تشير المعطيات الأولية التي صاحبت العملية الانتخابية أن »اسطوانة التزوير« التي اعتادت تكرارها أطراف سياسية كل موعد انتخابي لم تعد تبرر فشلهم سياسيا وتهلهلهم تنظيميا ورفضهم شعبيا. خلافا للمواعيد الانتخابية السابقة التي عرفتها الجزائر منذ دخولها عهد التعددية السياسية والإعلامية، اجمع مراقبون أن انتخابات العاشر من ماي 2012 تميزت بالشفافية في مسار العملية الانتخابية، بشهادة ملاحظو الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، حيث لم يسجل أي احتجاجات متعلقة بالتزوير التقليدي المتمثل في تضخيم قوائم الناخبين أو الصناديق التي كانت سابقا غير محكمة من حيث الشكل. علاوة على هذا لم يسارع قادة الأحزاب وعددهم 44 حزبا سياسيا مشاركا في العملية الانتخابية إلى إطلاق »صفارات الإنذار«الخاصة بالتزوير كما كان الحال عليه في الانتخابات السابقة. ويرجع مراقبون تراجع عملة التزوير في سوق الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر أول أمس، إلى قانون الانتخابات الجديد الذي اقره البرلمان ضمن سلة الإصلاحات التي اعتمدها الرئيس بوتفليقة، حيث تم طرح كل الضمانات الممكنة سياسيا وإداريا من اجل الوصول إلى انتخابات شفافة ونزيهة ويحترم فيها إرادة المواطن ويصان فيه صوته ضمن رؤية سياسية ترمي إلى إحداث تغيير ديمقراطي سلمي بعيدا عن أي تأثيرات خارجية أو إقليمية. فقد طرح قانون الانتخابات لأول مرة إشراف القضاء على العملية الانتخابية وإقرار حضور الملاحظين الدوليين مع اعتماد صندوق شفاف والحبر الفسفوري ومنح محاضر الفرز في مراكز الاقتراع وليس في البلديات أو الدوائر مثلما كان عليه الحال. إلا أن الأكثر من هذا وذاك كان تلك الإرادة السياسية التي أبداها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالنظر إلى الرهانات المحيطة بالعملية الانتخابية، حيث هدد على لسان وزير الداخلية بسجن المزورين من أعوان الإدارة والمكلفين بالعملية الانتخابية. ومن هذا المنظور يتضح جليا أن قصة التزوير التي اعتاد على ترديدها أطراف سياسية مبتورة شعبيا، كما أن نزاهة الانتخابات وضعت حدا لغرور رموز التيار الإسلامي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها لتصريحات اثبت الواقع أنها مجرد دعاية انتخاباوية بعيدة عن فهم نفسية الشعب الجزائري. ولعل تصريحات رئيس بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي وكذا الأممالمتحدة واللذين اثنيا على سير العملية الانتخابية وسلامة شروطها يؤكد أن أي محاولة لإعادة إنتاج اسطوانة التزوير لن يجد مبرر له في تغيير الواقع الذي رسمه الناخب الجزائري في تشريعيات العاشر ماي 2012 .