قامت الدنيا ولم تقعد بسبب دعوة رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، إلى وضع مرجعية جديدة للفلسطينيين في الداخل والخارج، وسمعنا لغطا كبيرا حول منظمة التحرير حتى بدت هذه المنظمة أهم من القضية الفلسطينية في حد ذاتها. المنظمة عندما أنشأتها الجامعة العربية قبل خمس وأربعين سنة كانت من ضمن أدوات التحرير كما يدل على ذلك اسمها، وقد كان ميثاقها حاملا لمبادئ شعب اختار طريق الثورة للتحرر وتقرير المصير، وبعد عقود من النضال والعمل الثوري انتهت المنظمة إلى الاعتراف بإسرائيل، ويكفي أن أمين سرها اليوم هو ياسر عبد ربه الذي انتقد إسرائيل لأنها تسرعت في وقف عدوانها على غزة، فلا أحد ينكر أن منظمة التحرير أصبحت مرجعية للتسوية التي تحولت الآن إلى تصفية للقضية الفلسطينية. لقد اختار الشعب الفلسطيني في آخر انتخابات حركة سياسية غير منضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا في حد ذاته يطرح أسئلة كبيرة حول مقولة أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فالأنظمة العربية هي التي جعلت من المنظمة ممثلا شرعيا ووحيدا ولحق بها العالم عندما تخلت المنظمة عن الكفاح المسلح واعترفت بإسرائيل. حتى الفصائل التي تشكل منظمة التحرير لا تتخذ موقفا موحدا من أوسلو ومسألة التسوية، وبعد سنوات لم يعد أحد يتحدث عن المنظمة لأن السلطة غطت عليها بشكل نهائي إلى أن أعادتها تصريحات مشعل إلى الواجهة، ولو كان رموز السلطة اليوم قد استجابوا لنداءات إصلاح المنظمة بما يضمن استقطاب الفصائل التي تعمل من خارجها لما طرحت اليوم مسألة المرجعية، لكنهم رفضوا الإصلاح لأن أولويتهم كانت تمرير التسوية وسحق كل من يقف في طريقها وحولوا المنظمة إلى غطاء لهذه التسوية. لو استفتي الشعب الفلسطيني في ثوابته وأولوياته فهل سيختار الدولة والقدس وحق العودة أم سيختار منظمة التحرير الفلسطينية؟ الذين يدافعون عن منظمة التحرير اليوم أضاعوا القدس وتنازلوا عن حق العودة ويقبلون بمسخ يسمى مجازا دولة، وإذا كان لا بد أن يختار الفلسطينيون بين منظمة يتحكم فيها عباس وعبد ربه وبين فلسطين فعليهم أن يختاروا فلسطين ولتذهب المنظمة إلى الجحيم.