طالب الأمين العام لحركة النهضة، فاتح ربيعي، بضرورة إنهاء العمل بحالة الطوارئ من منطلق اعتقاده بأنه »ليس هناك مبرّر لإبقائها«، ودعا إلى ما أسماه »فتح حوار جدي« مع الطبقة السياسية ومكونات المجتمع من أجل »بلورة رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية للبلاد«، مؤكدا أن الوضع الحالي يستعدي تجنيد كافة الفعاليات. اعتبر الأمين العام لحركة النهضة »المبادرات السياسية« الأخيرة التي أطلقها أكثر من طرف سواء من »الموالاة« أو »المعارضة«، بأنها »تفتقد للجدّية«، حيث أورد أن »التجربة في حركة النهضة علمتنا أن نجاح أيّ مبادرة يقتضي عملا منهجيا وفتح حوار داخلي وتقاسم نقاط التوافق بعيدا عن ضوضاء«، إلى جانب »رسم خطة منهجية تقتضي عملا جماعيا لا عملا فرديا وتبليغ به الإعلام والرأي العام قبل المعنيين«، ولذلك أردف: »إن نجاح أي عملية جادة يقتضي جدية العمل وتنسيق ورسم آفاق لها وليس ميدانها الإعلام وإنما هو تتويج فقط«. ووفق التصوّر الذي قدّمه فاتح ربيعي في ندوة صحفية عقدها أمس بالمقر المركزي للحزب بالعاصمة، فإن الجزائر تمرّ حاليا بأزمة متعددة الجوانب »فهي سياسية واقتصادية واجتماعية ومن الخطأ حصرها في الجانب الاجتماعي دون غيره«، وبعد أن انتقد موقف السلطة من التعامل مع ملفات الفساد، جدّد المتحدث المطالبة بضرورة إنشاء لجنة تحقيق برلمانية للوقوف على أسباب وخلفيات الاحتجاجات الأخيرة وتقديم تصور لعلاجها. وخلال ردّه على أسئلة الصحفيين في موضوع متعلق بمطلب حزبه بشأن رفع حالة الطوارئ، أجاب الأمين العام للحركة قائلا: »إن حالة الطوارئ في الجزائر لم يعد لها مبرّر، ولم تعد حالة تسيير بلد بالطوارئ والذي هو الاستثناء..«، وعلى حدّ تعبيره فإن »السُلطة أصبحت تسير البلد أكثر من 20 سنة بحالة الطوارئ لتعطيل تطور الديمقراطية..«. وتعليقا على الظاهرة الجديدة التي أصبح بموجبها الشباب يحرق نفسه، أوضح ربيعي أن ذلك يُحيل إلى أن »هذا الشباب يائس من التغيير عبر المؤسسات الحالية«، ليُضيف: »إنها ظاهرة تُعبر عن ألم عميق في الشعب الجزائري، ورسالة احتجاج حول الظلم السائد«، ثم استطرد في هذا السياق: »إننا كلنا نحترق بداخلنا النار تشتعل بداخلنا منذ سنوات، ولكن هذا لا يُعطي لأنفسنا أن ننتحر لأنه لا يجوز شرعا«. وعندما سُئل الأمين العام لحركة النهضة عن موقفه من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على صعيد الأسعار في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة، أوضح أنه »لقد نبهنا مرارا وتكرارا وقبل أيام من خروج الشباب.. غير أن السلطة غضّت الطرف عن نداءات الحكمة والتعقل والإصلاح ولا تتحرك إلا عندما تحترق البلاد لتستدعي المطافئ وتتخذ بعد الإجراءات هي أسبرين مُسكّن..«، واعتبر ذلك »ليس حلا للأزمة«، مثلما رأى في المقابل »ضرورة الذهاب إلى عمق الأزمة«. ولتجاوز كل هذه التراكمات اقترح ربيعي »فتح حوار جدي مع الطبقة السياسية ومكونات المجتمع لبلورة رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية توضع لها آليات للعمل من شأنها معالجة الأوضاع من أساسها، والمشكلات من جذورها«.