قامت طائرات عسكرية بريطانية باجتياز الأجواء الليبية وأجلت عمالا أجانب في إطار عملية سرية نفذتها قوات خاصة في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام العقيد معمر القذافي. فقد كشف وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس في تصريح له أمس أن طائرات نقل عسكرية بريطانية حطت بسلام في مطار مالطا الدولي تقل بريطانيين وأجانب من جنسيات غربية أخرى غالبيتهم عمال في حقول النفط في مواقع مختلفة من الصحراء الليبية. ولفت وزير الدفاع البريطاني إلى أن العملية -التي تردد أن القوات الخاصة البريطانية هي التي نفذتها- بدأت من مطار عسكري صغير في بنغازي وتمت في إطار من السرية. كما أكد أحد البريطانيين الذي تم إجلاؤهم أن السلطات الرسمية أبلغتهم بمكان وموعد التجمع طالبة منهم عدم الإفصاح عن هذه المعلومات لأي جهة كانت. وذكر أحد البريطانيين الذين أجلتهم الطائرات العسكرية أن العملية كانت مخصصة لنقل 65 بريطانيا فقط لكنها انتهت بنقل عدد أكبر من الأجانب حيث كانت الطائرات مزدحمة بجنسيات غربية مختلفة. ووفقا لتصريحات الوزير فوكس، من المتوقع أن تعود الفرقاطة البريطانية كمبرلاند إلى ميناء بنغازي قادمة من مالطا لإجلاء ما تبقى من الرعايا البريطانيين في ليبيا. كما أعلنت الخارجية الألمانية السبت الماضي أن طائرتي نقل تابعتين للجيش الألماني قامتا بإجلاء 133 شخصا من جنسيات مختلفة من ليبيا التي تشهد اضطرابات منذ أكثر من عشرة أيام على خلفية مظاهرات واسعة للمطالبة بإسقاط النظام الليبي. وكشف بيان الخارجية الألمانية أن الطائرتين تحركتا من قاعدة تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في جزيرة كريت اليونانية باتجاه مطار صغير في جنوب ليبيا حيث تجمع عدد من الأجانب المقيمين في ليبيا. ووصف فيرنر هوير وكيل وزارة الخارجية الألمانية عملية نقل الرعايا الأجانب بأنها مهمة مسلحة، لكنه نفى أن تكون القوات الخاصة »كيه أس كيه« هي التي نفذتها, وأكد نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن العملية تمت بالتنسيق بينه وبين المستشارة ووزير الدفاع كارل غوتنبرغ. وكانت الخارجية اليونانية قد توقعت أن يتم نقل العديد من مواطني دول الاتحاد الأوروبي من مطار صغير في الصحراء الليبية إلى جزيرة كريت في الساعات الأولى من صباح أمس الأحد. كما أجلت طائرات نقل عسكرية تركية آلافا من الأتراك المقيمين في ليبيا في إطار جسر جوي لإجلاء الرعايا الأتراك الذين يعمل معظمهم في شركات للبناء والمقاولات. وبعيدا عن عمليات الإجلاء العسكرية، يتواصل تدفق الأجانب المقيمين في ليبيا إلى المنافذ الحدودية للعودة إلى بلدانهم. فقد نقل عن سلطات ولاية إيليزي الجزائرية -على الحدود مع ليبيا- قولها إن المراكز الحدودية الثلاثة -الدبداب وتين الكوم وتارات- شهدت في اليومين الأخيرين دخول 350 جزائريا و600 مصري و62 ليبيا و63 فرنسيا و14 ألمانيا و32 موريتانيا و5 بريطانيين بحضور ممثلين عن سفارات بعض الدول. وكانت الجزائر قد أرسلت السبت الماضي باخرة إلى مدينة بنغازي الليبية لإجلاء نحو 500 من رعاياها بعد أن قامت بإجلاء نحو 1300 عبر خمس رحلات جوية من أصل ثمانية آلاف جزائري يقيمون في ليبيا. وعلى الحدود التونسية يتواصل تدفق المغادرين من ليبيا عبر معبر رأس بوجدير لاسيما من المصريين الذين توافدوا إلى المعبر استعدادا للعودة إلى بلادهم. وشهدت معظم موانئ البحر الأبيض المتوسط وصول دفعات من الأجانب من جنسيات مختلفة تم إجلاؤهم من ليبيا خلال اليومين الماضيين حيث وصل إلى ميناء هيراكولين في جزيرة كريت اليونانية أكثر من 2800 صيني على متن سفينة يونانية. وفي حين استقبل ميناء فاليتا المالطي 2200 صيني بعد رحلة طويلة بدأت من ميناء بنغازي التي أصبحت تحت سيطرة المناوئين للعقيد معمر القذافي، كما وصلت إلى الميناء نفسه سفينة مؤجرة من قبل الولاياتالمتحدة تحمل 300 أميركي كانوا عالقين في العاصمة طرابلس. ووفقا لإحصائيات غير رسمية، يقدر عدد الأجانب -غير العرب- الذين تم إجلاؤهم من ليبيا منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية وحتى أمس السبت ب16 ألف صيني، و15 ألف تركي، و1400 إيطالي وآلاف آخرين من جنسيات غربية وآسيوية وأوروبية شرقية مختلفة.