الحرب القادمة في الجزائر ربما لن تكون مثلما توقّعها الخبراء "حرب المياه" بعدما تنبّهت الدولة أخيرا إلى أهمية الماء وضرورة الاستثمار بقوة لإنهاء المشكلة وتوفير هذه المادة الحيوية في المدى القريب والمتوسط. الحرب القادمة حتما ستكون على ثلاث جبهات قتالية، كل واحدة تنسيك في الأخرى لشرّ ما يتهدّد البلد والمجتمع منها.. يتعلق الأمر حتما بجبهة الفساد، وجبهة المخدرات وجبهة الغذاء. الصورة قاتمة بالفعل وبرأي أهل الاختصاص فإن البلد مهدّد في غذائه في السنوات القادمة بفعل التغيرات المناخية التي تضرب منطقة البحر المتوسط من جهة وبفعل غياب مشروع مارشال يحقق الثورة الخضراء في بلد قارة يملك كل مقومات النجاح وتحقيق الاكتفاء وتصديرات آلاف الأطنان من المواد الغذائية نحو الخارج. الصورة قاتمة فعلا لأن الفساد مسّ قطاعات كثيرة واستشرى في الصفقات العمومية والمال والأعمال والإدارة والمقاولات والتجارة وما إلى ذلك، حتى إن الاحتكار والمنافسة غير الشريفة والرشوة والتهريب صارت أجندة تعامل يومي. الصورة قاتمة فعلا لأن المخدرات استشرت في أوساط المجتمع ولدى الشباب استهلاكا وبيعا ومن مختلف الفئات، وإلى جانب الاستهلاك صارت الجزائر معبرا لهذه السموم والآفات الخطيرة، ويبدو المجهود غير ناجع في مصادرة هذه المواد ومراقبتها، وتشير الإحصائيات والأطنان من المواد المصادرة إلى حجم الكارثة. ذي هي صورة عن التحديات التي تقف أمام البلد وأهله وتحدّ من نهوضه وتحرره الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وربما أمامها تسكت الخطب وتسقط الوعود في الماء.. أما بعد: "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.."