استعرض وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، أمس، أمام أعضاء مجلس الأمة أهم الأحكام الواردة في مشروع قانون الإجراءات الجزائية الذي يتضمن مراجعة تشكيلة محكمة الجنايات وطريقة عملها ومن المقرر أن يتم عرض النصين المذكورين على التصويت اليوم. أوضح لوح أن محكمة الجنايات ستخضع بمقتضى التعديلات المقترحة على مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66-155 المتعلق بالإجراءات الجزائية، إلى مراجعة عميقة كإجراء يأتي تماشيا مع المبدأ الدستوري الذي جاء به التعديل الأخير والمتمثل في وجوب ضمان التقاضي على درجتين في المجال الجزائي وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وفقا للمعايير الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. ومن هذا المنطلق، ستعرف تشكيلة وطريقة عمل هذه المحكمة مراجعة هامة ستتجسد من خلال الرفع من عدد المحلفين ومراجعة الأحكام المتعلقة بالشرطة القضائية، فضلا عن استحداث العديد من الآليات القانونية على غرار إنشاء محكمة جنايات استئنافية بمقر كل مجلس قضائي. ومن بين أهم ما جاءت به التعديلات المقترحة تكريس التقاضي على درجتين من منطلق أن لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى لتعيد النظر في قرار إدانته والعقوبة الصادرة في حقه. كما يقترح النص المذكور أيضا العودة إلى العمل بالتشكيلة القديمة المميزة لنظام محكمة الجنايات والمتمثلة في أربعة محلفين وثلاثة قضاة بعد أن تم التخلي عنها خلال العشرية السوداء والتي تم أثناءها تقليص عددهم إلى محلفين اثنين فقط نتيجة عدم توفر النصاب القانوني بسبب الظروف الصعبة والتهديدات الأمنية آنذاك. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإجراء لن يشمل القضايا المتعلقة بالإرهاب والمخدرات والتهريب التي سيتم إسنادها إلى تشكيلة تضم القضاة المحترفين فقط بالنظر إلى التجربة المكتسبة في معالجة هذا النوع من القضايا. ومن بين أهم التدابير الجديدة أيضا، إلغاء الأمر بالقبض الجسدي عملا بمبدأ قرينة البراءة، حيث يقترح النص في أحد أحكامه إلزام الشخص المتابع بجناية والذي أفرج عنه أو الذي لم يكن قد حبس أثناء التحقيق أن يقدم نفسه للسجن في موعد لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة. أما فيما يتعلق بمراجعة الأحكام المتعلقة بالشرطة القضائية، فيتضمن مشروع القانون أحكاما جديدة تنص على أنه لا يمكن لضباط الشرطة القضائية القيام بمهامهم كإجراء التحقيقات والاستجوابات إلا بعد تأهيلهم من قبل النائب العام المختص. وفي حال رفض النائب العام منح هذا التأهيل لضابط الشرطة القضائية أو سحبه منه، "يمكن لهذا الأخير تقديم طعن أمام لجنة مختصة يقترح إنشاءها ذات النص وتتشكل من ثلاثة قضاة حكم من المحكمة العليا يعينهم الرئيس الأول لهذه الهيئة.وحرصا منها على تنسيق عمل الشرطة القضائية وضمان عدم التداخل في الصلاحيات بين مختلف الأسلاك، تم تحديد مجال تدخل الشرطة القضائية التابعة للمصالح العسكرية للأمن، حيث يقتصر دورها على معاينة الجرائم المتعلقة بالمساس بأمن الدولة المنصوص عليها والمعاقب عليها في قانون العقوبات والتي تتضمن جرائم الخيانة والتجسس ومكافحة الإرهاب والتخريب. كما قام لوح أيضا بعرض أهم التعديلات المقترحة على القانون العضوي رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي، حيث أنه تحسبا لإنشاء جهة قضائية تستأنف أمامها الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، يقترح المشروع تعديل المادة 19 منه والمتعلقة بالمحكمة العسكرية، حيث تنص على أن القواعد المتعلقة باختصاص الجهات القضائية العسكرية وتنظيمها وسيرها تحدد بموجب قانون القضاء العسكري. ومن شأن هذه الصياغة، السماح بإنشاء جهات قضائية عسكرية للاستئناف بغض النظر عن التسمية الممنوحة لها في قانون القضاء العسكري. وكان العرض متبوعا بتدخلات عدد من أعضاء مجلس الأمة الذين ركزوا بشكل خاص على الجوانب التقنية لمشروع قانون الإجراءات الجزائية، مؤكدين على ضرورة العمل على سد الثغرات القانونية التي قد توجد لدى تطبيق النص. ومن المقرر أن يتم عرض النصين المذكورين على التصويت اليوم.