يحوز الوزير الأول عبد المجيد تبون ثقة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، فبعد مسار طويل استطاع وزير السكن السابق أن يثبت جدارته في تسيير القطاع الذي يعتبر من أكثر القطاعات حساسية في الجزائر. استطاع تبون، بفضل كفاءته وإصراره على أن يكون في مستوى المهمة الموكلة له، أن يجعل من حل أزمة السكن أمرا ممكنا، وهذا ما يتجلى في جعل الجزائر أول عاصمة عربية دون قصدير، ناهيك عن مسار حافل بالانجازات في هذا المجال. اليوم يجد عبد المجيد تبون نفسه أمام رهان أكبر وأقوى، بالنظر إلى التحديات التي تفرض نفسها على الجزائر، وهذا إثر تعيينه وزيرا أول، لا سيما وأن المرحلة الراهنة والمقبلة تقوم أساسا على الخروج من دائرة الاعتماد على المحروقات وتنويع الاقتصاد، بما يسمح بخلق الثروة والنهوض بالاقتصاد الوطني. تحديات كبيرة في انتظار تبون، بعد أن حظي مخطط عمل حكومته، بمصادقة نواب الشعب، وفي مقدمة هذه التحديات نجد خصوصية المرحلة الراهنة المرتبطة بانخفاض رهيب لأسعار النفط، مع العلم بأن عائدات هذه المادة كانت تشكل الدخل الوحيد تقريبا للجزائر من العملة الصعبة، وهناك عامل ثاني مرتبط بالوقت، فالأزمة حاضرة ويجب مواجهتها مهما كان الثمن وبالوسائل المتاحة. ومن هذا المنطلق جاء مخطط عمل الحكومة الذي يندرج في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، باعتباره المصدر الوحيد للشرعية ،كما قال تبون، ويبقى أن هذا المخطط وبكل ما يحمل في طياته هو عبارة عن خارطة طريق لمواجهة الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني وكسب الرهانات المرتبطة بالمرحلة الراهنة وعامل الوقت. وكان تبون منذ البداية واضحا في تأكيده على أن الحكومة ستعمل على التفريق بين المال والسياسة وكشف عن مجهود خاص ستقوم به الحكومة في إطار مخططها، يهدف إلى أخلقة أكثر للحياة العامة، باعتماد قواعد جديدة لتأطير الحالات المتعلقة باستغلال النفوذ لتحقيق مآرب شخصية وحالات التنافي في الهيئات المنتخبة والدمج بين المجالات السياسية والاقتصادية. وهنا أيضا كان الوزير الأول صارما، من خلال تأكيده بأن المال لا ينبغي أن يتوغل في دواليب الدولة، لكن في المقابل أوضح بأنه من حق أي مواطن أن يخوض في الأعمال أو السياسة أو يمارس الاثنين دون الجمع بينهما في وقت واحد، نافيا أن يؤدي هذا المسعى إلى الاصطدام بأرباب العمل ورجال الأعمال والمال. ولم يكتف الوزير الأول بالأقوال، بل أخذ في تجسيد التزاماته، من خلال قرارات جريئة، تخص العقار الفلاحي، بالإضافة إلى إنذار المؤسسات بضرورة إنهاء المشاريع العالقة، وإحداث تغييرات في مناصب مسؤولين، مما أثار حفيظة مجموعة من رجال الأعمال وفي مقدمتهم رئيس منتدى رجال الأعمال علي حداد، الذي لقي دعما من طرف الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد. وبهذا فإن الحرب التي أعلن عنها عبد المجيد تبون يوم عرضه لمخطط عمل الحكومة للفصل بين السياسية والمال الفاسد، تكون قد انطلقت بالفعل، وهي المعركة التي يخوضها الوزير الأول بدعم رئيس الجمهورية ومساندة التشكيلات السياسية والرأي العام.