يرى محمد خوجة أستاذ العلوم السّياسية بجامعة الجزائر، والمختص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن الخيار العسكري ضد ليبيا قد فرض نفسه بعد استهداف القوات اللليبية للمدنيين، وتوقع في حوار خص به »صوت الأحرار« أن يأخذ الحلّ العسكري مجراه النهائي، وسيفرض على العقيد القذافي خيار ين إثنين إما الاستسلام، أو مواجهة التصفية الجسدية من قبل المحيطين به. * تطورت الأحداث في ليبيا بشكل متسارع في الآونة الأخيرة. في رأيكم هل فرض الخيار العسكري على ليبيا نفسه، أم أن القوى الغربية تريد زعزعة منطقة شمال إفريقيا مثلما فعلت بالشرق الاوسط؟ **من خلال وقائع الأزمة الداخلية التي اندلعت في ليبيا، ومن خلال فشل الحكومة الليبية، وعلى رأسها العقيد معمر القذافي يمكن القول أن الخيار العسكري لحلّ مشكلة سياسية داخلية، فرضته السياسات الخاطئة للعقيد الليبي، فهو الذي اندفع نحو الخيار العسكري فكان طبيعيا أن يتصاعد الموقف نحو تدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين الليبيين من مجازر، وجرائم إبادة لأن العالم اليوم لايستطيع أن يتقبل أو يسكت عن هذه الجرائم. * انتقد الجمهوريون بالكونغرس الأمريكي قرار باراك أوباما بالمشاركة في الحرب على ليبيا ما تعليقكم؟ ** طبيعي في دولة ذات نظام ديمقراطي كالولايات المتحدةالأمريكية أن ينتقد بعض أعضاء الكونغرس قرارات الحكومة لأسباب داخلية، ولكن الكونغرس لايستطيع إجبار الرئيس أوباما عن إيقاف مشاركة الجيش الأمريكي في التحالف الدولي ضد ليبيا، لأن الأمر لا يتعلق بحرب بين أمريكا وليبيا، حيث أن العمليات العسكرية على ليبيا هي قرار صادر عن مجلس الأمن. * في وقت تشهد منطقة الساحل توترا، حيث تتخذه القاعدة مركزا خلفيا، في نظركم هل سيؤثر شن عمليات عسكرية على ليبيا في تأزيم الوضع بالمنطقة؟ ** تأثير القاعدة في دول الساحل مبالغ فيه، بل يمكن الجزم أنه من اختراع دول ذات شمولية لتخويف الغرب وابتزازه كي يدعم بقاءها في السلطة، ففي منطقة الساحل هناك دول غير ديمقراطية، تنتج الاضطراب والتوتر الداخلي، والقاعدة في الساحل مبالغ فيه كثيرا، سياسيا وإعلاميا لتضليل الشعوب عن الحقائق السياسية، لفشل النظم السياسية الأفريقية. * واصلت القوات الغربية هجماتها العسكرية باستعمال الطيران الحربي هل بامكان ذلك أن يقود الرئيس الليبي إلى الاستسلام؟ ** العقيد القذافي يعيش خارج السياق الزمني، وعندما تشتد عليه حلقات الضغط عسكريا، وتلفظه قبيلته والمحيطون به سيكون مصيره إما القتل، أو النفي، أو في الأسر، وهذه نتيجة طبيعية لديكتاتور مستبد * خلال شنها لضربات عسكرية على ليبيا تحججت القوات الغربية بحماية المدنيين هل تعتقدون أنه السبب الرئيس أم أن الأمر يتجاوز أبعد من ذلك اي اسقاط الرئيس الليبي ومن ثمة، إيجاد ثغرة لنفوذ الغرب بالمنطقة سيما في ظل عدم موافقة الجزائر وليبيا على استقبال قوات »الأفريكوم« على أراضيهما؟ ** هناك حقائق لا تحتمل الشك، واستخدام القذافي للقوة العسكرية، هو الذي حرّك مجلس الأمن ضده، وقوات التحالف تنفذ قرار مجلس الأمن 1973 لحماية المدنيين، والغرب قد اخترق المنطقة قبل اليوم، سياسيا اقتصاديا، واستراتيجيا، والقذافي كان جزء من هذا الاختراق، ولكن تجاوزه للخط الأحمر، ألّب شعبه والعالم ضده لأن العالم في القرن الواحد والعشرون لا يقبل برئيس يوجّه الدبابات والطائرات ضد شعبه. * في نظركم هل ستصمد القوات الليبية أمام الهجمات العسكرية للتحالف؟ ** القوات الموالية للقذافي لم تواجه منذ اليوم الأول لقصف قوات التحالف لأنها ببساطة لا تملك الأسلحة كما لا تستطيع الرد على هذه الهجمات، فما تقوم به قوات القذافي وستقوم به هو محاولة التوظيف السياسي والإعلامي لضربات التحالف الدولي واظهار تأثيراتها الجانبية على السكان، وهو مسعى فاشل لأن هذه الضربات تتم بواسطة قدرات استطلاعية وتحديد دقيق للأهداف العسكرية غير مرئية. ومن المؤكد عسكريا أن القوات العسكرية الموالية للعقيد القذافي ستعرف انهيارا سريعا بفعل الطوق الذي يزداد يوما بعد يوم حولها بواسطة الثوار الليبيين، والضربات الجوية والصاروخية لقوات التحالف، حيث من المرجح الاستعانة بقوات الحلف الأطلسي لتنفيذ قرار مجلس الأمن وتسريع انهيار نظام القذافي. إن القذافي قد انتهى سياسيا لأن الشعب الليبي تمرد ضده ولا يريد بقاءه والعالم من حوله لن يقبل بقاءه في السلطة، لأنه سيكون مصدر توتر واضطراب على المستوى الإقليمي والدولي. * كمحلل أمني استراتيجي، كيف تتصوّرون نهاية السيناريو العسكري في ليبيا؟ ** من الواضح ان الحل العسكري سيأخذ مجراه النهائي وسيفرض على العقيد القذافي خيار واحد فقط وهو التنحي عن لسلطة، أو مواجهة التصفية الجسدية، من الاطراف المحيطة به فالمرحلة الاولى من الضربات الجوية والصاروخية لقوات التحالف، أوجدت معطيات جديدة في ميدان القتال وهي ان كتائب القذافي انتقلت من مرحلة الهجوم على الثوار الى مرحلة الدفاع والبحث عن الحماية، من الضربات الجوية فقد ظربت قوات الدفاع الجوي اليبية ولا تستطيع القوات الموالية للعقيد القذافي ان تتحرك دون غطاء جوي وبالتالي المرحلة القادمة ستعرف تقدم قوات الثوار، نحو مناطق اخرى مما يعزز عزيمتهم للاندفاع نحو العاصمة طرابلس، ومع الوقت سيزداد الضغط على قوات القذافي ليتحول هو الى هدف عسكري في حد ذاته، وهو السيناريو الذي حدث للرئيس الصربي السابق عام 1994 اثناء حرب صربيا، عندما قبل ميلوزوفيتش كل شروط الحلف الاطلسي بعد 24 ساعة من اعلان قيادة الحلف عن ان ميلوزوفيتش وحكومته قد اصبحوا هدفا عسكريا.