بسكرة الجنّة التي بسطها الله في أرضه،وحباها بالخيرات،وزينها بنخيل باسقات. بسكرة الرّحم الوَلُود...ومكة العلوم التي يحج إليها طُلاب النور،وجهابذة العرفان، من كل فج عميق. ولأن أصالة الأمة تنبع من أصالة أبنائها وعنفوانهم،أنجبت بسكرة على مرّ العصور رجالا يشهد لهم التاريخ وَرُوَاته ،بالمكانة الرفيعة ،والشأن العظيم ،وذيوع الصيت. وليس بغريب إن ذكرت ،عبد الرحمان الأخضري العلامة الموسوعي، ومكتشف قبر خالد بن سنان العبسي ،وصاحب الكتب النفيسة التي تتحف المكتبات العالمية ،مرورا بابن سلامة البسكري،وكذا الشاعر محمد العيد آل خليفة، والبرناوي صاحب رائعة "من أجلك عشنا ياوطني "،وصولا إلى جيل مابعد الإستقلال. وهذا الجيل الذي يصطلح تسميته بالجيل الذهبي لكُتَاب بسكرة،وهو الذي التف حول تاريخ أجداده وكله حزم وعزم من أجل تخليد ذكراهم ومآثرهم. جيل من خيرة شباب الأمة ،جمعتم الكلمة الواحدة، والروح الوطنية، والغيرة على تراث الأجداد،والغاية النبيلة،وأذكر منهم على سبيل المثال أساتذتي الأجلاء وبكل فخر واعتزاز:الأستاذ المؤرخ فوزي مصمودي ،والأستاذ المؤرخ عبد الحليم صيد ،والأستاذ الأديب عبد القادر صيد ،والأستاذ الأديب عبد الله لالي ،والدكتور سليم كرام ،وغيرهم ممن يطول الحديث عنهم في هذا المقام. وقد وقع اختيار قلمي في هذا المقال على الأستاذ البحاث و المؤرخ فوزي مصمودي ،لما قدمه من مجهودات جبارة وخدمات جليلة في سبيل إحياء الذاكرة الوطنية والحفاظ على الموروث التاريخي. فوزي مصمودي، هذا الرجل الذي امتشق قلمًا مطواعًا سيالًا يسود الصفحات ...هذا الباحث الذي انكب على التنقيب والحفر في ذاكرة الزيبان الموغلة في القدم ،والضاربة في جذور التاريخ ،نافضا الغبار عن جوانب عديدة من هذا التاريخ الحافل بالمنجزات والبطولات ....فتعددت أبحاثه في هذا السّياق ،منها ماجمعه في مؤلفاته المميزة ،ومنها مانشره في مقالات بالصحف والجرائد والمجلات الوطنية ...يضاف إلى كل هذا مشاركاته الدائمة دون انقطاع في سلسة من الملتقيات الوطنية والندوات التي تنظم في بسكرة ،وباقي ربوع الوطن،بمحاضرات قيِّمة ،والتي إن استمعت إلى إحداها تلبستك رغبة الإصغاء ،لصوته الجهوري ولغته الفصيحة والسلسة. ومن مؤلفات المنشورة نذكر: 1/ أعلام من بسكرة ج1 (2001). 2/ الأديب الباحث زهير الزاهري اللياني (2004). 3/ تاريخ الصحافة والصحفيين في بسكرة واقليمها (2006). 4/ بسكرة عبر العصور (2007). 5/ العلامة الموسوعي عبد الرحمان الأخضري (2008). 6/ رحلتي إلى أمريكا (2009). 7/ أعلام من بسكرة ج2 (2010). 8/ بسكرة بعيون عربية (2011). 9/ تلمسان بعيون عربية (2011) في مجلد. 10/ الزّاب المصطلح والدّلالات (2013) ( ). وله أيضا مجموعة من المؤلفات المخطوطة التي تنتظر الطبع ،وهو حاليا يعكف على تتبع المراحل التاريخية للمسرح (أبو الفنون) في بسكرة ... ويعتبر الأستاذ فوزي مصمودي أمد الله في عمره، مرجعا معينا لكل باحث في تاريخ الجزائر عامة وبسكرة على وجه الخصوص ،ليس فقط بمؤلفاته التي تزدان بها المكتبات الوطنية ،بل حتى بنصائحه القيمة وتوجيهاته وتشجيعاته للباحثين والطلبة والأساتذة على حد سواء.