صوّت أمس نواب المجلس الشعبي الوطني لصالح إنشاء لجنة تحقيق برلمانية في خلفيات الغضب الشعبي الذي عاشته عدة ولايات مطلع جانفي الفارط بسبب الزيادات في أسعار بعض المواد الرئيسية منها الزيت والسكر، وينتظر أن تتحرى لجنة التحقيق في أسباب هذه الزيادات وكذا ندرة بعض المواد الغذائية وفيما إذا كانت هناك جهات معينة دفعت في اتجاه تلك الزيادات للاستفادة من الوضع. مقترح إنشاء اللجنة رفعه 38 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية بأغلبية من كتلة حزب جبهة التحرير الوطني، للوقوف على الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الاختلالات التي عرفتها السوق الوطنية في جانفي الفارط والتي كانت نتيجتها ندرة في بعض المواد الأساسية على غرار مادة حليب الأكياس وارتفاع أسعار مواد أخرى مثل السكر والزيت متجاوزة القدرة الشرائية للمواطن. وأكد مندوب النواب أصحاب المقترح، النائب معاذ بوشارب من كتلة الأفلان في كلمته أمس في الجلسة العلنية المخصصة للتصويت على مقترح، أن الاختلالات التي شهدتها السوق الوطنية كانت وراء الاضطرابات الاجتماعية التي تنزلق إلى عنف خطير في بعض المناطق، وأن المجلس الشعبي الوطني لم يقف متفرجا على هذه الأوضاع بل كان يتابعها عن كثب ويحلل خلفياتها ومسبباتها وآثارها الاجتماعية. ومن وجهة نظر النائب فإنه ورغم التدابير الاستثنائية التي اتخذت حينها لتقليص بعض الضرائب والرسوم، إلا أن مسؤولية ما حدث ظلت محل تجاذب بين عدة أطراف، كل طرف يبرئ نفسه ويلصق التهمة بطرف آخر، مشيرا إلى أن دور لجنة التحقيق هو التحري والبحث لفهم ما حدث أولا وفيما إذا كان الأمر يتعلق بسوء ضبط للسوق وتموينه بالمواد الأساسية أم بخلل في التدابير التشريعية والتنظيمية المرتبطة باستيراد هذه المواد واخضاعها لرسوم وضرائب مرتفعة كما يدعي البعض، أو أن الأمر له علاقة بالمضاربة التي يقوم بها المستوردون وتضارب المصالح بينهم وبين المنتجين. وشدد بوشارب على أن اللجنة ستسعى لاماطة اللثام عن ما حدث وتحديد المسؤوليات بدقة واتخاذ التدابير الضرورية ضد الأطراف التي كادت تتسبب في انفجار اجتماعي وجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه بعد خروج الشباب إلى الشوارع تعبيرا عن سخطهم ورفضهم للزيادات المفاجئة للمواد الأساسية. وقد صادق نواب المجلس بالأغلبية على مقترح إنشاء اللجنة التي سيكشف في الساعات المقبلة عن تشكيلتها ورئيسها، وفي المقابل انسحب نواب حزب العمال من الجلسة فيما صوت نواب النهضة والمنشقون عن حركة مجتمع السلم ضد المقترح. وقد اعترض النائب حديبي امحمد من كتلة النهضة على المقترح، والتساؤل عن مصير الطلب الذي سبق وأن أودعه للتحقيق في ما حدث جانفي الفارط، ليتدخل رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري للرد عليه والتأكيد أن لا علاقة بين المقترحين، لأن أحداث جانفي هي محل تحقيق من قبل مصالح الأمن والملف سيحال إلى العدالة ولا يمكن للبرلمان التدخل في هذه الحالة. وينتظر أن تضم اللجنة ما بين 15 إلى 30 نائبا وتكون نسبة تمثيل كل كتلة برلمانية مثلما ينص عليه القانون العضوي للمجلس، كما حددت مهلة 6 أشهر للجنة لإنهاء عملها مع إمكانية تمديد المهلة شهرين آخرين إذا طلب رئيس اللجنة ذلك.