لم يبق على الشروع في إجراء الامتحانات الرسمية الثلاث إلا ثلاثة أشهر وبضعة أيام، حيث أقرت وزارة التربية الوطنية شهادة البكالوريا ليوم 7 جوان، شهادة التعليم المتوسط ليوم 1 جوان، وامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي في دورته الأولى ليوم 27 ماي، وينتظر أن تنتهي الدراسة قبل 15 ماي، على غير ما اعتدنا عليه في السنوات الماضية، على أمل أن تكون النتائج أفضل من العام الماضي. ومثلما هو واضح من هذه التواريخ، فإنها هي نفسها التواريخ التي جرت فيها هذه الامتحانات السنة الماضية، إذا ما استثنينا امتحان شهادة التعليم المتوسط ، الذي جرى في الفترة من 2 إلى 4 جوان. وحسب التوقعات المتداولة الآن ، فإن نسب النجاح المنتظرة هذه السنة من هذه الامتحانات الثلاث سوف تكون مرتفعة نوعا ما ، وتأتي في مقدمة هذه النتائج، نتائج شهادة البكالوريا، وامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، الذي يظل دوما مجرد امتحان تقويمي لمستوى التحصيل المعلوماتي لدى التلميذ. وبالنسبة لشهادة البكالوريا، فإنه يتوقع وفق ما تحدث عنه وزير التربية نفسه أن ترتفع نسبة النجاح على المدى القريب لتبلغ مستوى 70 بالمائة، وقس على هذا الطموح الذي يِؤمن به وزير التربية بالنسبة للامتحانين الآخرين، اللذين هما امتحانين خاصين بمرحلة التعليم الإلزامي، المحددة مدتها ب 16 سنة متواصلة، وفي نظرنا ومن الآن أسباب هذا الارتفاع النسبي في النجاح تعود وبالأساس إلى: المراجعات النوعية والكمية التي قامت بها وزارة التربية الوطنية عبر اللجان الوطنية المختصة والإسهامات التربوية العديدة التي استعانت بها من داخل الوطن ومن خارجه، بما فيه التجارب الناجحة عند الآخرين،وكذا الأنماط الجديدة في التدريس التي تعتمد على المقاربة بالكفاءات، ودورات التكوين المتواصلة ولو بشكل محدود من حيث الفعالية بالنسبة للأساتذة والمعلمين، ثم إلى الإستعدادات الرسمية الأخرى للوصاية والدولة الجزائرية عموما، التي تريد أن تجعل من الإصلاح التربوي الجاري مطمحا يقتضى به، ويوجب الاستمرارية فيه، باعتباره أحد الرهانات الضخمة للإصلاحات الكبرى التي جيء بها بداية من سنة 1999 . وحسب ما هو متعارف عليه، فإن النتائج الإيجابية التي تسجل في هذه الامتحانات الثلاث هي التي تعطينا صورة شبه كاملة عن الجهد المبذول من قبل الدولة من جهة، والجهد الآخر المبذول من قبل التلاميذ والأولياء ومكونات المجتمع عموما، وهي التي تؤهل أصحابها الارتقاء والتأهيل العلمي والعملي إلى مرحلة أعلى من تلك التي هم فيها الآن، حيث يتمكن تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي من التسلق إلى السنة الأولى من التعليم المتوسط ، ويواصلون تعليمهم لمدة أربع سنوات أخرى، تجر الناجحين منهم في شهادة التعليم المتوسط إلى السنة الأولى ثانوي، الذين يواصلون تعليمهم لمدة ثلاث سنوات أخرى، قبل أن يمتحنوا في شهادة البكالوريا، ويحال الناجحون منهم على مرحلة التعليم العالي، هذا صنف، أما الصنف الآخر منهم الأقل قدرة والأقل استعدادا على مواصلة الدراسات العامة النظرية في أحيان أخرى فيحال بداية من السنة الرابعة متوسط وحتى السنة الثالثة ثانوي على التعليم والتكوين المهنيين، وسائر التخصصات المهنية التكنولوجية. وما يلاحظ في السنوات الأخيرة أن الإقبال على هذا النوع من التعليم لم يعد يقتصر على هذا التصنيف التقليدي، بل أصبح جزء من التلاميذ بمن فيهم التلاميذ الناجحين في شهادة البكالوريا يلجأون إلى بعض هذه التخصصات المهنية، وذلك مثلما ذكر أحد المختصين التربويين يعود لكون شباب اليوم أصبحت شرائح واسعة منه تفضل أقصر مدة للدراسة وهي السمة التي يتميز بها هذا الصنف من التعليم قبل التوجه إلى الحياة العملية التي تتضاعف وتكثر فيها نسبيا فرص التشغيل والعمل عن غيرها من التخصصات الأخرى بالجامعات والمعاهد العليا، هذا زيادة عن كون هذا الصنف من التعليم المهني يوفر الأجر الشهري المحترم، بل والدخل غير المحدود، خاصة عند الذين لهم أقدمية في المهنة، ولهم إمكانيات الانطلاق الأولى، ومثلما تتوفر لهم أسباب النجاح عند القطاع العمومي أو القطاعات الخاصة، فإنها مثلما قال محدثنا تتوفر أيضا عند إقدامهم على المغامرات المهنية الحرة، وهذا في نظرهم ما يمكنهم من الشروع المبكر في مواجهة الحياة الاجتماعية، ويوفر لهم أسباب الإنخراط الفعلي فيها، بما تتطلبه من إمكانيات العيش والزواج وتاسيس أسرة متماسكة، وما إلى ذلك.