م تتأخر الخلافات بين أطراف المعارضة الليبية في الظهور، فحتى قبل أن يبسط المجلس الانتقالي والقوات الموالية سيطرته على كل التراب الليبي بدأت الاتهامات تسيطر على لغة الشركاء في عملية تنحية القذافي وإسقاط نظامه، وبعض هذه الاتهامات يبدو ثقيلا وينذر بأيام عصيبة. علي الصلابي، وهو من الوجوه الإسلامية المعارضة، يقول صراحة إن "هناك حربا منظمة من بعض أعضاء المكتب التنفيذي مثل محمود شمام ومحمود جبريل وعلي الترهوني وناجي بركات، الذين يسعون لتغييب الوطنيين والثوار الحقيقيين"، ويعتبر أنه "لما بدأت الحقائق تظهر في الساحة تخوف محمود جبريل وانزعج"، وبرأي الصلابي فإن ليبيا "دخلت في عهد جديد وعهد ديمقراطي نؤمن فيه بالنقد وبالحرية، ونؤمن بحق الآخرين في أن ينقدونا، كما أننا نحن أيضا من حقنا أن ننقد ونتحدث ونتكلم، ولن نسمح لقلة قليلة من المتطرفين العلمانيين بأن يدخلوا ليبيا في نفق جديد أسوأ من الذي أدخلنا فيه القذافي منذ أربعين عاما"، وهو لا يتردد في وصف خصومه، وهم من الفاعلين في المجلس الانتقالي، ب"القلة القليلة العدوة للشعب الليبي وعقيدته ليس لها أي تأثير ولا أي أرضية، وتحاول أن تصِم الآخرين بالإرهاب والتطرف والأفكار البالية التي عفا عليها الزمن". المشكلة في ليبيا اليوم هي أن كل واحد يتحدث عن الأغلبية التي يعتقد أنه يمثلها، وعندما يتحدث الصلابي عن الثوار الحقيقيين فإنه يعني بالتأكيد أولئك الذين قاتلوا على الأرض، وهؤلاء لا يريدهم المجلس الانتقالي ومن يحركونه في فرنسا والدول الغربية، والخطير في القضية أن هؤلاء غير المرغوب فيهم يحملون السلاح ويحتلون مواقع على الأرض، وهم يحملون مشروعا مغايرا تماما لما يريده الغرب وأعوانه في المجلس الانتقالي، وهذا يعني أن كل شروط التناحر الداخلي باتت متوفرة. لقد اعترف رئيس الوزراء الإيطالي برلوسكوني بأن ما حدث في ليبيا لم يكن ثورة شعبية بل انشقاقا لبعض رجال النظام، غير أن الذين قاتلوا لهم رأي آخر، وهم غير مستعدين لإخلاء مواقعهم لمن أداروا المعركة في قاعات الاجتماعات، وباللقاءات مع المسؤولين الغربيين في السر والعلن.