أصبح موضوع نسبة المشاركة في الإنتخابات الرئاسية حديث العام والخاص، حتى أن الحديث عن البرامج والرجال أصبح باهتا، وأن هموم الحكومة والأحزاب المؤيدة لبوتفليقة أصبح همها " نسبة المشاركة " . وصراحة إن الإهتمام الرسمي بنسبة المشاركة يعني أن هناك شعورا لدى النظام الحاكم بأهمية الإهتمام الشعبي بالفعل السياسي والمشاركة فيه، باعتبار أن المشاركة الشعبية تعد ركنا هاما من أركان أي نظام سياسي ديمقراطي. والتخوف من ضعف نسبة المشاركة يرجع إلى نقص شخصيات تنافسية في رئاسيات أفريل القادم، فلا توجد شخصية بإمكانها منافسة بوتفليقة تكون محركا ومحفزا للجماهير الشعبية على الإقبال على صناديق الإقتراع. كما أن الإنتخابات التشريعية والمحلية لعام 2007 بينت نسبة متواضعة من المشاركة تقل عن 45 بالمئة وهو ما أملى مخاوف من انعكاسها على الرئاسيات. اتصلت بي وكالة رويترز وطرحت على بعض الإنشغالات المتعلقة بالموضوع، مما يعني أن هذا الموضوع أصبح متداولا على صعيد دولي. لكن رويترز أرادت أن تعرف مدى مصداقية الإنتخابات بمثل ترشحات هزيلة ، ومشاركة شعبية يحتمل أن تكون متواضعة. والواقع أن ضعف مستوى الترشيحات وضعف نسبة المشاركة لا يطعن بأي حال في صدقية الإنتخابات إذا احتكمت الصناديق إلى المعايير الدولية من شفافية ، والقانون الجزائري له من القوة بهذا الخصوص إذا تم تطبيقه بشكل فعلي وفعال. وفي كل دول العالم فإن المترشح الذي يحوز على أعلى نسبة من الأصوات المعبر عنها يصبح رئيسا لا يطعن أحد في مصداقيته أو شرعيته. لكن نقص الإقبال الشعبي على الصناديق، ظاهرة سياسية يجب التعامل معها بجد. وهي في نظري لديها مجموعة من الأسباب، منها ، عدم تنافسية المترشحين، فالكفة تميل بشكل واضح للرئيس بوتفليقة، إلى جانب عقم المعارضة فهي لم تعد مولدة للأفكار والبرامج والرجال، كما أن كثيرا من الشخصيات تنأى عن النضال السياسي الدائم والمستمر، ولا ترغب في مواجهة الواقع، وكثير منهم ينتظر النظام الذي ينتقده لكي يعينه مسؤولا .. وفي نفس الوقت يلاحظ أن الساحة السياسية بحاجة إلى نفس جديد ودم جديد، ورجال جدد، وهذا المعطى تتحكم فيه السلطة، التي تفضل عدم منح الإعتماد لأحزاب جديدة، وهو ما حال دون تمكين المواطنين من الإلتفاف حول برامج وشخصيات جديدة قد تساعد على خلق الإهتمام السياسي. وفي المحصلة يجب أن نعترف أن ضعف الإقبال على الصناديق سواء أكان في التشريعيات أو المحليات أو الرئاسيات مسؤولية الجميع، وإن كنت أميل لتحميل النظام مسؤولية أكبر. [email protected]