في كل مناسبة يخرج نور الدين يزيد زرهوني بتصريحات تشكل مانشيتات الصحف. سواء ما تعلق منها بالوضع الداخلي أو العلاقات الثنائية بين الجزائر وبعض الدول. فمرة رفض أن تعاملنا فرنسا مثل " البط " ، وقال العبارة باللغة الفرنسية ولم يفهم الصحافيون مدلولها، وتارة رد على تقرير أمريكي، بقوله على أمريكا أن تهتم بسجن غوانتانامو أولا، ومؤخرا رد على الموضوع الأمريكي حول رفض الجزائر استضافة " الأفريكيوم " التي تعني القيادة العسكرية الأمريكية الموحدة في إفريقيا، وقال زرهوني على أمريكا أن لا تتعامل مع الجزائر مثلما تريد. وصراحة إن هذا النوع من التعليقات بخصوص العلاقات الثنائية تشير بأن للدولة ثقة في النفس ، وأنها تطالب الدول الشريكة بالتعامل معها ب " الندية " ، أي دولة لدولة، وليس كما تريد في الوقت الذي تريد. لقد أفضت الأحادية التي وصل إليها العالم إلى انفراد الدول الكبرى بالدول الصغرى، وراحت تملي عليها سياسات محددة ، وهي السياسات لا تخدم بالضرورة مصالح الدول الصغرى، لكنها تخدم بشكل حتمي مصالح الدول الصغرى. ومنه فالأفريكوم ليست سوى وسيلة لخدمة المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدةالأمريكية، في إفريقيا، فأمريكا أصبحت تنظر لإفريقيا على أنها بقعة " نفطية " يمكن أن تشكل بديلا لنفط الشرق الأوسط مستقبلا ، وأمريكا تراقب عن كثب زيادة التوغل الصيني في القارة السمراء، مما يجعل العملاق المتحرك يستفرد بمصير القارة مستقبلا ، وقد أ"ثبتت الأزمة المالية العالمية وزن الصين المؤكد في الإقتصاد الدولي، تكفي الإشارة إلى مساهمته بنحو 400 مليار دولار خلال قمة مجموعة العشرين، وتكفي الإشارة إلى أن أكبر احتياط مالي موجود في الصين أيضا، وغيرها من المعطيات. كما أن القارة السمراء توصف بأنها " قارة عذراء " وغنية بالمياه والثروات والطاقات البشرية، لذلك هي محل صراع بائن أحيانا وغير بائن أحيانا أخرى، بين الدول الكبرى على التفرد بالأنظمة الإفريقية واحدة واحدة. ويعد " الإرهاب " في دول الساحل الإفريقي، وقضية اختطاف السواح الأجانب، وأخيرا مسألة القرصنة في سواحل صوماليا، واحدة من بواعث الرغبة في إنشاء الأفريكوم، لكن في كل الحالات ومهما كانت المسببات والدواعي، فإن أمريكا ليست ساذجة للدرجة التي تجعلها توزع " جنودها " في عدة مناطق من العالم، من أجل عيون الآخرين، إنها المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة. أما بخصوص الجزائر، فإن التنشئة السياسية للمجتمع الجزائري، وحركة التحرر طيلة قرن من الزمن، وثورة نوفمبر المجيدة، تجعلنا ننظر لأي تواجد عسكري بمثابة احتلال، لذلك لا يمكن للجزائري أن يقبل بقاعدة الأفريكيوم، ولا حتى بقاعدة " ألجيكوم " ..