أدخل "الخضر" الفرحة إلى قلوب الجزائريين كلّهم جميعا، فقد كان انتصارهم جرعة أوكسجين ليتنفّس هذا الشعب بعمق بعد ضيق المعيشة وضعف الحال وسنوات الدم والدموع.. لم يفرح الجزائريون مثلما فرحوا أول أمس بالفوز على الفراعنة وقهر شوكتهم و"تعاليهم" الزائد والزائف أحيانا، فقد مرّ وقت طويل على الانتصار الكبير عام 1990 بإحراز اللقب القاري ونيل كأس إفريقيا للأمم.. مرّ وقت طويل وهاهو المنتخب الوطني لكرة القدم يكشف عن نواياه في الذهاب بعيدا في تأهيليات المونديال ويبعث الأمل في قلوب الملايين الذين خرجوا في كل المدن والأحياء تعبيرا عن سعادتهم الكبيرة. كل هذا من جميل ما صنع الشيخ سعدان وأبناؤه، إضافة إلى التنظيم الجيد والروح الرياضية بين اللاعبين الأشقّاء. لكن ألم يكن مسيئا لنا جميعا أن يقوم معظم جمهور الملعب بالتصفير عندما عُزف النشيد الوطني المصري؟ هل هذه هي الطريقة المثالية لتشجيع الفريق الوطني ومناصرته؟ من المعيب حقّا أن تتكرّر هذه المشاهد الكريهة في كل مباريات الفريق الوطني مع منافسيه، وليس من الأخلاق الرياضية تماما أن يُنظر للمنافس على أنه خصم أو عدو لدود..! ثم هل كُتب علينا أن لا نعرف كيف نعبّر عن أفراحنا وانفعالاتنا الإيجابية؟ لماذا تعمّ الفوضى ويطلق العنان للتجاوزات القانونية والمرورية وللسرعة حتى تقع الحوادث ويسقط الضحايا خاصة من الأطفال؟ إن المنتخب المصري هو في مرتبة منافس المنتخب الوطني ضمن إطار لعبة كرة القدم وليس شيئا آخر، ومن أراد أن يُخرج المنافسة عن إطارها ويقدّم تفسيرات وتأويلات مغرضة فلمرض في نفسه ولا يُلزم أحدا به.. إن رباط الشعبين الجزائري والمصري أكبر من ترّهات ووساوس هؤلاء وأولئك، والأخوة التي بيننا والدماء المشتركة من أجل تحرير الأرض وصد العدوان والنضال والميراث وتاريخ التضامن..كلها تشهد بهذه المكانة وهذا القدر من المحبّة، ومن يتحدّث عن الحساسيات عليه أن يترك كرة القدم لأهلها، فالجزائريون يناصرون فريقهم الوطني بكل قوة ليتأهل إلى المونديال وكأس إفريقيا، مثلما يتمنون لمصر ولكل الفرق العربية أن تحجز مقعدا لها في جنوب إفريقيا.. لا تعبثوا بأفراحنا..فقد مللنا من الإساءات المغرضة..فنحن أمة واحدة..!