تحول الازدحام المروري عبر مختلف طرقات وشوارع العاصمة مع بداية الشهر الفضيل كابوس حقيقي يؤرق يوميات الصائمين، وضاعف هطول الأمطار والأشغال التي تجري على مستوى بعض المحولات من هذه الظاهرة التي تكون عواقبها وخيمة في شهر الصيام، ورغم تطمينات السلطات المحلية بإيجاد مخططات سير تخلص العاصمة من ذلك إلا أن لا شيء تجسد على أرض الواقع إلى غاية اليوم. من السمر إلى ساعة متأخرة من الليل إلى التهجد وقيام الليل وغيرها من السلوكات التي تميز يوميات المواطنين في الشهر الفضيل،كلها عوامل تزيد من الضغط النفسي الذي يعيشه السائق أمام مقود السيارة وتؤثر عليه سلبا وتدفعه إلى ارتكاب أخطاء قاتلة بسبب الازدحام المروري الذي يميز طرقات وشوارع العاصمة في سائر الأيام وتشتد حدته في الشهر الفضيل، وفي العادة كان الشهر الفضيل يحل علينا في فصل الصيف الذي يكون فيه التلاميذ وطلبة المدارس والجامعات في عطلة، فيما تفضل بعض العاملات والعمال قضاءه في المنزل نظرا لحرارة الأجواء، غير أن حلوله في شهر ماي أرغم الكثيرين على العمل من أجل تأجيل العطلة للاستمتاع بفصل الصيف، وهو الأمر الذي ضاعف من الفوضى المرورية التي تشهدها بعض الطرقات وما يعكسه كثرة النقاط السوداء على محاور ومداخل العاصمة. وفي هذا الإطار عبر العديد من العمال، بل وحتى الطلبة عن استيائهم من حالة الازدحام في الطرقات خاصة من الأماكن التي باتت تشكل نقاطا سوداء من حيث الازدحام، وأصبح الجميع يحاول قدر الإمكان تجنب المرور منها على غرار بابا علي وبئر خادم وكذا الأبيار والطريق السريع المؤدي إلى بن عكنون، والطريق المؤدي من بئر خادم إلى بن عكنون لاسيما على مستوى لاكوت، وغيرها من الطرات. ومن جهة أخرى كشف بعض المواطنين أن التجاوزات التي تحدث بسبب الازدحام تؤدي في الكثير من الأحيان إلى مالا يحمد عقباه، فيما يغلب على بعض السائقين النوم والتعب بسبب الإرهاق الناجم عن كثرة السهر ومشقة الصوم كون الجزائر تصوم أطول فترة في الوطن العربي وهي 16 ساعة، مؤكدين أن مشكلة الزحام المروري في العاصمة لم تعد مرتبطة بأوقات الذروة مع بدء دوام موظفي وانتهائه بل تعدى ذلك إلى كلّ الأوقات فالمسافة التي ممكن قطعها في أقل من ربع ساعة، باتت تحتاج إلى أكثر من ساعة بالرغم من أنّ المسافة لا تتجاوز أحيانا 5 كيلومترات فقط، وهو ما يتسبب في مشاكل نفسية تؤذي في بعض الأحيان إلى نشوب مشاجرات عديدة إثر محاولات بعض السائقين التجاوز في أماكن ضيقة وخطيرة ليتفادوا الزحام. وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الازدحام المروري تضاعفت خلال السنوات الأخيرة بسبب عمليات الترحيل التي شهدتها العاصمة، حيث يضطر المرحلون إلى دخول العاصمة صباحا في أعداد هائلة للالتحاق بمقر عملهم، ويعودون أدراجهم في المساء لدخول منازلهم في رحلة مرهقة خاصة وأنهم صائمون ويتعجلون من أجل الإفطار مع ذويهم. وعليه يناشد العاصميون السلطات المحلية التعجيل في إيجاد حلول من أجل انتشالهم من مأساة الازدحام المروري التي أصبحت تؤرق حياتهم من جهة وخطر على صحتهم من جهة الأخرى.