تأكيدا منها على نجاح الإصلاحات التربوية تكون وزارة التربية قد قررت إنجاح كل تلاميذ السنة السادسة والخامسة مجتمعين هذه المرة كأحد تجليات التطبيق الشامل لإصلاحات بن زاغو. قرار الوزارة وإن لم يأت بجديد سوى صفته العلنية كون النجاح العام في شهادة التعليم الابتدائي كان ساري المفعول منذ مدة ولم يكن يرسب من المتقدمين إلى الامتحان إلا واحد أو اثنين في المائة، إلا أنه كان من الغرابة والسخرية بمكان. أن تتباهى الوزارة بتبني إجراء ضد طبيعة الأشياء، وبهذه البلادة الموصوفة، فإنها تسفه القطاع وكل العاملين فيه. لقد كان بمقدور الوزارة مثلا أن تلغي الامتحان مثلا كاستثناء لتصادف التقاء النظامين القديم والجديد هذا العام، وتقضي بانتقال كل التلاميذ. فلا معنى لامتحان ينجح فيه كل التلاميذ قبل إجرائه، لأن ماهية الامتحان أصلا هي تصنيف الممتحنين بين نجيب وضعيف وناجح وراسب. بهذا القرار يكون بن بوزيد قد ارتكب كل الموبقات التربوية، التي لم يسبقه إليها بشر. ولم يبق عليه إلا أن يأتي بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، كأن يتخذ قرارا العام المقبل بأن يرسب كل المتقدمين للامتحانات، كدليل على نجاح الإصلاحات التربوية أيضا، بدليل أنها أصبحت تُنجح من تشاء وتُسقط من تشاء، وكيفما تشاء ومتى تشاء. ذلك لأنه عندما يصبح النجاح في الامتحان بقرار، فلا حرج في "الرسوب" بمرسوم وزاري في بلد المعجزات.