حمل رئيس اللجنة المستقلة للتحقيق في أمن وسلامة موظفي منظمة الأممالمتحدة الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي المكلفين بالأمن على مستوى المنظمة الأممية مسؤولية التقاعس في إدارة الأمن بعد التفجير الإرهابي الذي استهدف مقر الممثلية الأمميةبالجزائر والذي أسفر عن مقتل 17 موظفا، واعتبر دورهم دون المستوى المطلوب، نافيا بذلك المسؤولية على السلطات الجزائرية التي قال عنها إنها" وفرت أمنا فعالا لمدة 20 عاما". وصف الأخضر الإبراهيمي رئيس اللجنة الأممية المعنية بتقييم سلامة وأمن موظفي الأممالمتحدة التفجير الإرهابي الذي استهدف مقر الممثلية الأممية يوم 11 ديسمبر الفارط والذي أودى بحياة 17 موظفا ب"الاختبار" للترتيبات الأمنية للمنظمة في التقرير الذي قدمه للأمين العام بان كي مون بداية الشهر الجاري والذي كشف عن محتواه أمس، مضيفا أن اللجنة التي يرأسها والمكونة من سبعة أعضاء استخلصت الدروس المستفادة لأمن الأممالمتحدة على مستوى العالم في هذا التقرير. وعبر الدبلوماسي الجزائري عن تأسفه الشديد بعدما أكد أن "النظام برمته والأفراد سواء في موقع العمل نفسه أو في مقر المنظمة الذين يتحملون المسؤولية المباشرة عن وجود الأممالمتحدة في الجزائر وعن أمن عامليها ومقارها كانوا دون المستوى المطلوب، مضيفا أن هناك "أدلة كثيرة على أن عديد من العاملين على اختلاف درجاتهم الوظيفية ربما لم يبدوا رد الفعل الكافي إزاء هجوم الجزائر سواء قبل وقوع المأساة أو بعدها". واعترف وزير الخارجية السابق في عهد الشاذلي بن جديد أن السلطات الجزائرية وفرت أمنا فعالا للأمم المتحدة على مدى 20 عاما، وبالمقابل أضاف قائلا "قد ثبت أن ذلك لم يكن كافيا" يوم التفجير الإرهابي الذي تبناه بما يسمى "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، وأشار إلى أن الافتقار للعمل عن كثب بين الطرفين منع تحقيق تعاون أمني أفضل، محملا هذا الضعف لإدارة دافيد فينيس في نيويورك الذي قال عنه إنه "كان يمكن بل ويجب إصلاحه ولو بشكل جزئي عن طريق دعم فعال" بين الجزائروالأممالمتحدة. وأوضح الدبلوماسي الجزائري أن إدارة الأمن والسلامة تحتاج لمعالجة مسائل المحاسبة والقيادة والإدارة الداخلية والمراقبة، معتبرا إياها مسائل تحظى بالأولوية، واتهمها بالتقاعس في أداء المهام المنوطة بها، قائلا إنها "لم تبد أيضا رد فعل كافيا لتحذيرات ومعلومات متعلقة بالأمن، ليقر بضعف مواردها. ولم يتوقف الإبراهيمي عند هذا الحد بل ذهب ليؤكد أن الإدارة تجاهلت تحذيرات بشأن تهديدات محتملة في الجزائر ولم تدعم الجهود الأمنية التي بذلها مسؤولو الأممالمتحدة هناك ولم تخاطب بعثة المنظمة في الجزائر سعيا لحماية أفضل للمبنى. وأضاف رئيس اللجنة الأممية أن العاملين بالأممالمتحدة "ثقتهم محدودة" في نظام إدارة الأمن، واستدل بسبر الآراء الذي كشف عن 75 بالمئة من العاملين بالأممالمتحدة المعينين محليا في مختلف أرجاء العالم يشعرون أنهم لا يتمتعون بالحماية وكذلك الطاقم الدولي، ولم يحدد التقرير أسماء الأفراد الذين حملهم المسؤولية، وقالت ميشيل مونتاس المتحدثة باسم الأممالمتحدة للصحفيين أن "لجنة محاسبة" مستقلة ستحدد خلال الأسابيع المقبلة من المسؤول والإجراءات التي ستتبع ذلك. للإشارة فإن رئيس الأمن بالمنظمة البريطاني دافيد فينيس استقال،أول أمس، بعدما أكد أنه يتحمل المسؤولية "عن أي خلل أمني قد يكون حدث" فيما يتعلق بهجوم 11 ديسمبر الماضي، بعد التقرير الذي رفعه الإبراهيمي لبان كي مون قبل عشرين يوما ، حيث انتقد التقرير أوجه القصور في إدارته اثر تفجير سيارة مفخخة أوقع 17 موظفا بمقر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في الجزائر. وكان بان كي مون قد أوضح بعد تلقيه استقالة فينيس أن هذا الأخير لعب دورا كبيرا في تحسين النظام الأمني بالمنظمة، مؤكدا أنه سيبقى في منصبه حتى إيجاد من يحل محله. جدير بالذكر هنا أن جدلا واسعا سبق إنشاء اللجنة الأممية المعنية بسلامة وأمن الموظفين بين السلطات الجزائرية والمنظمة الأممية في أعقاب رفض الجزائر إجراء تحقيق مستقل حول العملية الإرهابية التي هزت المقر الأممي إلى جانب عدم استشارة المسؤولين الجزائريين في الموضوع وهو ما اعتبره رئيس الحكومة السابق عبد العزيز بلخادم في أول رد رسمي له من العاصمة الاسبانية مدريد بمناسبة مشاركته في منتدى حول حوار الحضارات على الموقف الأممي بأنه إجراء أحادي الجانب، ليليه تصريح ناري أطلقه وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني من مبنى البرلمان، مؤكدا أن تحقيق المنظمة الأممية لن يضيف شيئا بحكم أن الجماعة التي نفذت العملية معروفة وتتخذ من جبل علي بوناب معقلا لها. وفي ظل إصرار الجزائر وتمسكها بالرفض على إجراء تحقيق مستقل، قررت منظمة الأممالمتحدة تشكيل لجنة مستقلة تعنى بمراجعة الإجراءات الأمنية لمقراتها عبر العالم وهو ما استحسنته السلطات الجزائرية وأبدت التعاون معها.