الكراهية هي الدين الجديد في فرنسا، فحتى كرة القدم التي كانت إلى عهد قريب سببا للتقريب بين الشعوب أصبحت خاضعة للمعايير العنصرية التي يتم اعتمادها بشكل رسمي وعلى كل المستويات. القائمون على شؤون كرة القدم في فرنسا يريدون غلق الأبواب في وجوه السود والعرب وحرمانهم من دخول مدارس التكوين للاشتباه في إمكانية اختيارهم اللعب لمنتخبات بلدانهم الأصلية، لكن الهدف يبدو أبعد من هذا، فالمطلوب هو تعديل صورة المنتخب الفرنسي لكرة القدم حتى يتحول إلى فريق نقي عرقيا يتكون من لاعبين بيض يمثلون فرنسا النقية التي يفتقدها الفاشيون الجدد بسبب كثرة السود والعرب في بلاد الحرية والحقوق الإنسان، وحتى مدرب منتخب فرنسا لا يخفي حسده لجيرانه الإسبان الذين قالوا له إن إسبانيا ليس لديها كثير من السود، وهو بكل تأكيد يأمل في تكوين فريق ناصع البياض مثل فريق روسيا أو إيطاليا، وحتى لا يبدو عنصريا فإنه يختفي تحت ذريعة أن على الهيئات القائمة على كرة القدم في فرنسا يجب أن تفكر في التركيز على إبداع أسلوب أكثر ذكاء في اللعب بدل الاعتماد على القوة البدنية التي توجد لدى اللاعبين السود تحديدا. فرنسا ضاقت ذرعا بأبنائها من أصول مهاجرة، والنخب السياسية والإعلامية هناك تعلن الآن حربا مفتوحة حيث يتحول الإقصاء إلى سياسة رسمية، ومثلما تمت الإشارة إلى وضع نظام حصص غير معلن في مجال التكوين الرياضي فإن هناك نظام حصص غير معلن في جميع الميادين يجعل حصول الفرنسيين من أصول مهاجرة على مناصب شغل، أو شغل مناصب هامة أمرا بالغ التعقيد ويكاد يكون مستحيلا، وهذه السياسة تحولت إلى ثقافة شعبية تتبناها أغلبية الفرنسيين البيض الذين أصبحوا يشعرون بأنهم ليسوا في بلادهم، وهي العبارة الأكثر تداولا في جلسات النقاش التي تبث يوميا في وسائل الإعلام الفرنسية. من المؤكد أن الخطاب الرسمي الفرنسي الذي يتم تسويقه تحت عناوين مختلفة سيجد ما يبرر به هذه السياسة المشينة خاصة وأنه نحر أول كبش فداء، لكن الملايين في فرنسا، والذين لا يعرفون وطنا غيرها، يشعرون بأنهم يعيشون على الهامش وأن التكالب على سلبهم حقوقهم وجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية أصبح ورقة انتخابية رابحة في بلد يحمل شعار الحرية والمساواة والأخوة.