتالي نحن لا نريد أن نوزّع الإحباط من المواقف العربية، وطالما أن الجزائر خطت هذه الخطوة الآن لعلّ وعسى أن تعيد الأمور إلى نصابها وأن يكون كل واحد منا يهتم بالقضية، ونحن نريد من يحمل القضية الآن أن يكون لديه استعداد للتضحية وليس مساعدتنا بالكلام. ما هي قراءتكم لكلمة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم خلال الملتقى؟ أولا السيد عبد العزيز بلخادم عنده تجربة وعنده قدرة على اختيار المواقف، رجل وطني عنده ثقة عالية بما يقول وأنه يمثل إجماع الجزائريين، خاصة وأنني لمست أن كل الجزائريين مع فلسطين بمن فيهم المختلفين والمتباينين، وبمقابل ذلك على الفلسطينيين أن يساعدوا الجزائر بوحدة لأنه لا يخدم هذا الفريق أو ذاك، وكما نحب الجزائر موحدة فهي تحبنا موحدين، فلهذا مهمتنا إن شاء الله أن نجسد طموح عبد العزيز بلخادم سواء من حيث المواقف أو من حيث الحالة الفلسطينية الداخلية، أو من حيث العلاقات التي يجب أن تكون لقضية عادلة ولشعب منكوب. هل عرضتم على الجزائر أن تقوم بدور الوساطة بين »فتح« و»حماس« لتحقيق المصالحة الفلسطينية؟ لا لا، هنا دعنا نتحدث عن موضوع الأسرى ولكن على الطريق أشياء أخرى. ألا تعتقدون، بما أن قضية الأسرى تهم كل الفلسطينيين، فإن هذا الملتقى خطوة نحو تحقيق المصالحة بين الحركتين؟ نعم. فيه أبرز شخصية هو الأخ أسامة حمدان، أنا كرئيس للوفد الفلسطيني أحترمه ولكن لست لا أنا ولا هو معني بالعقدة الأخرى، لأنه هناك أشخاص يفاوضون بعيدا عني وعنه، ولكن لكل واحد منا رأي، ولا نريد الآن أن نلغي دور المتحاورين، لأنه نحن لا نريد أن تتعدد القنوات كي لا نتهم أجلنا نتيجة فتحنا قناة جديدة، لكن لاحظت أنه فيه انسجام ولم يكن لا سامح الله سجال، وأنا أعطيت إيماءات للذين يفكرون أنه بيننا تناقض، لقد ذكرت اسمه، ولم أريد أن أتكلم دلالة على أنه الذي لديه قضية اسمها فلسطين، عليه أن لا يكون من العاديين، يجب أن يرقى إلى درجة الأنبياء في التسامح وبالثقة بالذات، لأنه بدون شعبك وبدون مكونات الشعب بدون الوحدة لا توجد مرتكزات قوة، فالقوة هي الحياة والقسمة هي الموت، فالذي يحب الحياة عليه أن يحل مشاكل شعبه، أعتقد أن أتحمل المسؤولية، نظرا لسني وتجربتي وأمثل المنظمة التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بالتالي يجب أن توفر على الأقل الحكمة، لان التجارب لا تشترى تكتسب، تجربتنا وكما قال الأخ المتدخل الجزائري في محاضرته بالملتقى، أنه بدون وحدة لا يأتي شيء، خاصة وأنه تطرق إلى تجربة الجزائر، فالجزائر كانت في وقت مضى تقول أنه ليس هناك لا أحزاب ولا فصائل من أجل وحدة أهداف الثورة، وثم بعد ذلك ندخل إلى الكماليات، هذه الأخطاء ليست أخطاءنا كانت ظروفنا لا تساعد، فنحن عندنا إذا لاحظتم نحن في مرحلة تحرر عندنا حوالي 20 فصيل . هل هذا يعني أن ممارسة الديمقراطية في فلسطين أدى إلى تعطيل مسار التحرر ؟ نعم لأن الوحدة أداة الثورة، هي القوة بالأساس، ونحن نعمل العكس، دع ألف زهرة تتفتح ولكن في بستان الوطن، في بستان الثورة، وأنا واثق مائة بالمائة أنه لابد لكل واحد منا أن يراجع نفسه، ويتساءل من كان في سدة الحكم هل قدّم مردودا ايجابيا لشعبه؟ وهل كان سلبيا في مسؤوليته؟، ونحن إن شاء الله بفتحنا هذا الموضوع، نجد كل شيء متاحا، لأن الجزائر أنا اعتبرها هي منشأ الثوابت الفلسطينية، فمدة 450 ساعة حوار أنا كنت حاضرا فيها، انتهت وأثمرت بالثوابت التي خلصنا فيها جميعا يوم 15/ 11/1988 في نادي الصنوبر بالعاصمة. كما أن الحوار الجزائري لما بدأنا في 1983/ 1984 كنا في الطائرة الخاصة، وكان معنا محمد الشريف مساعدية وصادق زويتن رحمهما الله ومجموعة من القيادات، حتى حققنا رأب الصدع. في ظل الظروف التي تعيشونها، ما هي الطريقة التي توحّد الفلسطينيين حتى تتمكنون من مواجهة الكيان الصهيوني؟ الطريقة الأمثل لذلك هي تطبيق قاعدة هي »كلنا للوطن«، ولا يكون فصيل أو جماعة بقدر ما نكون للمصلحة العليا للوطن والشعب، والذي يريد الوطن يريد كل الشعب، وكل أصدقاء القضية عليهم أن يتجنّدوا لتحرير هذا الوطن، لأنه لو ننظر إلى واقعنا فإسرائيل معها أميركا ومعها أوروبا ومعها كل صنّاع القرار في العالم لذكائها أو لطريقتها في العمل، ولأنها استخدمت إعلامها لتبرير احتلالها، ونحن يجب أن نوظف كل علاقات العالم من أجل قضيتنا. وأنا أقول للوطنيين وكل الفصائل أن يضعوا أنفسهم أمام سؤال وهو »ماذا قدمنا لهذا الوطن، وهناك نخبة تؤمن بأنه هذا هو الطريق الصحيح؟«. وأشير هنا إلى أن رئيس وفد المنظمة الممثل الشرعي الوحيد كان يجب على كل الناس يكونوا في صفه، لكن لا أنزعج إذا حادت مجموعة عن صفي لأن الوضع غير طبيعي، كما أن الجزائر لو رأوا كل الوفد الفلسطيني مع بعضهم سيرتفع الصوت الفلسطيني، ودوليا يصير بثقل جبل أحد وثقل جبل الأوراس، ورغم كل التنازعات سنظل كبارا بعدالة قضيتنا وبقدرتنا على الصبر والتحمل، وفي نهاية المطاف سننتصر بثقة وبطموح وبأمل لأننا نستحق وطننا ولدينا الاستعداد للتضحية، كما أننا لنا تجربة، فالثورة اندلعت بالجزائر هي محفزنا، ولما نرى البنات والأطفال في فلسطين صنعوا المعجزة بالحجر، اخترقوا العقل الأوربي وكسروا حاجز الرعب من إسرائيل، وبالتالي صنعوا أكثر مما صنعه الكفاح المسلح في حمل الراية، فهي لا تكاد تسقط في مكان إلا ارتفعت في مكان آخر. مع أنكم تؤمنون بالثورة الجزائرية إيمانا عظيما إلا أنكم لم تتبنوا نفس السياسة التي انتهجتها الثورة التحريرية ؟ هنا الوضع مختلف.. فالجزائر كانت تقاتل فرنسا وفرنسا بلد، أما اليهود فوراءهم عدة قوى في العالم، وجاؤوا من أجل السيطرة على العرب من المحيط إلى الخليج، كان موشي دايان يقول »أستطيع أن أصل إلى ما تصل إليه »الفانتوم«، يعني أصل إلى المغرب والى العراق«، هذا الكلام قيل في 1968، نحن مررنا بظروف، كما أننا نعتبر حراس الأمة العربية، نحن الآن نقاوم لكن ليست مقاومة انتحارية، نحن عندنا المقاومة لها مناخات، الشعب هو أساس المقاومة، كما أننا في حاجة إلى الأجواء والظروف التي تحمي المواطن، أضف إلى ذلك أي عملية تكون مكلفة للعدو كثيرا ايجابية عندك وليس انتحارية، وليس أن تقتل دجاجة إسرائيلية بالمقابل يهدم لك الأعداء 60 منزلا، ولاحظتم الذي حدث في غزة.. عالم يتفرج وإسرائيل تستخدم كل أنواع السلاح المحظور دوليا. إذن فالمقاومة كان لا بد لها من دراسة، فأي عمل فدائي يتطلب غرفة دراسة مشتركة يتطلب وعيا، فعليك أنت من يؤلم العدو وليس أن تؤلمك أنت. صحيح، صمود جيد، ولكن إذا استطعت أن تفعل أي شيء لعمل احتلال مكلف أقصف وفي الأخير أنت تلملم جراحك. قلتم إن المفاوضات تتّجه إلى الانسداد. ما هي الخيارات المطروحة كبدائل ؟ في هذه الحالة ندرس البدائل والخيارات، وهناك خيارات ميدانية وأخرى أمنية. نحن لا نريد أن نتحدث كثيرا، ولكن في اعتقادي القضية الآن تتعلق بالقدس وبعملية التهويد، لا يمكن أن نتصور فلسطين بدون قدس، والقدس ليست لنا وحدنا هي أولى القبلتين وثالث الحرمين، وبالتالي مطلوب أن نعقد مؤتمرا إسلاميا فورا من أجل القدس، لأن تحرير الأرض أهم، ونحن قدمنا للجهاد بدون ما نسمي أنفسنا لا مسلمين ولا مسيحيين، وبالتالي أدعو أيضا إلى مؤتمر مسيحي لم لا؟. أنتم تنتقدون الدور العربي في دعم القضية ؟ هذا ليس انتقادا، أقول هذا لأنهم انفصلوا عن العروبة وعن الإسلام وتركوا القدس تهوّد بهذا الشكل، ليقلدوا اليهودي موسكوفيتش الذي دفع 16 مليار دولار لتهويد القدس، أنا أناشد أن يكونوا بمستوى هذا اليهودي. أخيرا هناك دعوة إلى متابعات توصيات ملتقى نصرة الأسرى، كيف ستتابعونها من جهتكم؟ نحن لسنا في اللجنة التحضيرية لهذا الملتقى، هم إذا سألونا نجيب، نحن لا نعرف عن هذا الملتقى نحن كضيوف عاديين، وأتمنى في هذه المناسبة أن تلعب الجزائر دورا أساسيا وأن لا يكون كالمؤتمرات السابقة. إذن أنتم تراهنون على دور الجزائر ؟ نعم بكل تأكيد فدور الجزائر مهم، لأنه هناك مؤتمرات حدثت على هذا الشكل ولم تنفذ قراراتها، فأنا أراهن على دور الجزائر، وهذا أول مؤتمر أحضره من هذا النوع، لأنه نظم في الجزائر ولو كان في بلد آخر لن أحضره.