تذهب قراءات العديد من المتتبعين للشأن الوطني إلى أن التنظيم الإرهابي الذي يتزعمه عبد المالك درودكال والذي يُصطلح على تسميته "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، سيعرف نزيفا متواصلا للنزيف الحاصل حاليا في صفوفه خلال الفترة المقبلة، استجابة للنداء الذي وجهه عماري صايفي المدعو عبد الرزاق البارا والذي دعا فيه إلى التخلي عن العمل المسلح، ومن شأن هذا النداء تهيئة الأرضية لإجراءات تكميلية لمسار المصالحة الوطنية. يستند أصحاب هذا الطرح إلى الشعبية التي يتمتع بها البارا وسط عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي انضوت تحت لواء تنظيم القاعدة مطلع سنة 2007، باعتبار البارا من المؤسسين للجماعة، وكان يشغل منصب نائب الأمير الوطني ووراء تنفيذ العمليات الأكثر نوعية في مسار التنظيم المسلح وهي عملية اختطاف السياح الأجانب في قلب الصحراء، إلى جانب كون نداء البارا والذي حمل عنوان "براءة واستنكار" جاء بعد النداء الذي حرره الأمير الأسبق للجماعة حسان حطاب وعدد من القيادات السابقة يدعون فيه الشباب الذي ما يزال في الجبال للتخلي عن السلاح والاستفادة من تدابير العفو الواردة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ويذهب بعض المتتبعين إلى أن نداء عبد الرزاق البارا وما سبقه من نداءات وجهها قياديون سابقون في الجماعة السلفية للدعوة والقتال من شأنها تهيئة الأرضية لاستكمال مسار المصالحة الوطنية، فشهادات العديد من التائبين تؤكد الصعوبات التي يواجهها التنظيم الذي يتزعمه عبد المالك درودكال في الفترة الأخيرة في تجنيد الشباب لأن التنظيم أصبح فاقدا للمصداقية في الأوساط الشعبية خاصة بعد لجوئه إلى العمليات الانتحارية في الأماكن العمومية والتي أودت بحياة مئات الأبرياء، وهو ما دفع قيادة التنظيم إلى اللجوء لتجنيد الأجانب خاصة الأفارقة وتعهد إليهم بتنفيذ عملياتها، فضلا عن الحصار الذي يواجهه درودكال وأتباعه من قبل قوات الجيش الوطني الشعبي التي ترصد تحركات عناصر التنظيم ونجحت في تحييد العديد منهم. ومن غير المستبعد من وجهة نظر ذات المتتبعين أن يشجع تراجع العمل المسلح وتخلي نسبة معتبرة من الشباب عن السلاح، رئيس الجمهورية على المبادرة بإجراءات أخرى في إطار تعميق وتعزيز مسعى المصالحة الوطنية مثلما أعلن عنه خلال الحملة الانتخابية وإمكانية الذهاب إلى عفو شامل إذا ما توفرت الظروف المساعدة على ذلك، وفي مقدمتها تخلي بقايا الجماعات المسلحة عن أسلحتها كشرط أساسي يتمسك به بوتفليقة قبل استشارة الشعب الجزائري حول العفو الشامل، ويرجح البعض أنه وفي غضون أشهر سيسلم أغلب المسلحين أسلحتم للسلطات الأمنية للاستفادة من تدابير العفو استجابة لنداء القادة السابقين للتنظيم، خاصة وأن بوتفليقة ترك آجال المصالحة مفتوحة، وقال إنه لن يحددها بزمن، فضلا عن أن هذه النداءات تزامنت مع الفتاوى التي أطلقها عديد من الدعاة والمراجع الدينية الإسلامية والتي أسقطت كلها الشرعية عن ما تقوم به هذه الجماعات المسلحة باسم الإسلام، وأن الإسلام لا ينص على استباحة دماء المسلمين. وفي المقابل يتوقع بعض الملاحظين أن يبادر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يقوده درودكال بعمليات استعراضية كرد على هذه الدعوات التي أطلقها القادة السابقون في الجماعة السلفية للدعوة والقتال وفي مقدمتهم حسان حطاب وعبد الرزاق البارا، في محاولة للتظاهر بأن التنظيم ما يزال موجودا.