دعت جمعية العلماء المسلمين إلى ضرورة إرساء نظام سياسي جديد لإعطاء الكلمة للشعب، بما يكفل الشفافية والإصغاء لكل أطياف المجتمع، مؤكدة أن هذه المرحلة تستدعي تقويم المسيرة السياسية منذ الاستقلال، معتبرة أن النظام البرلماني أكثر صلاحية من النظام الرئاسي لمباشرة إصلاحات جديدة تكون فيها المسؤولية عامة وتضمن التداول السلمي على السلطة. قال عمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين في البيان الذي حمل توقيعه، وتسلمت »صوت الأحرار« نسخة منه، إن الجمعية تتابع باهتمام مستجدات الأحداث في الساحة العربية والإسلامية من تعطش الشعوب للحرية والبت في مصيرها بيدها، لاسيما الشباب الذي أبرز تفاعلا غير مسبوق مع متغيرات العصر، خاصة منها تقنيات الاتصال والتكنولوجيا الجديدة. لكن جمعية المسلمين ترفض المساواة بين الخصوصيات العربية والتجارب التاريخية، باعتبار أن الجزائر خاضت ثورة على أعتى المستعمرين في العالم وقدمت بطولات وتضحيات، تجعلها تتميز عن بقية الأقطار والأوطان. من هذا المنطلق، ترى جمعية العلماء المسلمين أن السلطات الجزائرية مطالبة باستباق أي انفجار اجتماعي يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، بفعل تربصات من الخارج وحراك أيدي داخلية مشبوهة، وهو ما يقتضي تظافر جهود كل الخيرين والوطنيين، من أجل الحفاظ على الوحدة والأمن الوطني، والعمل على تغيير الأوضاع بدل انتظار التغيير من الخارج وفق منطق مجهول الأهداف والتوجهات. وبحسب الجمعية فإن الأزمة التي تعيشها الجزائر ليست اجتماعية ولا سياسية، ولكنها أزمة ثقافية حضارية مزمنة، جراء ابتعادنا عن المرجع الأول المتمثل في بيان أول نوفمبر الذي نص على إقامة دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية، وهو ما يستوجب الانطلاق بشكل عاجل في بعث المشروع الحضري الذي يستمد قوته من ثوابت الأمة وانتمائها الإسلامي، ويدرس واقع الأزمة وتطلعات المستقبل. ووفق تقدير جمعية العلماء المسلمين، فإن التغيير يرتكز على مراجعة الأفكار والواقع الاجتماعي للمنظومة التربوية وغموض أهدافها وجدوى مردودية البرامج الحالية المسطرة، وحتى مراعاة الانسجام بين مضامينها في جميع مراحل التعليم، قبل أن تؤكد أن عدم إعطاء اللغة الوطنية مكانتها الحقيقية يطرح عدة تساؤلات، ويعجل بضرورة التفكير في تفعيل قانون تعميم استعمال العربية المجمد منذ جوان 1992 بلا مبرر، حسب ذات البيان. كما ترافع الجمعية لإعادة النظر في المنظومة التشريعية وفق المبادئ الإسلامية، من أجل تجنيب الشباب اللجوء على الفتاوى المستوردة، وضرورة تكاتف كل الوطنيين من أجل التصدي للمحاولات الرامية للتنصير وتهديد وحدة المجتمع وأمنه، قبل أن تعتبر كرامة المواطن وحرية التعبير، وحق الاجتماع في إطار النظام العام والقانون، على رأس أولويات المرحلة المقبلة لترسيخها وترجيح كفة الحوار والتشاور كأساس في التعامل. واستنادا لموقف الجمعية، فإن المرحلة الحالية تستوجب تقويم المسيرة السياسية في الجزائر منذ الاستقلال في إيجابياتها وسلبياتها، من أجل إرساء نظام سياسي جديد، ترى بشأنه أنه النظام البرلماني الأكثر صلاحية من النظام الرئاسي، لتكون المسؤولية عامة ولإرساء التداول السلمي على السلطة، كما لم تخف الجمعية أن توفير العمل والسكن للشباب والتوزيع العادل للثروات هو أساس العدالة الاجتماعية.