شهدت الحملة الانتخابية التي أسدل الستار على أطوارها منتصف ليلة الأحد ثلاثة أسابيع كاملة من المنافسة الشديدة بين 44 تشكيلة سياسية نظمت الآلاف من التجمعات الشعبية واللقاءات الجوارية عبر كامل التراب الوطني لاقناع المواطنين بالتصويت لصالحها لتمثيلهم في المجلس الشعبي الوطني القادم. وعرفت الحملة الانتخابية التى انطلقت يوم 15 أفريل 2012 مشاركة 44 حزبا سياسيا من بينهم 21 حزبا جديدا إلى جانب 186 قائمة أحرار حاولوا كلهم استقطاب أصوات الهيئة الناخبة المقدرة ب 21.664.345 ناخب يوم الخميس المقبل. واستغل رؤساء الأحزاب والمترشحون الأحرار هذه الحملة عبر أكثر من 4.342 قاعة وساحات عمومية لشرح برامجهم بهدف اقناع المواطنين بمقترحاتهم المتضمنة -حسبهم- حلول لعدد من الانشغالات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة. وكانت الومضات الاشهارية والملصقات و الحصص السعمية البصرية لمختلف الاحزاب السياسية أيضا وسيلة لمحاولة كسب أصوات أزيد من 21 مليون ناخب وناخبة مسجل للموعد الانتخابي القادم. ولهذا الغرض اختارت جل الاحزاب عدة محاور تتعلق بالانشغالات اليومية للمواطن كالشغل والسكن والتعليم والصحة والقدرة الشرائية لتبني عليها خطابها الانتخابي محاولة بذلك تقديم حلول لهذه التطلعات و الاستجابة اليها. كما شكلت مسألة إرساء المساواة والعدالة الإجتماعية ومحاربة المظاهر السلبية كالمحسوبية والحقرة وكذا التركيز على قطاعي الفلاحة و السياحة و تشجيع الاستثمار وتسهيل وصول الشباب الى مناصب المسؤولية أهم الاقتراحات التى استعرضها قادة الأحزاب خلال خرجاتهم الميدانية لمدة 22 يوما. كما قام زعماء الاحزاب والمترشحون الأحرار خلال الحملة الانتخابية بالتنقل عبر مختلف أرجاء الوطن وخارجه في أماكن تواجد الجالية الجزائرية لاقناع الناخبين بالذهاب بكثافة الى صناديق الاقتراع يوم ال 10 ماي والتصويت على مرشحي قوائمهم الانتخابية. وركز هؤلاء القادة السياسيون خلال تنشيطهم لتجمعات شعبية لشرح برامجهم الانتخابية طيلة فترة الحملة على أهمية التشريعيات القادمة لتجسيد الديمقراطية الحقيقية التي تسمح للمواطنين بالمشاركة في صنع القرار من خلال ممثليهم في البرلمان. و اعتبر بعض رؤساء الاحزاب هذا الإستحقاق بمثابة محطة تاريخية مهمة لتحصين الجزائر من مؤامرة أولئك الذين يعملون من أجل عرقلة مسيرتها الديمقراطية مطالبين بضرورة احداث التغيير السلمي في آليات تسيير شؤون البلاد عن طريق الاقتراع. ومن جهتهم استفاد أعضاء الجالية الجزائرية بالمهجر طيلة فترة الحملة من لقاءات وتجمعات شعبية جمعتهم بمتصدري قوائم بعض الأحزاب للاستماع لمحتوى البرامج الانتخابية للقوائم المترشحة. ومن بين النقاط التي تطرق لها معظم المترشحين بالمهجر تلك المتعلقة بتخفيض سعر تذاكر شركة الخطوط الجوية الجزائرية والسهر على نقل جثامين الجزائريين المتوفين بالخارج لدفنهم بأرض الوطن. كما اقترحت برامج بعض الأحزاب الموجهة لأعضاء الجالية فتح فروع لبنوك جزائرية بالخارج من أجل تقريب مجال استثمارات الجزائريين في المهجر علاوة على استغلال أمثل للاتفاقيات الثنائية مع بلدان الاقامة لطرح قضايا الجالية ولا سيما ما يتعلق بالتقاعد والتكفل الصحي والشغل. وحول الظروف التنظيمية والإجرائية للحملة الانتخابية أكد رئيس اللجنة الوطنية للإشراف على الإنتخابات التشريعية السيد سليمان بودي أن الحملة الإنتخابية "جرت في ظل احترام القانون". و أوضح بودي أن الحملة الإنتخابية كانت في مجملها "تسير وفقا للقواعد القانونية و كانت مرضية فيما يتعلق بالتنظيم" مضيفا أنه تم الفصل في أكثر من 730 اخطار خلال هذه الفترة. وتمثلت أهم الإخطارات التي تلقتها اللجنة في عملية العرض العشوائي للملصقات الإشهارية للتشكيلات السياسية" وكذا استعمال وسائل الدولة خلال الحملة الإنتخابية وعقد تجمعات دون الحصول على رخصة و الإشهار التجاري و طبع أوراق تصويت مقلدة و أخرى حول مناوشات حدثت بين المواطنين و الأحزاب. وقد فصلت اللجنة في بعض هذه الإخطارات التي تقع ضمن إطار سلطتها وصلاحياتها فيما أحالت البقية إلى السلطات القضائية المخولة للفصل فيها. و سيعرف هذا الموعد الانتخابي حضور أزيد من 500 ملاحظ دولي منهم 120 ملاحظ ممثل للاتحاد الأوربي و 200 ممثل للاتحاد الافريقي و 132 عن جامعة الدول العربية و 10 للأمم المتحدة و 20 أخرين عن منظمة التعاون الإسلامي فضلا عن ممثلين عن منظمات غير حكومية أمريكية. و في تقييم لمجريات الحملة أبدى أعضاء وفدي الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية المتواجدين في الجزائر لمتابعة تشريعيات العاشر ماي المقبل "ارتياحهم" ل"الشفافية" التي تحيط عملهم مبرزين "التسهيلات والضمانات" المقدمة لاجراء هذا الاستحقاق في كنف الحرية والديمقراطية. و من خلال مختلف اللقاءات مع المسؤولين والأحزاب السياسية و الزيارات التي قاموا بها الى عدد من ولايات الوطن أكد ملاحظو المنظمتين أنهم تلقوا كل "الضمانات" و"التسهيلات" لأداء مهامهم في أحسن الظروف. و في هذا الاطار كان رئيس بعثة ملاحظي الإتحاد الأوروبي المكلفة بمتابعة الإنتخابات التشريعية السيد خوسي اغناسيو سالافرانكا قد أكد أن بعثته "تلقت كامل الضمانات" المتعلقة ب"شفافية" عملها بالجزائر مبديا شعوره بأن مهمة الوفد في هذه التشريعيات "ستمرعلى أحسن وجه".