محمد، كمال، علي••• عينة لبعض الشباب والكهول القادمين من مختلف مدن الجزائر للعمل بها بعدما يئسوا من شبح البطالة بقراهم، لا سيما في ورشات البناء التي تستحوذ على غالبية هؤلاء ''الزوافرة''• التقينا بالعديد من هؤلاء بإحدى ورشات البناء الكائنة في بلدية دالي إبراهيم، وعند اقترابنا منهم وبمجرد أن كشفنا لهم عن هويتنا وعن سبب مجيئنا حتى التفوا حولنا، وفتحوا لنا قلوبهم ليحدثونا عن يومياتهم مع شهر رمضان بنبرة حزينة تعبر عن حنينهم واشتياقهم لذويهم، خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يعد فرصة للعائلات الجزائرية للاجتماع ولمّ الشمل حول مائدة الإفطار، إلا أن الكثير من هؤلاء لا يستطيعون تحقيق هذا الحلم• عندما سألناهم عن مكان تناولهم لوجبة الإفطار، أجابنا محمد القادم من ولاية تيزي وزو، وهو أب لسبعة أطفال، بأن صاحب الورشة إنسان ملتزم وميسور الحال، لذلك فإنه يقوم بتأجير أحد المطاعم الخاصة لفائدة العاملين لديه، والذين يقطنون خارج العاصمة• وأشار المتحدث إلى أنه بالرغم مما يوفره هذا المطعم من وجبات تضاهي في أحيان كثيرة الوجبات التي تعدها العائلات الجزائرية، والجو العائلي الذي يصنعه العمال فيما بينهم لإضفاء نوع من الأجواء الحميمية، إلا أنه يفتقد نكهة رمضان بعيدا عن أبنائه حيث لا يسعفه الحظ بقضاء ولو يوم واحد بين أفراد أسرته• أما كمال القادم من ولاية سطيف، فأكد بأنهم من المحظوظين الذين وجدوا في هذا المطعم المؤجر من طرف ربّ العمل المكان المناسب لهم لتناول وجبة الإفطار بعيدا عن المشاكل والازدحام والفوضى التي تطبع بيوت الرحمة، وهو ما يعانيه حسبه الكثيرون من أصدقائه ومعارفه الذين يشتغلون بمختلف ورشات البناء الأخرى المنتشرة بمختلف مناطق العاصمة، حيث أنهم يجدون صعوبة في الظفر بوجبة ساخنة، ما يضطر الكثيرين منهم إلى تحضير وجبات الإفطار في مقرات إقامتهم، وبالرغم من ذلك فإنهم لا يتنازلون عن قضاء شهر رمضان في بيوتهم على حساب عملهم • وعلى صعيد آخر أشار علي، شاب في ال28 من عمره، أنه اختار مطعم الرحمة الذي أصبح يرتاده كل من ضاقت بهم السبل في الحصول على وجبة ساخنة، مكانا للإفطار، بالرغم من الاكتظاظ الكبير الذي تشهده وبعض التصرفات غير الأخلاقية والتي تتنافى مع قدسية هذا الشهر الفضيل، والتي تصدر من بعض الصائمين، مشيرا إلى أن هذه الاخيرة تقدم وجبات لائقة، حيث تشتمل موائد الإفطار التضامنية على وجبات غذائية كاملة خاضعة لمعايير صحية ومراقبة دائمة•